الأحد، سبتمبر 29، 2013

تحدي الوحي , و تجريد الأفكار .

لا أذكر المناسبة بدقة أو حتى الجملة التي قلتها لوالدي ..كانت تقريبًا أمنية تمنيتها أن أعيش في عصر  النبي و البعثة . قال لي و هو ما اذكره جيدًا هو أن المرء قد لا يضمن في أي موضع قد يوجد حتي و إن كنا نراه في يومنا هذا عصر جميل , أليس من الممكن أن تكوني مكان أبا لهب الذي كان يحارب الرسول أو زوجته حمالة الحطب التي كانت تضع له الشوك أو اي من المنافقين أو أي شخص ليس بالضرورة يهتدي للإسلام ؟؟ ليست العبرة بالعصر إذن و لكن العبرة بمكاننا فيه . أعجبتني تلك الحجة كثيرًا , و لكن كلما كبرت كلما فهمت أن لها أبعاد أعمق مما يبدو ظاهريًا .  

                                         *****************************


التجربة الإنسانية مختلفة تمامًا عن التجربة الحضارية . التجربة الإنسانية ذاتية لابد أن يخوضها المرء بنفسه , تبدأ كقصة جديدة تمامًا مع كل إنسان يولد و تنتهي معه بموته . قد نتشابه ظاهريًا في الإحتياجات , جميعنا يحتاج لمشاعر الأبوة و الأمومة ... نحتاج للأصدقاء و الصحبة و العائلة , نحلم بالحب من النوع الآخر و الزواج منه و تكوين أسرة , و أن نشعر بمشاعر جديدة تجاه الأبناء ... نحتاج لنشعر بقيمتنا و أن ننجح في عمل نحبه و نجيده و يجعل لنا قيمة إجتماعيًا , نسعي للغاية الكبرى و السؤال المؤرق , لماذا نحن و كيف وجدنا و كيف كنا من قبل و ما هو مصيرنا النهائي ؟؟؟  لذا الحديث عن النفس و الإنسانيات لا يمل منه ....

عكس التجربة الحضارية و التي هي تراكم كمي مادي لنشاط و فعل الإنسان خارجيًا  . يتطور هذا النشاط بتطور الإنسان ( إستثناء انه لا يتطور في منطقتنا العربية و لكنه يتطور في كل العالم من حولنا ) ككل المخترعات الحديثة حولنا . الحديث في تلك الأشياء يتقادم , لانه تظهر علوم جديدة دائمًا تحل محل القديم أينعم هناك اساسيات لا تتغير نبني عليها دائمًا و لكن هناك تطور في المنتج النهائي يتغير دائمًا .






 و بناء علي التصنيف السابق , فتجربة الإيمان ( الأسئلة الكلية و النهائية ) هى تجربة إنسانية ذاتية بإمتياز . لا تتقادم بتقادم الزمن . سيظل هذا السؤال يواجه كل إنسان يولد من جديد علي تلك الارض و يواجه هذه الحياة . هذا كلام معروف و قديم ....


ما المشكلة إذن ؟؟
لا توجد مشكلة , و لكني مع تأملي وجدت اننا نستغرق في الماضي أكثر مما ينبغي ولا نضعه في موضعه الصحيح حتى نرغب في أن نحيا به , صحيح أن الرسول عليه الصلاة و السلام  قال خير القرون قرني ثم الذي يليه ثم الذي يليه , و سكن , اي أن أول 300 عام هم الأفضل ...
و لكني أيضًا مؤمنة بعدل الله حتي في إختلاف القرون و الأزمنة , فقد قال الرسول أيضًا الخير في و في أمتي إلي يوم الدين , فلن ينعدم الخير الجزئي إذن حتي و إن قل الخير الكلي ....
هناك دائمًا أمل في أن نكون و نلحق بهذا الخير المذكور إلى يوم الدين .


