الرؤي او التعليق علي الاحداث الجارية لم يكن من هواياتي لكن فعلا الامر اصبح علي المحك و الرأي العام فعلا للمرة الاولي اصبح فاعلا ً بشكل لم يكن مطروحاً فيما سبق ...
لم تكن هذه الثورة لتنجح الا بتعضيد القوات المسلحة لها ... هذه حقيقة يعرفها كل من ثار و خرج في كل مكان في مصر ... خشى البعض ان يتكرر سيناريو ثورة يوليو العسكرية ..,.. ان يستخدم الجيش الناس او يهادن الناس او يستغل سذاجتهم او فرحتهم او رغبتهم في التغيير و سأمهم من النظام السابق هذه الثورة لاهداف خاصة له او مصالح خاصة او للالتفاف عليها ...
بالطبع لابد ان نتعلم من التاريخ و من لا يقرأ تاريخه لا يفهم حاضره ولا يصنع مستقبله ... لكن علينا ان لا تكون حبيسي التاريخ ايضا ولا نتعامل مع الواقع بمعطياته الجديدة حتي لا نغرد في الماضي كما وقع بعض التيارات في تلك الاشكالية
لاول مرة في تاريخ الدولة الحديثة ان الشعب برأيه العام يكون له دور فاعل و اساسي وواضح في تسيير الاحداث ... لم تجرى الدراسات لمعرفة كيف تحرك شعب بثقل و عدد مثل الشعب المصري رغم كل التغييب و عوامل الافساد فيه ... لكني اثق ان الكتله الحرجة او كما اسمته صديقتي سارة عبد الله في مقال قديم لها ( نصاب الثورات ) اي الكتلة الحرجة القادرة علي تحريك ثورة و الاذ بالاسباب الحديثة و معطيات العصر ... و هذا لم يكن موجودا في احداث يوليو 52 باي حال من الاحوال بل كان الشعب متفرجاً دائما ً و يستوعب ما يقدم له و لكنه لم يكن ( علي مستوي الكتله الحرجة ان النصاب ) لم يكن قادراً علي تقويم و تعديل مثار الثورة لانه لم يكن هو من قام بها ... فاليوم الشعب فاعل اساسي و لكن امس كان الشعب مجرد مفعول به او علي الاقل طرف خارج لعبة الحسابات ... ولابد ان نضع الف خط تحت فاعل اساسي و ليس مجرد متفرج .
نقطة اخري و هي ان زعماء ثورة يوليو كانوا من الشباب حديثي السن ... عندهم رغبة في القيادة و شهوة السلطة لازالت تداعبهم .... لديهم احداث مثل احتلال فلسطين منذ اربع سنوات ( حدث حاد اصاب الجميع بصدمة ) و الرغبة في الوحدة العربية كانت لائحة في الافق جعل انفعال الضباط الاحرار آن ذاك حاد هو الآخر ... اما اليوم كثرة الاحداث التي قزمت دور مصر بشكل مزمن ( لان تراجعها لم يكن معركة حادة و لكنه تراكم سنوات كثيرة ) جعلت التفاعل ايضا ً من قبل ضباط كبار في جيش غير لائق ابدا بحجم و مكانه دولة مثل مصر ,اضعفهم مبارك بشكل مقصود و ازال من صدر منه بادرة ثورة علي الاوضاع الراهنة ( مثل ابو غزالة حينما فكر ان يستقل في تصنيع الاسلحة مثل الرصاص في الخفاء و لم يلتزم بنصوص الاتفاقات المبرمة من انه لابد علينا ان نعتمد علي الغرب بشكل كامل في تسليحنا ولا نستقل بتلك الصناعة الوطنية ) جعلت تفاعلهم مزيج من التأني البطئ و الحذر و الرغبة الحرفية في الالتزام بالقوانين و التأني حتي لا تخرب مصر اكثر مما هي عليه ( اعتقد ان التباطئ في اجبار القوات المسلحة حسني مبارك علي تنحيه جاء من عدم السرعة في اتخاذ القرارات ) و اعتقد ان كل ما سبق من صفات الي جانب كبر سنهم النسبي ... يجعل هناك نوع من الزهد في المناصب ... مع اقرارنا انهم اناس شرفاء ليسوا ملوثين نفسيا مثل الشرطة ...
اعتقد ان القوات المسلحة ذاتها لا يعجبها ولا يرضيها ما كان يحدث في البلد و خاصة ان هذا النظام اضعف من قدرات القوات المسلحة و الاعدادات العسكرية و التصنيع الحربي ... و لكنها تحت ضغوط معينه ولا ننسى انها كانت جزء من النظام السابق و الحمد لله انه كان الجزء الاقل تأثرا بالفساد الموجود ...
