الثلاثاء، أكتوبر 13، 2009

قشطة 3- قصة واقعية حدثت- الجزء الاخير


اين وصلنا ؟؟؟
نعم كانت عدد الشرائح و المسامير شريحة و خمس مسامير , تستكمل حوارها و تقول

لم يقف الامر هاكذا , رفض الجسم الشريحة و المسامير... فاضطروا لعمل عملية تانية لصنع شريحة من عظام الجسم بشكل طبيعي , اضطروا ان يفتحوا في عظام الحوض و اخدوا منها شريحة طبيعية , و عندما وضعوا الشريحة , اضطروا لاضافة مسمار اخر ليصبح العدد 6 مسامير
و بعدين يا قشطة ؟
ابدا يا دكتورة .. الموضوع اخد له 3 سنوات لحد ما العضم ابتدي يلم تاني و يبتدي يرجع شبه الطبيعي ... قولت لها طبعا يا قشطة في الوقت دا مكنش بيشتغل و انت اللي كنتي بتشتغلي ومعاكي العيال
قالت ايوة
قولت لها و بتعملي فيهم ايه بقي لما بتروحي الشغل
قالت لي انا كنت بروح الشغل ,و هما مع امي , ارجع البيت اجهز له اكل و اروح له ( و حكت لي قصة طريفة في هذا الوقت ) لانه مش بيحب ياكل اكل المستشفي و هما مانعين ان حد يدخل بالاكل ...
كنتي بتعملي ايه يا قشطة ؟؟؟
كنت اخلي امي تدبح لي فرخة من علي السطح في يوم مثلا , و احطها في كيس و احط الكيس في صدر العيل الصغير و اكفي الواد علي كتفي
ابتسمت لفطنتها ...قالت لي و مش ببقي شايلة معايا حاجة يجوا علي الباب ابقولوا لي مفيش حاجة هتدخل تقوم ترد و قول يا رجل معييش حاجة غير العيل ,... تاخدة ؟؟؟
و تدخل المستشفي و تهرب له الاكل و كله بيمشي
:)
في مرة اخري جائت و حكت لي انها قدر تركت العمل حوالي 6 سنوات بعد ما الراجل خف و قام بالسلامة

قولت لها اخدتي اجازة يعني
قالت لأ
قولتلها امال ايه ؟؟
قالت قعدت مني لنفسي
قولت لها كدا
قالت اه
انا في غاية الذهول و لم انطق

استكملت : يا دكتورة الحكومة زمان كانت غير دلوقتي خالص دلوقتي لو حد مشي بيتسوح و مش بيعرف يرجع ولو رجع مش بيتثبت ... زمان بقي الدنيا كانت اسهل ... كمان كنا كتير في الدور ( بتاع 7 ) يعني واحدة لو غابت الدور مش هيتأثر دلوقتي كنا اتنين و حاليا بقيت لوحدي من بعد ما طقت في دماغه ( الله ياخده و يريحنا منه ) انه يسرح العمال المؤقتين علشان يجيب شركة نضافة , و ياريتهم عاملين حاجة ولا بتشتغلوا بذمة كل اللي فالحين انهم ياخدوا اد كدا و خلاص ولا بشتغلوا

قولت لها يعني انتي اخدتي اجازة ليه و رجعتي ليه ؟؟؟
قالت انا اخدت اجازة علشان تعبت فعلا يا دكتورة و الست بردوا مملكتها بيتها حتي لو كانت عشة و هو شجعني
لكن لاقيت ان الحالة مش مكفية و بعت كل شئ في البيت مبقاش فاضل غير العيال نبيعهم و انا بشتغل كان ممكن حد يراضيني , اعمل كباية شاي لعيان يطلع لي منها قرش و قرش علي قرش بتتقضي..... مش كل ما اقوله له هات هات هات يقوللي اجيبلك منين ...العيال يجوعوا يعني ؟؟؟
قلت لها و هو واقف
قالت لي لأ طبعا
قلت لها طيب نزلتي ازاي ؟؟؟
قالت لي حلف عليا بالطلاق اني ما انا نازلة قومت انا كمان حالفة بالطلاق اني نازلة و بعدين روحت اعمل ....
انا في غاية التعجب و استوقفتها لاني لم افهم ... قولت لها يعني ايه انك حلفتي بالطلاق انت كمان ؟؟؟
قالت يا دكتورة ما هي طلقة واحدة فطلقة بطالقة حلفت انا كمان اني هنزل
طبعا لم استوعب هذا المنطق العجيب و كتمت احزاني ان الحلفان بالطلاق في فم هؤلاء مثل اللبانه ... و علي كل سألتها ان تكمل
بتقول انها عقدت حوالي 6 اشهر بتجري بين الهيئة التابعه لها المستشفي و المستشفي لتنهي ورق العمل مرة اخري و حتي انها عملت الكشف الطبي في وقت قياسي ( كانت هذه حكاية مستقلة بذاتها ) فقالت لي مجملا ان هذا الكشف يأخذ عده اشهر و انهته هي في يومين و عندما قال لها المسؤول في الهيئة انت مين علشان تعرفي تخلصي الكشف بالسرعة دي قالت لي انها بالصدفة كانت في وحدة الكشف في القللي و كان جوزها بيتخانق معاها علشان مش تخلص الورق و مرتجعش الشغل و الناس التجمعت للتهدئة ( الصورة الواقعية القاتمة لحياة هؤلاء ) و من ضمن النساء التي خلصتها كانت مريضة عندها يوما ما في المستشفي و هي تعرفت علي قشطة و تذكرت عملها و انها عاملة في مستشفي .... و كانت قشطة قاعدة تزعق لها و مش واخدة بالها منها و تقوللها ايوة يا ست انت مين حلي عني انا مش حمل هزار اتم مش ناقصاكي ( لم تتذكرها قشطة ) و بعدين الست عرفت نفسها لقشطة و قالت لها مالك فحكت لها قشطة علي ان جوزها مش عايزها ترجع الشغل و هي خلصت الورق و فاضل الكشف الطبي و دخلتها في يومها و لم تجعلها تنتظر دور .
قالت لي بعد فترة يا دكتورة الحال بقي احسن و جيبنا الحاجة بالقسط و فرقت همومي علي الايام و الحمد لله عدت ...