 من يرغب في أن يعيش في زمن النبوة غالبًا ما يرى النتيجة النهائية ( أو التي يتخيلها نهائية لإنتصار الخير آن ذاك )و غالبًا ما يغفل عن أمرين :


1 - أن تلك النتيجة لم يكن ليصوا إليها إلا بشق الأنفس ... لنتظور تصور خرافي أننا جمدنا الزمن في أول 9 أعوام من البعثة حيث مقاطعة قريش للمسلمين ,  و سالنا كل فرد فيها عن رأيه فيها يحدث . كان المسلمون يسامون سوء العذاب و لا ينبئ باي خير  لم يكن لهم أي بارقة أمل منطقية من أي نوع . هل كانوا يعلمون الغيب ليثبتوا كل هذا الثبات و يتأتي لهن النصر ؟؟؟ نحن نرى الأمر بأثر رجعي و لكن عند معايشة المعاناه و الحدث نفسه يكون الأمر جد مختلف .

2 - أنه لا يوجد إنتصار درامي في الدنيا , تصدح الموسيقي المؤثرة و تغلق الستارة و تنزل كلمة النهاية و يذهب الجميع للمنزل فرحين مسرورين ... ليس الامر بهذه البساطة.. مادامت الحياة موجودة سيكون هناك صراع أبدي . يمكنه أن يراجع السيرة ... منى استراح المسلمون ؟؟ هل بعد فتح مكة ؟ أم بعد وفاة النبي ؟ أم بعد تولي ابو بكر الخلاقة ؟؟ أم بعد حروب الردة ؟ أم بعد تولي عمر ؟؟ إلخ , يمكننا ان نستمر في التساؤل حتي يومنا هذا و سنصل إلي نتيجة أنه لا توجه نهاية حقيقية للصراع . فقط كل يدلي بدلوه الفترة التي قدر له فيها ان يشهد هذه الملحمة البشرية القديمة . و سنرى النهاية الحقيقية في الآخرة إن شاء الله .   

                                     **********************************

  عندما نزل الوحي علي النبي , نزل عليه و لم يكن قد مارس تلك التعاليم من قبل , و لكن يكن لديه الوسيلة للتأكد هل هذا كلام صحيح و فيه صلاح للدنيا و الآخرة أم لا  , خاصة الوضع الإقتصادي و السياسي لقريش مستقرًا نسبيًا فلما يترك ما هو مستقر من أجل ما هو مجهول , و ليس مجهولًا فقط و لكن سيجر عليه ويلات من كل نوع لا تحصى ؟؟



 أعتقد أن التحدي الأكبر و الأعظم في أي وحي و أي رسالة إلهية هو أنه ينتقل بك من الماديات إلي مصاف الأفكار المجردة . الأفكار التي لم تطبق بعد . أنت تسير وراء الفكرة بشكلها المجرد , تريد أن تطبقها , قد تتداخل أهواء ’ قد يجور عليها ضعف بشري , قد يعيبها سوء فهم من البعض , فهذه هي المعركة الذاتية التي ينبغي أن يخوضها كل إنسان .  و لكن تظل الفكرة المجردة هي المرجعية الحقيقية و الوحيدة لنا . و هي التي ينبغي أن نسعى لتطبيها . 




ألا يذكركم هذا الكلام بمأساتنا المعاصرة ؟؟

نعم . فنحن و ياللمفارقة بعد كل تلك السنوات عدنا لما يشبه نقطة الصفر . إعترانا جهل و تخلف و عصبية و عدم فهم كبير , أدت الممارسات المشوهة لجماعة الإخوان أو السلفيين السياسية في تنفير فريق كبير ممن لم ينشأوا علي تعاليم الإسلام الصحيحة و فهم سليم له . و اصبحنا نسمع عن زيادة معدل الإلحاد . هل مقبول أن نعزو إنكار فكرة كفرة الإسلام لتطبيق خاطئ لمثل تلك الجماعات ؟؟؟

للأسف الشديد من يفعل ذلك يخلط تجربة ذاتية لابد أن يمر بها هو بفسه ليكتشفها  بممارسة الآخرين الخطأ لها . الامر ليس تراكميًا فهي ليست تجربة حضارية . و ليس لأن أحدهم قدم صورة خاطئة عن الإسلام أن نكفر بالإسلام ككل . طبعًا كلامي غير موجه لمن لا يعترف بالتجربة الإيمانية عمومًا فهذا مستوى آخر ليس مجال حديثنا ها هنا . يذكرني تشابة الحكم ( و طبعًا ليس المثل نفسه ) بمن يكره الزواج و يكفر بالحب فقط لأن له صديق غبي لم يوفق فيه و لم يفهمه قبل ان يخوض تلك التجربة فقرر صديقه بالنيابة عنه ان يعمم ان الزواج تجربة فاشلة من بابها !!  التحدي الذي واجهه المسلمون الأوائل نواجهه نحن و لكن بصورة أخري , كيف يمكن أن نجرد أفكار الوحي و لا نحكم عليها من نماذج سابقة ؟؟