قطعا هناك ما يحدث في الكواليس مما لا نعرفه ... فلا اعتقد ان امريكا غافلة عن الامر او ما يحدث خاصة في دولة بحجم مصر ... فمن يعرف السياسة جيدا هي لا تقبل بالنوايا الحسنة و لكن هناك دائم معطيات و مصالح تؤدي الي نتائج .... و لكني لا اعتقد ان اي شخص من امثال ابراهيم عيسى او هيكل هيكونواى عارفين اللي بيحصل لانهم ببساطة مش في التشكيل الحالي اللي بيجري و يعقد الاجتماعات و المباحثات ... ايقل كل منهم استنتاجاته لكن الافتراء او توقع اشياء و استنباط اشياء و التعامل معها علي انها واقع صراحة بتعمل بلبلة ما بعدها بلبلة ... لهذاالسبب توقفت تماما ً منذ فترة عن التفكير بعقلية ( النتيجة من الكنترول و قبل الظهور ... هي بترضي شعور اغلب المصريين ان لديهم نفوذ و يمكنهم الوصول لما لا يستطيع احد الوصول اليه ... لكن في الوقت ذاته الامر دا بيحدث كثير من البلبلة في غير محلها )
هناك حتي هذه اللحظة التزام حقيقي لمسته بنفسي من الجيش في ادارة البلد ... اعتقد ان مهمة حفظ الامن جزء من تلك المهام المنوط بها الجيش ... و لنا ان نعرف ان تعداد الجيش اقل من تعداد الشرطة كأفراد تنفيذية ( لا يوجد لديهم مخبرين ولا امناء شرطة علي سبيل المثال - ناهيك عن الهيكل الاداري للمرور و التراخيص و بطاقات و السجل المدني فكان تعداد من يعمل بالشرطة مليون و مئتان الف علي اقل تقدير ) و مع قله عدد الجيش نسبيا و كثرة المهام الملقاه علي عاتقه ... لان الامن جزء من تلك المهام و ليس كلها ... اصبح هناك مسؤولية ضخمة ملقاه علي عاتقه ...
البلد ان شبهناها بشكل بسيط للغاية كأنها قائمة علي عشر اعمدة ... من تلك العشرة ستة فاسدة ... من العبث ان نريد ازالة الستة اعمدة الفاسدة في وقت واحد ... سيحدث ميل وانهيار لا محال ... و لكن علينا القيام بعملية احلال و تبديل جزئية ... نزيل واحد فاسد و نضع واحد اقل فساد ... نزيل اخر نضع اخر ... حتي تتم عملية الاحلال و التبديل دون سقوط الهيكل الاساسي للبناء .. و بمرور الوقت و صلاح المناخ ( صلاح المناخ هذا سأتحدث عنه لاحقا ً ) سيتم احلال الاقل فسادا بكفائة حقيقية ستظهر في السنوات المقبلة عندما تأخذ الاوضاع تدريجيا في التحسن ... لانها ستخنق الفساد
صلاح المناخ الذي اعنيه هو ان الناس اصبحت علي ثقة بنفسها و انها قادرة علي التغيير ...و لن تسكن علي وجود الظلم و سوف تذهب للتصويت في الانتخابات و ان تم التزوير فسوف يثور الناس ثورة دمويه هذه المرة ... حالة الاحتقان عند الناس لن تهدأ الان ... هذه نقطة فاصلة لم تكن موجوده فيما قبل و اصبحت جديدة علي الساحة ولابد من ادخالها في الحسابات من الآن فصاعداً ... اصبح الرأي العام مهم و اصبح خدمة الناس بصدق هو ما يجدي بشكل حقيقي ... و اعتقد ان تلك النقطة - الصدق مع الناس - هو ما جعل هناك قبول للجيش في حين فشلت الشرطة ولازالت تكرر سيناريو الفشل بشكل ذريع لانها لا تنتهج الصدق الذي هو اول طريق تحقيق المكاسب مع الجماهير ...