قلت لها الحمد لله يعني الدنيا بقيت احسن
قالت لي يعني
قولت لها ايه تاني ؟؟؟
قالت لي انها سابت زوجها حوالي 3 سنوات و نصف
قلت لها لماذا !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
لم تجيب

لماذا تركتي زوجك يا قشطة ؟؟
كانت الاجابة التي عرفتها منها اول مرة بعد مرور شهر و نصف من سؤالي لها هذا السؤال
يعني يا دكتورة ظروف
ايه يعني ؟؟
اصلة كان ماشي مع طليقته الاولانية و تقريبا كانوا كاتبين ورقة عرفي

ذهلت انا من هول ما قالته
قلت لها بعد كل دا ؟؟؟ قالت اه !!!!
قلت لها و عرفتي ازاي ؟؟؟
قالت لي يعني انت عارفة ان الناس بتتكلم و لكن انا مش بصدق حد و عاملة ان مفيش حاجة و بعدين في مرة خرجت من المستشفي في وقت مش وقت المرواح علشان اشتري حاجة لحكيمة الدور و لاقيتهم ماشيين مع بعض اخر انسجام

قلت لها : و عملتي ايه ؟؟
قالت : ولا حاجة يا دكتورة مش هفضح نفسي . سكت ساعتها .احنا كنا في الشارع
قلت لها : هو عمل كدا ليه
قالت لي: هو غلبان يا دكتورة , و انت عارفة بقي النسوان ... لما سمعت انه بيلبس كويس و جاب محمول و كدا يعني قالت انه ياما هنا و ياما هناك و حبت ترسم عليه علشان تخليه يتطلق لانها هي كمان بعد ما سابته و اتجوةزت تاني اطلقت علشان ميبقاش حد احسن من حد

قلت لها و عملتي ايه بعد كدا
قالت لي انا روحت البيت عادي
و احنا متعودين انه لما يخلص وردية البلدية يرجع احضر انا الاكل و هو يجيب الطبقين ولا حاجة و ناكل سوا بنتعاون يعني
لاقيته ملوي و حاطط رجل علي رجل و مش عايز يتكلم معايا ولا ياكل و مش طايقني و بيعيب علي لبسي
قالت له لأ يا خويا اقف معوج و اتكلم عدل
قاللها مالك يا ولية
قالت مليش بس يعني مش هتطلعه علينا و عامة انا عارفة كل حاجة , مش خدوهم بالصوت و هما يكونوا عاملين بلاوي
بتقوللي بدأ يستعبط قالت له بقوللك ايه انا شوفتك بعيني حتي بالامارة كنت ماشي في الحتة الفلانية ومعاها الساعة كذا و عاملين كذا و هي لابسة كذا ...بتقوللي منطقش
المهم هي بتقول انها اصرت علي الطلاق و علي حد قولها بتقول اني دايقة معاه الصديد , و انت معك راجل مش ست روح شوف الستات اليومين دول بيعملوا ايه و يطلبوا ايه و كدا كدا انا طالع عيني يبقي قلته احسن .
هو شاط و هاج و ماج و هي اصرت و في مقابل انه يسيب لها العيال اخد كل الاجهزة الكهربائية ( علي الرغم من انها كانت اغلبها اللي دافعه المقدم بتاعة و جايباه بالقسط ) اخد كل شئ و مسابش غير العيال

طبعا انا في مرارة بقوللها و بعدين ؟؟؟
قالت لي ابويا نزل لي تلاجة قديمة و عملت جمعية و قبضتها الاول وجيبت مقدم بقية الحاجات و القسط بدفعة كل اول شهر و القسط مش بياكل حد
قلت لها حالك ساعتها كان عامل ازاي
قالت يا دكتورة كان يصعب علي الكافر بس الحمد لله ... كانت عندي جلابية واحدة تتوسخ اغسلها و تنشف و البسها تاني حتي مرة بتقول ان حد عيب عليها في الشارع و قاللها هو انت يا ام قشطة معندكيش غير الجلابية دي علي طول اشوفك لابساها قالت له لأ طبعا عندي الدولاب واقع من كتر الجلابيات بس دي اللي برتاح فيها . بس كله يهون علشان العيال تتكسي
عندما كانت تحكي لي كانت تتحدث بحيادية لم استوعبها
و في يوم اخر كنت اتحدث معها فعرفت انها كانت موجوعة في تلك الفترة بالجامد اوي و لكنها كانت تريد ان تظهر بمظهر صلب و هي من عادتها انها تطلع غلبها و قرفها في البكاء و قالت انها عملت ثلاث عمليات في عينيا لان دموعها نسبة ملوحتها زائدة و تظهر لها تجمعات تحت الجفن لابد من ازالتها بعملية

و بعدين يا قشطة ؟؟؟ قالت لي عرفت بعدين انه راح اتجوزها لكن مرتاحش معاها تاني و اتطلقوا و لما رجع لها بيقول انها مش ست عايزة تعيش و بتاعة مشاكل .