 هم لم يكن  عندهم مثال سابق و نحن لدينا مثال تم تشويهه تمامًا فلا يعنينا من شوهوه و لكن يعينا المعين الأساسي من الأفكار .رحلة الإيمان و البحث الحقيقي عنه من أصعب ما يمكن أن يواجه المرء , و لابد ان يستعين عليها بالدعاء الشديد حتي يهديه الله ... و ليست بالضرورة أن تكون في أيام النبي كي تشعر بها . التحديات موجودة هاهنا و لديها من الصعوبة و التشوية ما يكفيها  .... فهل قبلنا التحدي و كنا أهلًا له  ؟؟



 اللهم أرنا الحق حقًا و ارزقنا التباعه و ارنا الباطل باطلًا و ارزقنا إجتنابه .  

السبت، سبتمبر 28، 2013

عن الإختلاف ... و إشكالية "خالف تُعرف "


عندما شاهدت فيديو * الطالبة التي رفعت شعار رابعة و كسرت الشكل العام للنفاق الإجتماعي الفج , رد فعل مبالغ فيه و سخيف للغاية ان يكون كل هذا التشنج و العصبية فقط لإشارة بسيطة . أعتبر تلك الفتاة بطلة حقيقية من الناحية النفسية , فهي لم تتماهي معهم أو حتي تكتفي بالصمت و لكنها رفضت أن تكون مجرد فرد في القطيع الذي مثلته الفتيات اللآتي رددن عليها بعلامات النصر و السيسي , و اصرت ان تقول ما تريد و تراه صوابًا . 



تصرف تلك الفتاة دفعني لسؤال آخر , هل كل الخروج عن النص المرسوم فعل محمود ؟؟ يعني هل دائمًا القطيع هو الغبي و الفرد الشارد هو المتميز المتفوق ؟؟ هل التمرد في حد ذاته كفعل هو الغاية ؟؟


أجد تلك الفكرة في إزدياد مستمر تلك الأيام ... لابد من التمرد دائمًا و نبذ كل ما هو قديم . فلها صور كثيرة جدًا حولي ...

 يتم التندر علي افراد جماعة الإخوان لانهم لم يتمردوا و لايزالوا في قطيع , يتم السب في النظام التعليمي كله علي بعضه فقط هكذا و إن سألت ما هو وجه الخلل بشكل من التفصيل كي تفهم اكثر يُقال لك كلمة غاية في الإختصار و حتي و ان كانت حق فهي اريد بها باطل ( اصلنا بنحفظ و ولا نفهم ) ... يتم السخرية من غالبية الوصفات التقليدية الشعبية في الطب التقليدي بحجة البدع و التخلف ... و يتم قياس العروسة الجيدة على أنها ( مش عايزة نيش ولا أي متطلبات البته لا مهر ولا شقة ولا أي شئ لأن كل تلك الاشياء بدع قديمة لابد من الثورة عليها )  ... هناك من يصنع من الدولة الحديثة صنمًا لا يكف عن رجمه إن حدثت له اي مشكلة ايا كانت كأنها هي الشيطان الأعظم ...  حتي بعض الفتيات يفكرن في خلع الحجاب لانهم لا يردن أن يكون تحت رحمة المجتمع ولا يتأثرن به وليسوا أغبياء كالغالبية العظمي التي تفعل الاشياء فقط لانها فرد من القطيع المجتمعي .