بس هو بقي قعد يبعت لها في مراسيل انها ترجع له و هي رافضة تماما ( طبعا لانها معه في نفس الشغل فهناك زملاء مشتركين كثيرين بينهما ) حتي هي كانت بتقول قولوله انها هتتجوز و مش عايزاه
قلت لها يا قشطة صحيح كنتي هتتجوزي ؟؟
قالت لي لأ طبعا يا دكتورة انا جربت حظي من الرجالة و خلاص عرفت نصيبي و اليومين اللي فاضلين لي افرح فيهم بالعيال و الحمد لله
قلت لها امال ليه كنتي بتقولي و تخلي المراسيل يوصولوه كدا ؟
قالت لي لانه كنت عايزة احرق قلبه زي ما حرق قلبي
و بعدين
قالت لي مرت الايام و انا عودت نفسي علي انه خلاص ممعييش راجل و هي بصراحة مش فارقة معايا طالما العيال بيناموا في حضني ... قلت لها امال رجعتي له ليه

قالت لي ابويا
ابويا كان بيغسل كلي و هو – طليقها – كان بيهم بيه بشكل خاص و يوصلة للبيت و يوديه المستشفي يومين في الاسبوع بدل من ابناؤه الذكور و في مرة ابوها قاللها و هي بتعدي تطمن عليه , يا قشطة الجدع شاريك . عارفه انه شاريني و بشوفه بيستني بعد شغله معظم الايام لما يطمن عليا اني روحت البيت بلمحه من بعيد. بس يابا
انا اللي يبيعني مشتريهوش و انت عارف انا عملت معاه ايه و كنت واقفه جنبه ازاي يرضيك اللي عمله معايا ؟؟؟ قاللي لأ بس الطيب احسن و انا عايز اطمن عليكي و ياريت ترجعي المية لمجاريها . قالت له يابا انا دماغي قفلت و هو اللي عمله معايا مش شوية
قاللها انا عارف بس انت عارفة الرجالة فيهم الداء دا بس الرجل طيب و كويس و ابن حلال و جدع و قاللها انا حاسس ان اجلي قرب و مش عايز اموت و انا قلقان مش مطمن عليكي
المهم بتقول انه خيرها بين رضاه عليها و انها ترجع لجوزها او مترجعلوش و يغضب عليها , و هي وافقت في الاخر علشان ابوها الله يرحمه
قلت لها مات ؟؟ قالت لي مفيش شهر
قلت لها و بعدين
قالت لي الحمد لله لما رجع عرف ان الله حق و انها جوهرة مكنش مقدرها و الحمد لله هما كويسين مع بعض لحد اليوم
هي لم تكن تريد ان تذكر لي تلك السيرة و كانت من قبل تحكي و تذكره بالخير , انه مش راجل نكدي و لما يتخانقوا هو ينزل يقعد علي القهوة و بعدين يرجع يقوللها هو مفيش يا وليه لقمة ناكلها تقولله يا راجل مش انت زعلان مني ؟ يقوللها محدش يقدر يستغني عن اكلك و يقعدوا يضحكوا

تمر الحياة بقشطة , و بالنسبة لزوجها هو كان ينتظر ان يرجع لها حتي يعمل عملية اخري فك المسامير, و منها عرفوا انه مريض بالقلب و لا يمكنه ان يتحمل البنج و سوف يعيش بتلك المسامير للابد , قلت لها هو بيدخن ؟؟ قالت لي حريقة 3 علب في اليوم !!!!!!!!!
صراحة لا يمكنني باي حال من الاحوال ان استوعب تلك المعضلة انسان يكاد يعيش علي الكفاف و مع ذلك يدخن 2 علب في اليوم بمعدل 600علبة في الشهر ... الا اعرف ما ثنت علبة السجائر و لكن اعتقد انه من اهم اسباب احتياجهم الدائم ان تصرف الفلوس القليلة في الكيف اللعين لا ادري حقا متي ستنخلص من هذا الشبح و المشكلة ان من يدفع الثمن بشكل غير مباشر هن نسوة من عينة قشطة التي تعمل علشان العيال مش تجوع لان الرجل ينفق علي الكيف بشكل غير حكيم و هي بنفسها لا تشعر بتلك المأساه

قلت لها انا عرفت يا قشطة انت قلتي ان دلوقتي هنا كتير عن زمان ليه

قالت لي ايوة يا دكتورة الحمد لله و هي حاجات هفتكرها مع العيال لما يكبروا بعد كدا نقعد تضحك عليها
دائما تردد عبارة : رضينا امره نافذ مرضيناش اره نافذ بردوا يبقي تغضب ربنا مننا ليه و هو امره نافذ في كل الاحوال ؟؟؟

مثل تلك القصص لا تنتهي ولا نصل فيها للنهاية السعيدة او التعيسة
هي مجرد حياوات اخري تتقاطع مع حياتها و يمكننا ان نستخلص منها الكثير و الكثير
من ضمن ما تعلمته منها ان *الفقراء لا يحتاجون الي منظرين قدر ما يحتاجون الي من يعمل بجد ليحسن مستوي البلد و كل الخدمات بها و هي سوف تنعكس عليهم بكل الاشكال
*من ضمن ما استرعي انتباهي ايضا انها قد تكون امراة ذات ظروف صعبة و لكنها ابدا لم تكن ضعيفة و لم تترك حقا لها يوما ما و لكنها تعرف جيدا بفطرتها متي تميل مع الريح و متي تضع حد لها و تواجه بقوة
*ما حدث معها في الصغر تعرف انه جهل و اصرت علي تعليم فتاتها الوحيدة و احضرت لي نهاية العام الدراسي الماضي حلاوة انها طلعت الثانية علي المدرسة في 4 ابتدائي : )
*لا تجلس مع جلسات النميمة و لا تنظر الي ما في يد غيرها و يأتيها الله من فضله و هي من تقول ذلك دائما ( الواحد يسعي يا دكتورة و ربنا هيرزقنا لكن لو قعدنا هو الرزق بيخبط علي الباب ؟؟؟)

*تعلمت انه عندما اواجه اي مشكلة اتذكر جلدها و اتبسم حتي في احلك الظروف و لكن لا انكر علي نفسي حقي البشري في الالم و لكن امارسة بكبرياء ( تبكي هي وحدها في صمت و دائما تنصح عاملة لها ان لا تشكي لانها تجعل الجميع يقول عليها انها شكاية و هي تقول ان من يسمع لن يحل المشكلة يبقي اقولها اللي في ايدة كل شئ (تقصد الله )

* ليست كل الشخصيات المهاودة التي تستطيع ان تعيش باقل قدر من الخسائر هي شخصيات غير ثورية او غبية و حمقاء بل لديهم سياستهم و فلسفتهم لرؤية الحياة قد تغيب عني , لا يجب ان احكم علي احد من مظهرة او وفق تصور مسبق لان معظم الناس شخصيات فريدة حقا ً



************************
لست كاتبة قصة و لن اكون لاني اعرف قدراتي جيدا و لكني اتمني ان يكون هذا التوثيق و السرد قد اعطي صورة من واقع حياتنا عن نموذج للبشر اوشك علي الانقراض و ان اسجل سيرة حياة انسانة شعرت انها مختلفة عن محيطها الملوث قد لا ارى مثل هذا النموذج الملحمي مرة اخري