 أتفهم تمامًا كل تلك الدعاوي السابقة , فعندما نكون في مجتمع متخلف بليد غير قادر علي الإبداع ولا توليد الأفكار , يكون التفكير الثوري من الشباب هو عبارة عن رد فعل بنفس مقدار التخلف الواقع عليهم و لكن في الإتجاه المضاد  .  في تلك الأمثلة السابقة قد أتفق مع بعضها و أختلف مع بعضها الآخر ...  لماذا ؟؟ 


لأن المفتاح للأشياء هو : الفهم ... و ليس التمرد في حد ذاته كغاية . فالاختلاف للإختلاف يجعل كل المختلفين دون فهم لا يختلفون كثيرًا عن من يظنوهم قطيع تركوه . دون فهم سيتحولون هم لقطيع آخر و لكن في الجهة المضادة لا معني له إلا انه مقلوب الآول . فهم الغايات الكلية من أي شئ و أي عمل هو ما يجعل المرء يتصرف تصرف له معني . سواء كان داخل القطيع أو خارج عنه .


لنفد مثلًا الأمثلة التي ذكرتها فوق .


-  نظرًا لأننا لم نترب أساسًا علي ثقافة العمل الجماعي , و عندنا خلل في منظومة القوانين أي أنها لا تسن للتسهيل و لكن للتضييق علي خلق الله فكان التحايل عليها من اساسيات الحياة في مصر .  و هذا سبب اساسي من ضمن اسباب فشلنا ان نكون مجتمع حيوي ,  ... فبشكل عام نحن علي مستوي المجتمع لسنا نفهم طبيعة تكوين الإخوان من الناحية الإجتماعية لاننا لم نمر بتلك التجربة ولا يوجد شئ شبيه وعينا الجمعي . فلا نفهم كيف هم مترابطين و كيف ان هناك رابطة قوية جدًا علي مستوي الافراد . هناك خلل رهيب في اشياء كثيرة عند الإخوان لا يوجد عاقل ينكر ذلك و لكن عدم الفهم يؤدي للحكم بشكل سطحي انه من يرفض ان يتركهم هو  خروف (و عذرًا في اللفظ ) هناك اعتبارات اخرى تحكم الامر و ليس الامر بهذه السطحية . 


- بالنسبة للنظام التعليمي الذي يتم سبه دائمًا . حسنًا أعلم ان التعليم الأساسي حاصل علي المركز الأخير 148 علي مستوي التعليمات الاساسية في العالم . و لكن ما هي المشكلة حقًا ؟؟ هل هي الحفظ ؟؟  . إنظر الي المناهج لتعلم ان المناهج اصبحت غاية في السطحية . اصبح الطلاب لا يحفظون جدول الضرب و يستعيضون عن ذلك بالآله الحاسبة في الصف الرابع الإبتدائي (إذن هم فعلًا يقللون الكم المعطي للطفل فعلا و يقللون الحفظ) و لكن هل حل هذا المشكلة ؟؟ بالطبع لا . لماذا ؟؟ لانه لا يوجد فهم ولا توجد رؤية كليه للأمر . لا توجد خطة عندما يترك الطالب المرحلة الاساسية يمكنه ان يكون مواطن صالح بحق . ما هي الاشياء التي ينبغي ان نغرسها في طالب المرحلة الابتدائية / الإعدادية / الثانوية ؟ هل يمكننا اختصار الوقت للازم لغرس القيم الاساسية ؟؟ لا اعتقد ان اي ممن يعملون في العملية التعليمية ( المدرسين لديهم قدرة علي الرؤية الكلية ناهيك عن تدريسها للطلبة لتكون اسلوب تفكير علمي لهم . الامر لم يكن ابدًا كم حفظ كبير او صغير و لكن اجرائي بحت . ليس الحفظ ابدًا هو المشكلة بل هو ضروري فعلا لبعض المواد  . فلابد ان يكون الفهم جنبًا لجنب مع الحفظ ولا يكتفي بأحدهم دون الآخر .