الجمعة، أكتوبر 09، 2009

قشطة 2 - قصة واقعية حدثت

هناك شئ عجديب للغاية لاحظتة مع محادثاتي مع قشطة ..... لا ادري لماذا اشعر انها تأتي الي الصيدلية في نفس الوقت من كل يوم حتي نفس الجلابية الزرقاء التي ترتديها ( احساس بان المشهد دائم التجدد لا ينتهي مهما مرت الايام )
نفس الهدوء النسبي و حتي نفس اضاءه شمس العاشرة صباحا , توضدت علاقتنا بشكل جميل و بهدوء , حتي انها اصبحت تأتي فقط دون ان اناديها لتصبح علي و تحضر لي الماء الساخن و ان لم يكن ورائها عمل اجلستها معي , لاقترب اكثر منها ... ما جعل تقاربني معها غير محفوف بالمخاطر النفسية لمثل تلك الفئة , انني شعرت انها نظيفة من اغلب الامراض الاجتماعية التي تجدها منتشرة في هذه الاوساط ( و في معظم الاوساط للامانة حتي و ان اختلفت الملابس او الاسلوب )
كانت في بداتية تعارفنا لم تكن تحكي كثيرا عن نفسها , و لم اراها قط في جلسات الممرضات ( و ما ادراك ما هي جلسة البنات كما تسميها هي كتسمية اكثر رقي و ادب ) و بالتبعية لم الاحظ عليها اسلوب انها تتحدث عن اي انسان قط , و هي ميزة رائعة جدا جعلت التعامل معها اريح لي كثيراً ... تقول هي بنفسها عن " قعدة البنات " انها كلها مشاكل و بلاوي و ابدان ببقطع ( كناية عامية عن النميمة ) و هي تقول لي ان هذا افضل كثيرا و ان هذا الامر بالذات تقول لي انه افادها كثيرا و جعل مفيش عداوة بينها و بين احد علي حد قولها ... هذا ما قصدته بعدم وجود امراض اجتماعية و هذا قليل من كثير ....بالنسبة لبقية الامراض , ففراغة العين هو داء منتشر للغاية و تجدة علي شكل كلمة ( كل سنة و انت طيب ) من اي بائع او كناس في الشارع بدون مناسبة . كما ان لقشطة فلسفة مختلفة لما يتعلق بالمال و الحاجات المادية بشكل عام ستظهر خلال الحكي
لم تكن ام قشطة تسرد حكايتها بشكل مرتب مسترسل ابدا
بل كان الامر اشبه بتجميع قطع مكعبات او صور بازل حتي تكتمل الحكاية و تستطيع الحصول علي شكل نهائي جميل , و ربما وقع مني جزء في المنتصف فاصبح اسئلها عن بعض تفاصيله لاحقاً
كما انه خلال الحكي الرئيسي الذي استخلصت منه قصة حياتها كانت عناك حكايات لا تقل عمق بالنسبة لي عن حكايتها الاساسية ,فذات مرة كنت اسئلها عن الاختلاف البادي بينها و بين بقية العاملات او الممرضات الذين يؤدون خدمة للمريضة وة عينهم علي جيبه و ان لم يأخذوا نقموا
قالت لي ...: يا دكتورة قدري واحد ممعهوش قدري اي حاجة , و كمان يعني اصلا الحادة دي عبارة عن استذواق من الناس , مينفعش تبقي غصب او بالعافية ... تعرفي مثلا , كتير اكون بزق مريض علي عجلة او اوصله او اي حاجة و بعدين يجوا زمايلي يقولوا مداكيش حاجا اقوللهم لأ يقولوا لي وراه , تقوللهم لأ طبعا , قلت لها : هو حد رباكي مثلا علي شئ زي دا ,’ قالت : لا خالص , و فهمت من الكلام ان لها اختين يعملان في نفس المستشفي و لكنها علي غير وفاق معهما و ان طبعي غير طبعهم , و قالت لي بالك يا دكتورة دا اصل طبع و استحالة الواحد يغير طبعه بعد السنين دي كلها . و حكي لي قائلة اني ذكرتها بموقف ... قالت لي في يوم كان فيه عيان قاعد بقالة مدة و كان بيقوللها انه ملوش حد يسئل عليه و كدا وانها تستحمله , قالت له و ماله يا حاج ( بالمناسبة اللقب دا بيقتال لكبار السن بغض النظر عن اي اعتبارات اخري ) لدرجة ان ملابسه الخاصة كنت بوديها لمغسلة المستشفي ضمن غسيل المستشفي الداخلي , و حتي في الفطار كان يقوللي جيبيلي زي ما بتجيبي لنفسك , و كنت بشتري له رغيف فول و رغيف طعمية و مش بيحاسبها عليه ... المهم , ربنا قدر و الرجل دا مات ... و احنا من عوايدنا لما حد بيموت بنطلع المرتبة في الشمس لو امكن , مأمكنش بنقلبها ... و انا بقلب المرتبة , الاقي تحت المرتبة ظرف و ساعة شيك و اوراقه , افتحل لك الظرف الاقي 1145 جنية فيه .... قولت لها نهم !!!! قالت لي اه و الله يا دكتورة .... قولت لها و بعدين ؟؟ قالت لي : شوفي انا مكنش فيه في المكان غير ربنا و انا , روحت للممرضة النبطشية علشان تكتب لي ( ام قشطة بالمناسبة لا تقرأ و لا تكتب ) علي الظرف اسم المريض و رقم التذكرة و يوم الوفاه و قيمة الفلوس . و شالتهم معاها . تاني يوم في امانات المستشفي وديتهالهم . انا صراحة اعجبت بهذا الموقف منها كثيرا و احببت اكثر ان اعرف لماذا تتصرف و تفكر هاكذا ... ثم ماذا حدث بعد ذلك ؟؟؟
قالت : انا بقي فوجئت بمن كان يقول انه بدون عائلة ولا اسرة و مقطوع من شجرة بناس بدل و عربيات و ايه حاجة ابهه اوي يا دكتورة و لما قالولهم علي المبلغ اللي سابه و الساعة اخدوا كل شئ . قلت لها و لم يعطوكي شئ ؟ قالت لأ حتي موظفي الحسابات و الامانات قالوا لهم ابقوا راضوا العاملة الامينة ( مراضية كناية عن البقشيش او ما شابه ) و قالوا طيب طيب و لم يعطوا المغسل او اي احد شارك في مراسم تششيع الجثمان .
قلت لها و لماذا لم تأخذي المبلغ , و هل شعرتي بالندم بعدما اطعمتي هذا الرجل و تبين انه غير محتاج يمكن ان تأخذي علي الاقل ثمن الاكل .. قالت لي لأ لم اشعر بالندم , هو قبل دا علي نفسه خلاص انا بعامل ربنا اساسا كما ان فلوس الاكل دي طلعت من زمتي ازاي يعني اخد حاجة و ابصلها بعد ما طلعت من ذمتي ؟؟؟ كانت تتحدث باستغراب حقيقي و ان هذا الامر لم يكن يخطر علي بالها من الاساس . و استكملت , و بعدين يا دكتورة دا مال ميت ... تعجبت من اللفظ و قلت لها هو المال بيموت ... قالت لي ايوة بيموت , قولت لها ازاي ... قالت لي ايوة مش لما الواحد لما يقطع النفس و يموت خلاص مش بيبقي له عازة , المال لما بيموت بردوا بيبقي ملوش اي لزمة , ادي الرجل اهه عاش اقل مننا و مات من غير ما ماله ينزهه , يبيقي دا مال ميت . و بعدين يا دكتورة زي ما بيقولوا مال الكنزي للنزهي . اعجبتني فلسفتها كثيرا , و حقا عندما تأملت عيونها و هي تحكي لم يكن بها اي دافع او نزعة غيظ او ندم من اي نوع انما فقط اندهاش من وجود مثل تلك النوعيات .
قولت لها هل اشعري بالسعادة او ان هناك شئ ينقصك ؟؟؟؟ فاكملت فلسفتها بالنسبة للمال و قالت: محدش يحسبها هي بتمشي كدا . لو انا قعدت احسبها و اقول الفلوس هتكفي ازاي ولا هناكل منين مكنتش عمري لا اتجوزت ولا خلفت لكن الحمد لله . و كمان ان الواحد يكون انوع (قنوع ) احسن شئ . ممكن حد يكون عنه مال قارون و ميكونش انعان يبقي ولا يسوي لكن الواحد طالما اللي معاه قادر يمشي نفسة بيه خلاص .... لكنها قالت بردوا ان هذه الايام فعلا ايام حزاني من ايام ما الحزين مبارك مسك الحكم ... قهقهت انا كثرا لهذا التعبير و اكملت هي بمزيج من الضحك الذي يشوبه الحزن ... الخضار و اللحوم غالية , و تندرت بموضوع انفلونزا الطيور اللي علي حسها ادبح كل الفراخ و بعد ما لكيلو كان ب خمسة و ستة جنية الكيلو , و لكنها مع كل ذلك قالت لي يا دكتورة انا الحمد لله فضل و عدل في نعمة كبيرة اوي اوي اوي غيرنا مش لاقي لقمة و متوي . علي الاقل العيال متعلمه و بتروح مدارس .
هؤلاء الناس هم اكثر فئة فعلا يشعرون بفارق الجنية و الاثنين جنية , عدد اسرتها 6 افراد ( هي و زوجها و ثلاث اولاد و بنت ) و يسكنون في غرفة واحدة بينها ستارة للفصل بين الرجال و النساء اثناء النوم . و علي الرغم من تندرنا بمجانية التعليم و دنو مستواه و تردي مستوي العلاج الحكومي الا ان هناك فئة لا يستهان بها تعيش علي هذا الكفاف ... فعلا سوف تضيع ان الغينا المدارس الحكومية او المستشفيات الحكومية , لان نصف العمي و لا العمي كله كما يقولون و كما قالت لي ان ابنتها طلعت الاولي علي المدرسة و اصرت علي ان تحضر لي نوع معين من البسكويت تعرف انني احبه . : )