- إن كانت لدينا قدرة حقيقية علي البحث العلمي , يمكننا ان نخضع كل الوصفات في الطب التقليدي للتجربة . فلا نرفض فقط للرفض لانه لم يوجد في الكتب الأجنبية التي درست ,  فلا يمكن الحكم بخزعبلية وصفة خاصة ان كانت مجربة بالفعل و تؤتي نتائج ايجابية .المفترض ان اجري ابحاث عن لماذا تنجح تلك الوصفة او ما هية الاسس العلمية التي تجري عليها , و ان كان هناك شئ لا علاقة له بالطب او البحث فيمكننا اثبات فشله بمنتهي السهولة .   للاسف العقلية العلمية الحقيقية التي تدربت علي الفهم العميق ليست متوافرة في مصر ( أن اراقب ظاهرة و ابحث عن اسباب و اضع عدة سيناريوهات  اجرب طرق الحل و اضع تقييم في النهاية ) فحتى الابحاث العلمية الموجودة هي ابحاث مستوردة أو اجراها اجانب هنا .   




- جائني سؤال علي الآسك في مرة ان هل عندي نيش , و اجبت بلا , و لكن الامر لا يقاس هكذا , فهناك من يحتاج هذا النيش , و هناك من لا تحتاجه , نأتي مرة أخري للفهم ... التيسير في متطلبات الزواج قد يتم استخدامه في بعض الاوقات لتبرير كسل العريس أو حتي بخله في ان يأتي بالاساسيات . و هناك من تري أن الشخص المتقدم لها فعلا رجل بمعني الكلمة و تقرر التنازل الطوعي عن حقها في سبيل مساعدته . و هناك فعلًا مغالاة في هذا الامر من أهل العروس ( و لو اني بعدما عرفت عادات الريف و الصعيد في الزواج و صرامة تقاليدهم مقارنة بسيولة المدن و ان كل اسره تفعل ما تريد و غير متقيدة بعرف اجتماعي , وجدت ان فتيات المدن أقل مهور و تكاليف :D ) فلا يوجد مقياس ثابت و لكن لكل حالة و كل حادث و له حديث . الاساس هو فهم مسؤولية هذا الامر . 



-  بعض اطروحات منتقدي الدولة الحديثة تدعوني للسخرية و التعجب . هل حقًا انتم مدركين لما تنتقدونه ؟؟ انتم تنتقدون بديهيات أي عمل بشري منظم و تعطون للمجتمع قدرة فوق قدرته . لا يمكن ترك الامر للسوق وحده . و هناك اشكاليات كثيرة لا مجال لذكرها و لكن مفداها ان تلك الأطروحات مبنية علي سياسة رد الفعل لما هو حالي و ليست الفهم العميق .  




- أما عن مشكلة الحجاب و خلعه , فللاسف هذا امر غاية في التركيب , و لكن مفداه أننا كمجتمع لم نترب تربية دينية و إيمانية سليمة و ظللنا نبعد و نبعد عن المعين الحق , و جائت كل المحاولات لرتق الصدع تقع في موقف ( رد الفعل الرافض لكل شئ و الجاعل لدور النساء فقط كأم و زوجة لا شئ غير ذلك و تناسي دورها الإنساني الإجتماعي ) فأدي لذلك لنموذج منفر للغاية جعل فتيات كثيرات يرفضن الشكل التقليدي للإسلام ( بما في ذلك الحجاب ) و تعددت ردود الافعال بين الالحاد الصريح و بين الوقوف مسافات من تلك الفلسفة . ما أدري لذلك هو الجهل و عدم الفهم و عدم وجود قدوة ( و إن وجدت يتم محاربتها بضراوة و عدم الإحتفاء بها ) .



بعد تفنيد كل الأمثلة السابقة الآتية من فلسفة " خالف تعرف " علمنا أن المشكلة ليست في المخالفة و التمرد للتمرد . ليس كل تمرد محمود و ليس كل سير مع الغالب منبوذ , و لكن المشكلة الأساسية هل يوجد فهم لما نفعل و إدراك للصورة الكلية و التبعات و بديهيات تفكير منطقي أم لا . وفقنا الله و إياكم لما فيه الخير .  


----------------------

* فيديو الطالبة http://www.youtube.com/watch?v=hPoDNUGS-UQ

الاثنين، سبتمبر 09، 2013

مالكولم إكس


في ظل تلك الظروف العبثية التي تمر بها البلاد , أردت ان افصل لانه فعلا الامر صعب لنشاهد فيلم , ممم ماذا تفضلي ؟؟ ماذا عندك ؟؟ ... مالكولم إكس ؟؟ نعم . ما طوله ؟  ثلاث ساعات !! أم أعد استطيع صبرًا لمشاهدة شئ , لا أدري لما و لكني سمعت عن مالكولم أكس و أعرف عنه بعض المعلومات . قلت فرصة اقترب من تلك الشخصية أكثر .  