في يوم اخر في نفس الموعد و نفس الوقت و نفس الجلباب و نفس الماء الساخن الذي اعد منه الشاي طلبت منها ان اعرف بقية قصتها بعدما خطبها زوجها الحالي و تم الزواج ...
قالت لي , هو بعد ما خلص الدبلون دخل الجيش , قعد تلات سنوات ... و طبعا كان لازم اني اصرف علي نفسي و اني اتكفل بمصاريفي لان الجيش مش بيأكل عيش... قولت لها مقاطعة ... هو انت اصلا ابتديتي شغل امتي ؟؟؟ قالت لي يعني حوالي و انا عندي 16 سنة ... و الدنيا كانت غير الدنيا اياميها , كان اي حد يشتغل يجي و بعدين يخلص ورقة براحته و هذا ما حدث , اتعين علي 14 جنية ... و فضلت اشتغل حتي بعد ما اتجوزت علشان الجيش و كدا , و بعد كدا بقعد ما فترة الجيش خلصت بحلوها و مرها , قعدت هي تدور لزوجها علس شغل و هي كانت بتقول انها مكانتش تتكسف تقول لحد و النبي يا خويا معندكش شغل للراجل ( كناية عن الزوج ) و ما فهمته ضمنيا من كلامها انها حركة و كل الناس تحبها لابتسامتها الدائمة , و بتقول :نجحت اني ادخل الراجل يشتغل معايا في المستشفي حارس امن ..... و شوية و بعدين جبت له شغلانة في البلدية , حتي هو قعد يقول انا اكنس ؟؟؟ قالت له و ماله ما انا بكنس و بمسح و كله , عيش عيشة اهلك يا راجل ... قاللها دا هدوني 30 جنية في الشهر قالت له ملكش دعوة هنوفر منهم !!!!!
هل بقيت الحال علي هذا المنوال و بدأت الدنيا في الاستقرار مع قشطة ؟؟؟

يا دكتورة الراحة التامة لما نموت دي مفيهاش راحة ,

يا دكتورة .. امره نافذ لو رضينا امره نافذ و لو مرضيناش امره بردوا نافذ و هنعيش في غم و مش هيرضي عننا

بعدها يا دكتورة بفترة كنت جيبت الولاد اصغرهم لسة بيتشال , جاء من شغلة بتاع البلدية – كان اول يوم رمضان – و هو واقع لما رداعة ورم و عملنا اشعة عرفنا انه اتكسر تلات حتت !!!! قولت لها يا ستار يا رب .. قالت انا كنت لوحدي و معايا العيل و بجري بيه علي المستشفي و الناس كلها مفيش حد علشان الفطار , و اتجبس و قعدت 45 يوم و لما فك لاقوا ان التجبيس كان غلط راحت معاه تاني عده مستشفيات و كان ساعات بيتحجز لحد ما روحنا مستشفي تاني عملوا له عملية شريحة و 5 مسامير , و تستمر في الحكي و الغريب انها حتي اثناء حكاياتها لا يبدوا عليها التأثر او بمعني اصح يبدوا و لكن الابتسامة لا تفارق وجهها او لنقل انه وجه غير عابس
********************************
توقفنا عند الشريحة و 5 مسامير
اعتقد ان هذه المرة اطلت و لنستريح الي الفاصل و سوف نعود قريبا للجزء الاخير . باذن الله


الأربعاء، أكتوبر 07، 2009

قشطة 1 - قصة واقعية حدثت

اعتقد انه ربما يكون لوناً جديدا علي في الكتابة , و لكنها ليست كتابة ابداعية بقدر ما هي رغبة مني في تأريخ و توثيق تجارب بشر حقيقيين يعيشون حولنا و ربما لا نراهم او يصلنا منهم صورة مختزلة مبتورة عبر الاعلام المشوه

**********************
ربما تقابل في الحياة نماذج من الشخصيات قد يحتقرهم البعض و قد لا يكترث بهم الاخرون و في الاونة الاخيرة تعودنا ان يجذبنا نوع معين من الناس ( غالبا ما يروجون له في الاعلام من اناقة فوق العادية و جمال فوق العادي و قوام متناسق و سعه في المال و بشاشة في الوجة و حب من الجميع ) و لكن النماذج الواقعية , هي واقعية .... فلا نجد بها هذا الكم الخيالي والتسطيحي من الحد الاقصي من الكمال و الصلاح من كل شئ . فالحياة الحقيقية اكثر هدوء و اقل صخب و لكنها اغني و اكثر عمق

نادرا ما يجتمع الناس علي الاشادة باحد هذه الايام , فتجد الاغلب يسب و يلعن من فلان او علي الاقل لا يرتاح له و قد يضخم من عيوبه فقط لانها لم توافق مصلحة المتكلم او ذوقه .... و نادرا ما يجتمع عدد كبير من الناس حول احد .
لكنها حطمت هذه القاعدة و بجدارة ,