ما هذة البداية ؟؟ هل هذا هو ما سمعنا عنه الحكايات ؟؟ شاب بالتعبير الدارج "مُبيأ " لا يعرف كيف يرتدي ملابس متناسقة , يزني و يدمن المخدرات و يتعرف علي عصابة و ينشق عليها و يدخل السجن  !!!  كيف يمكن أن يكون هذا الشخص من يحكون عنه ؟؟ ثم قابل في السجن من قلب حياته رأسًا علي عقب و جعله مواطن صالح . لا أدري لماذا لم أعد اثق في أن يمكن لشخص أن يتحول تحولًا دراميًا و يتبدل حالة 180 درجة هكذا . 


 عند تركيزي أكثر علي شخصية مالكولم , وجدت أن الشخصية بشكل مجرد لم تختلف , الفارق في الإطار الذي وَضعت نفسها فيه . عوامل نشأتها من كونه إبن لقس شجاع لا يستسلم مثلما يفعل من بقي من معشر السود جعلته متمردًا , و تم قتل ابوه في النهاية علي يد بعض العنصريين البيض ...  و بالطبع مسؤولية تربية اربع ذكور في مجتمع قاسي جعلت الأم تصاب بالجنون و شق كل طفل طريقه , و غير واضح كيف كانت علاقة مالكولم بأشقاؤه في الفيلم بعد ذلك . كون والدته اساسا بيضاء و تزوجت والده لظروف نفسية معينه مرت هي بها أظن أنها اثرت عليه بشكل أو بآخر , و هي من أورثته شعره الأحمر الغير معتاد لسود البشرة حتي أن إسمه كان ريد في البداية ...



هو إنسان متمرد و ذكي لأقصي درجة , يفهم إمكانياته جيدًا و يجيد توظيفها .... و من ضمن ذكاؤه مرونته و عدم تصلب الراي و تلك الميزة الآخيرة هي ما جعلته يتطور بسلاسة و أحسب انها ما صنعته حقًا .    
 ظهر تمرده في : رغبته أن يكون محامي ؛ فهو منذ سنه الصغير أدرك ملكته في الخطابة و حضور البديهة في الكلام و ظهر في إذلال الفتاة البيضاء التي كان يرافقها و في عمله كطاهي و في السجن أخيرًا عندما رفض حفظ الرقم الذي يعبر عن هويته و تم حبسه حبس إنفرادي لكسر إرادته للتأديب . 



كما أنه اجاد توظيف ذكاؤه في السخرية من زعيم العصابة و إنشقاقه عليه , و في رئاسة العصابة الصغيرة التي كونها لسرقة المنازل و حركة قُرعة المسدس .



 كان يمكن أن يكون مثل آلاف المجرمين الذي تعج بهم السجون يوميًا في كل البلاد . و لكنه صادف في سجنه من دله علي جماعة تصبغ الدي الإسلامي في قوالب عنصرية بفهم مشوه ( يعني حتى المنكرات كانت تصاغ في صورة انها الأشياء التي يسيطر بها الرجل الابيض علينا / الشيطان علينا ) كانت هذه هي النقلة الأولي في حياته من ترك لحياة الضياع و بدأ بأن يكون إنسان محترم فعلًا و بدأ القراءة في القاموس في السجن .


خرج من السجن ووجد أن الحياة التي تؤمنها له الهيئة التي انضم لها و التي تتبني فكرًا مشوهًا عن الإسلام تشبع طاقة تمرده في الحنق علي كونه اسودًا و نظرًا لانه خطيب مفوه و ذكي استطاع ان يصل و يحقق شهرة ... كانت علاقة بإليجا محمد رغم فساد الأخير ضرورية , لان المرء دائمًا في حاجة لمن يضع له اساسه الفكري  او يعطيه أدوات التفكير , و أعتقد ان هذا ما فعلته تلك الفترة به ...