قبل استلام عملي في الصيدلية الداخلي قيل لي ان افضل ما في المكان هي ام قشطة و ينادونها بقشطة للسرعة , طبعا هذا ليس اسمها الحقيقي فهو ( سهي ) و لا اسم ابنتها الحقيقة ( زينب ) التي اخذت منها الكناية.... ولا ادري سبب تسميتها به علي اي حال و لكنهم اطلقوه عليها ليفرقوا به بينها و بين كبيرة التمريض ( تحمل نفس الاسم الحقيقي ) J
عندما تسمع ان الجميع يشكر في احد , للاسف يتبادر لك الصورة الذهنية الاختزالية المرسومة سلفا من الحد الاقصي في كل شئ كي يكون جدير بالحصول علي لقب "طيب و محبوب " و عندما رأيتها اول مرة تأملتها و قلت ... انت قشطة ؟؟؟ فقد جدتها امرأة عادية جدا : قدرت انها قد تكون في الخامسة و الثلاين من العمر و لكن يعيبها وزنها الزائد قليلا وة ترتدي دائما جلابية زرقاء و ربطة شعر علي طراز نساء الفلاحات , و لا شئ غير هذا
كانت قشطة تأتي كل يوم لتأخذ القمامة و تحضر لي الماء الساخن ( نظرا لان لي طقوس خاصة في شرب الشاي فاتي به معي ) تصبح علي بوجهها الصبوح البشوش , و لم يمر يومان حتي ارتح اليها تماماً بل و شعر ان هنك شئ ما في روحها مختلف عن الاخرين – خاصة انها في فئة العاملات و هذه الفئة اجارك الله من سلوكياتهم من سب و صوت عالي و نظر بحقد و حسد لكل ما في يد الاخرين و الرغبة في اخذ دون عناء العمل و دائما ما يقوموا الي العمل بتثاقل و لا يفعلونه جيداً و لا يهدؤا الا اذا اعطيتهم مما اعطاك الله - و هي حقاً تختلف عنهم شكلا و موضوعا فشغلها نظيف للغاية و دون ما يطلب منها اساسا وتفعل كل شئ بتفاني و اتقان نادر ما تجده في هذا البلد ولا تنتظر من اي احد اي شئ ابدا و لكن الذي سلك طريقا الي قلبي مباشرة هو ابتسامتها الصبوح الحقيقية الغير مفتعلة و التي لا تفارقها , تتعامل مع الجميع ببساطة و تتحدث و تلقي السلام علي الكل.... باختصار الجميع يعرفها و يحبها .
كنت اتأملها من بعيد , كل يوم الاحظ شئ في تصرفاتها , فلم اجدها تغضب احد او ترفض اي عمل يوكل اليها علي الرغم من ظلمها في هذا – الناس ما تصدق تجد حمار شغل لتجعله يحمل اكثر علي حد قولها – لكنها قد تتبرم قليلا و لكن تؤدي ما عليها , كنت اعتقد انها بلا شخصية و منعدمة الرأي و لكن حقا لابد ان تتعمق في التعامل لتعرف تفكير الشخصية التي امامك
يوما بعد يوم اصبحت ممن احب ان اصطبح بوجهها المشرق و الابتسامة المنعشة , ثم بدأت اتجذب معها اطراف الحديث كل فترة , و لفت نظري شئ غير مظبوت و غير نطقي في منطقة وسطها فسئلتها قفالت لي انها تضع حزام للظهر لان عندها انزلاق غضروفي في ثلاث فقرات !!!! طبيعة عملها هي الكنس و المسح و حمل كراتين المحاليل الطبية عندي في صيدليتي المسؤولة عنها ( الكارتونة 10 كيلو ) و اذكر انها في مرة احضرت للصيدلية طلبية بها حوالي 60 كارتونة فلك ان تتخيل الحمل الذي حملته وحدها و مع كل هذ الارهاق تؤديه و لا تشكو منه ابدأ , و لا تتاجر بمرضها او تتخذه ذريعة كي لا تعمل .