كانت ضرورية علي الرغم من درامية انفصاله عنهم . و كانت زوجته هي ما نبته لفساد رؤساء تلك المنظمة و كانت تلك هي نقطة التحول الثانية في حياته ... ليس من السهل أبدًا ان ينفصل المرء عن اباؤه الروحيين الذي صنعوه فكريًا حرفيًا و كان هذا موقف صعب للغاية بينه و بين زوجته نافذة البصيرة ... و لكنه لنفسه الحره لم يعمه حبه عن أن يتبين الحق و إتبعه رغم صعوبته و أنفصل عنهم .


 أما عن الموقف الثالث و التي يتجلي فيه مرونته في التفكير , هو أنه تخلي عن القالب العنصري الإسلامي بعد رحلة الحج التي قام بها لمكة . و استوعب ان الإسلام دعوة عالمية فعلا تتعالي علي تلك الأيديولوجيات , ليس من السهل علي أنسان نشأ في مجتمع يضطهد السود و اتخذ الاسلام كوسيلة للتغلب علي هذا الإضطهاد أن يترك تلك الفكرة و يعتنق الإسلام الحقيقي .


 لولا تلك العقلية المرنة لما استطاع الوعي بمكانه الحالي و الإنتقال لذكان افضل عندما يرى ذلك و هذا نجح في تحقيقه في 3 مواطن : ترك الإجرام و الإتجاه ليصبح مواطن صالح , ترك المنظمة التي بنته و نشأ فيها بعدما تبين له فسادها , ترك النظرة العنصرية للإسلام و اتجه للإسلام الحقيقي الصواب



.==========================================================

من اللقطات التي أعجبتني للغاية جزئية استعراض حياة المجرمين الذين تركهم قبل عشر سنوات من دخوله للسجن و كيف انه دمرت حياتهم تمامًا . قد تكون الصياعة و البلطجة جذابه و خادعة لانها تعطي شعور زائف بالقوة و لكنها في النهاية لا تؤدي لشئ حقيقي بالإنسان .


من النقاط الجميلة التي تستحق الإشادة , هي عند التعرض لقصة زواجه كان الأمر معروض غاية في الرقي , لم يجعلوه يسف مثلًا أو يعود لأيام الشقاوة  و تم التناول الحقير للحب علي انه مرادف للزنى , لكن كان إعجاب  "طبيعي , و حقيقي شعرت بصدقه للغاية و توج الأمر ببساطة بالزواج . لاني اشمئز للغاية من اطفاء لمحة "عصرية " علي قصص الحب العفيفة في الروايات التاريخية ذات السمت الإسلامي كي تكون مثيرة و جذابة . ( فيلم فاتح التركي نموذجًا للإنسحاق القيمي )   

اللقطة الأخري , عندما كان يسير في طريق ملئ بالعاهرات و المنازل القذرة و الاطفال المشردة و كانت هناك خلفية لخطبة تقول ان الرجل الابيض يريدنا في هذا المستنقع الموحل حتي لا نكون علي قدر منافسته ابدًا . شعرت أن هذه هو حالنا مع الفارق طبعًا . المجتمع الغافل خائر العزم هو مجتمع العبيد المُساق .  من أكثر الجمل التي آلمتني و شعرت فيها بغصه و صدق و معاصرة للاسف الشديد : في مكالمته الأخيرة مع زوجته كان يقول لها أنه كان لدينا أجمل منظمة لتجميع الجهود و توجيد الصفوف و لكن للأسف تم تخريبيها بيد السود لا سواهم , ياللخسارة .  جدير بالذكر ان المنظمة التي انشق عنها هي من خططت لقتله و نجحت في ذلك  و ليس العنصريون البيض .  

(19 مايو 1925 - 21 فبراير 1965) أي عاش تقريبًا 40 عامًا 
=========================================================== 
قصة هذا الشخص ملهمة للغاية و دفعتني للحصول علي سيرته الذاتيه و قرائتها للإقتراب و الوقوف علي شخصيته و كيف كان يفكر و يتصرف و ما هي أهم اقواله و كيف كانت الظروف حوله . رحمه الله رحمة واسعة و اسكنه فسيح جناته .