اردت ان اقترب شيئا فشيئا من هذه الابتسامة و اعرف سر تجددها ,و تعجبت في نفس الوقت من وجودها مع كثرة العمل الذي تؤدية و قلة الراتب الذي تحصل عليه , القيت اليها كلمة ذات يوم و قولت لها لا تحزني من كثرة هذا العمل مع مرض ظهرك ... قالت لي بابتسامتها المعتادة ........ يا دكتورة احنا كنا فين و بقينا فين انا الحمد لله رضا اوي اوي اوي دلوقتي ... تعجبت حقا منها , اردت ا ن اخفف عنها او اجعلها لا تبتأس – لاني انا نفسي ابتأست من حالها – فوجدتها تقول ان اليوم افضل من الامس , عكس جميع الناس الذين يحنون للماضي البهيج
قلت لها ان لم تكوني مشغولة ارجو ان تحكي لي ....
انا جاية من بلاد فلاحين يا دكتورة و دول لا يعرفوا شئ الا ان الزواج ستره للبت . قولت لها و يعني اللي مش متجوزة مش مستورة قالت لي لأ يا دكتورة بس هما كان فكرهم علي ادهم ساعتها اتجوزت و انا عندي 12 سنة !!!!!!!!!!!!! ذهلت انا من هذا الامر قالت : مستغربة يا دكتورة : ) انا طلعت بطاقة 16 سنة بعد ما كنت اتجوزت و اطلقت . صراحة لم استوعب ما سمعت في البداية , هل ما نسمع عنه في الافلام يمكن ان يكون حقيقة متجسدة امامي في امراة من لحم و دم و تعيش بيننا و ليس مجرد فيلم تنتهي الحكاية بعد انتهاء الفيلم
قولت لها يا قشطة هو مش انت متجوزة و عندك اربعة منين اطلقتي بقي ؟ .... قالت لي يا دكتورة دي حكاية كبيرة انا هجيلك في الكلام ... قولت لها كملي طيب سامعاكي.... و قلت لها الم تكوني صغيرة علي كل هذا ؟ قالت : ايوة كنت صغيرة و مكنتش مدركة يعني ايه زواج .... كنت بنزل اللعب الاولي مع البنات في الشارع . عيلة بقي . حملت و خلفت بنت الفارق بيني و بينها 13 و, عندما سئلتها كيف كنتي تربيها قالت لي امي هي من كانت تربيها , فيه عيلة بردوا هتربي عيلة ؟؟ قلت لها و بعدين , قالت لي كان الراجل غبي في تعامله معايا و لا يراعي فرق السن و كل يوم يصبحني بعلقة و يمسيني بعلقة و لو شافني بكلم بنت من صاحباتي يدور فيها الضرب لحد ما اقول جاي – قالت ان الفارق بينهما كان حوالي 20 سنة - و بتقول اتجبست يجي 3 مرات او اكتر , يضربني اسيب البيت و انا بموت اروح لاهلي يودوني للدكتور يعمل اشاعة و يجبس ايدي اقعد في الجبس في بيت ابويا و لما اخف يرجعوني , ميتعظش و يضربني تاني – طبعا انا صدقتها لانها فعلا انسانة ارق و اطيب من ان تأتي بافعال تستوجب الضرب و حتي الضرب لا يكون بمثل هذا الغباء ثم علمت فيما بعد ان ضرب الازواج للزوجات منتشر في هذه الفئة من المجتمع – قعد ت علي الحالة دي يا دكتورة لحد ما مق\رتش استحمل و اطلقت – قلت لها الم يمانع اهلك ؟؟؟ قالت يا دكتورة باجيلهم بكسر و جبس و فعلا اتبهدلت كتير و شوفت معاه الويل و المر ... و تكمل ... اهله و هو جم و قالوا هناخد كل حاجة قالت مش عايزة حاجة منكم – لفت نظري ابضا فيها اعتزازها بنفسها و انها لا توافق علي الرضوخ او الابتزاز و ان كان هذا الامر غير واضح عندها لانها مهاودة و لكنها تجيد لعبة الحياة فتعرف متي تهاود و متي تقف و تقول لأ .
قالت لي كنت بروح اشوف البنت في الاول و لكن اهل طليقي – تقريبا كانوا عائلة ممن يحترفون البلطجة – فكانوا يضربونها هي و اهلها ان ارادوا ان يحضروا ليشاهدوا البنت ابنتها , و بعد جهد جهيد و لم تعد تري الفتاة فسمعت انهم عزلوا و لا احد يعرف اين ذهبوا .... قلت لها و سكتي , قالت هعمل ايه عيلة مشوفتش منها غير كل شر و لم يرحموا قلب ام شابة و حرموها من ابنتها و لغة التفاهم عندهم الضرب و بيذلوني بيها ... حسبنت و سيبتهم .
و ابنتك
لا اعرف عنها اي شئ
نعم
ايوة يا دكتورة انا مش هذل نفسي و انا اتبهدلت كتير اوي اوي اوي و دقت المر منهم فعلا و هما قلوبهم الحجر احن منها
كل ماذا اكتشف ابعاد اخري في هذه المراة , فهي متجاوزة للازمة بشكل تحسد عليه و في رأيي لا تعيش دور المأساه الذي تجيده اغلب النساء , فقدان الضنا غالي و لكن ماذا ستفعل هذه المراة ؟؟؟ هي تعرف قدراتها جيدا و قررت ان تستكمل حياتها و تستعوض ربنا فيها و ربنا مش بينسي حد علي رأيها

قلت لها و بعدين
قالت لي قعدت في بيت ابويا عازبة بتاع 6 سنوات . لحد ما يوسف جاء واتقدم , قولت لها دا بقي اللي معاكي دلوقتي , قالت لي اه . قالت لي يوسف دا له حكاية تانية , يوم كتب كتابي من جوزي الاولاني كان جاي يطلب ايدي لحد ما يخلص ديبلون , اصله كان جارنا في البيت اللي قدامنا و انا كنت بمشي في الشارع اعرف كل الناس و بسلم علي كل الناس . ضحكت انا وقلت يعني كان بيحبك : ) قالت اه بس مكنش قايل لحد , و احنا عندنا من عوايدنا البت لما يجيلها عدلها مش بنقول لحد علشان مش تتنظر فمكنش حد يعرف اني مخطوبة الا يوم كتب الكتاب و الدخلة و هو بالصدفة كان يومها الصبح امه جت تفاتح امي في انها تخطبني له !!!!!
قلت لها و بعدين ؟ قالت لي اتصدم تقريبا بعد ما عرف الموضوع و اتجوز فترة و عرفت انه متوفقش مع مراته فاتطلق . لما رجع لحتتنا بعد ما طلق عرف اني اتطلقت انا كمان فحب يرجع المية لمجاريها القديمة و خلي امه تطلب ايدي له و تم المراد

هل انتهت القصة عند هذا الحد
اعتقد ان القصص الحياتيه لا تتوقف ابداً J
نستكمل بعض الفاصل