----------------------
قبل أخذي للاجازة الحالية كنت اعمل في مستشفي اعرف ان مديرها مفسد ... لم اري بالطبع مستندات و لكني اسمع كثيرا عن عدم العدالة في توزيع المال و تفضيل البعض علي الاخرين و مجاملة وزير الصحة و فريق من مستشفي دار الفؤاد علي حساب المرضي ... حاولت ان اسئل كيف يمكنني ان احصل علي اي شئ يدينه وجدت ان الطرق مغلقة تماما خاصة اني كنت جديدة نوعا ما و كان الخوف يكبل الجميع خاصة الحسابات ... كما ان عزل بعض الادارات عن بعض جعل كل ادارة لا تدرك الخطأ الذي تفعله الا لو استطعت تجميع الصورة من فوق و تتبعها بشكل مستمر و بمساعده الجميع ... تم طرد هذا المدير بشكل مهين للغاية لانه كان يتجبر في الارض ... و تخيلت اني لو مسكت ادارة هذه المستشفي ... كيف سأديرها ؟؟؟ كيف سأضمن ولاء من يعملون تحت يدي ؟؟؟ كيف سأتتبع قضايا الفساد الكثيرة الموجودة ؟؟؟؟ وجدت ان الامر فعلا ليس سهلا تماما خاصة انك تتعامل مع كادر جديد عليك لا تعرف خباياه وهناك مراكز قوي سأخذ وقت كي اقضي عليها بشكل لا يديني انا شخصيا
اعتقد ان هذا الحال هو حال القوات المسلحة ... كانت بعيدة تماما عن خفايا الدولة و لكنها وجدت نفسها في موقف تسيير الاعمال ... لا التمس لهم العذر في البطئ و لكني لا اريد تحميلهم بأشياء و قرارات يستجيبون لها بدون دراسة بشكل عشوائي فقط لارضاء الرأي العام
من الكلمات القيمة التي قيلت ان اي قرار بدون دراسة سوف يؤدي الي كارثة ... قد يكون تعيين يحيي الجمل كنائب لرئيس الوزراء هي الخطوة الاولي كي يمسك يحيي الجمل رئاسة الوزارة بعد ما يكون قد فهم كل ما يحدث و كيف يتم تسيير الاعمال ... خاصة ان هذا المنصب كان شاغرا لفترة و لم يتوله احد .. فلماذا تولاه هو في هذا الوقت ؟؟؟ قد يرد علي البعض بان فيما مضي كان الرئيس يعين رئيس الوزراء دون ان يتمرن رئيس الوزراء هذا ... ربما و لكن قد يكون وجود الرئيس نفسه هو ضمان لعدم تسيب و بلبلة الامور ... و هذا ما لا يريده المجلس العسكري و اعتقد ان تلك الاشارة كانت في ضمن الكلام عندما قالوا ان الحكومة الحالية لن تكون هي ما تدير البلاد وقت الانتخابات ...
حرص المجلس العسكري علي تطبيق القانون - حتي لو كان قانون اعرج - هو بداية انشاء دولة قانون حقيقية ... يمكننا نعديل القوانين و تقديم لتقويم القوانين العرجاء فيما بعد ... قد تكون هناك بعض الضغوط من ناحية او اخري في عدم اسباغ الصبغة الدينية
في التعامل طالما كانت هذه هي فزاعة الغرب و بعض المصريين المتأثرين ببعض افكار الدولة القديمة ... لنتعلم لغة الواقع و لنتعامل بمعطياته ... ولقد اعجبني موقف الاخوان للغاية عندما اشتركوا في الثورة كمصريين لا كأخوان ... اتمني ان يستمروا علي ذلك لانه سيحقق المصلحة و الفائدة للوطن لان الاولوية الاولي التي من المفترض ان تكون - و هو ما وجدته صراحة في التظاهرات الاخيرة - هي خدمة الوطن و اعلاء شأنه لا خدمة الجماعة ... عندما تتغير ثقافة الناس ببطئ يمكنهم ان يقولوا ما يشاؤون ...
لكن المعظم الان غير مؤهل لذلك
يجب ان نثق في انفسنا اكثر من ذلك ... حشد المليونيات - و هو ما تأكد في جمعة الاحتفال - اصبح شئ ليس بعيد او صعب ... الارادة الشعبية اصبحت لاعب اساسي في الحاسة السياسية الان ... سيتم تحديد بعض النقاط في الوقت الحالي و ان لم تنفذ سيكون هناك مظاهرات مليونية حتي يتم تنفيذ جميع المطالب ...
لن تتغير البلد في غمضة عين ... المرحلة الانتقاليه ستكون عامان الي ثلاثة .... و بدء قطف الثمار ان بدأنا في الزرع جيدا سيكون بعد عشر اعوام ... لنثق بأنفسنا و نستمر في التوعية و الايجابية و العمل علي المشاريع النهضوية التي تحفظ لنا روح الثورة داخل النفوس بل و تنشرها ... و لتمارس الضغط الابيض من خلال المليونيات ان لم يتم تنفيذ ما نريد في وقت معقول ... و الله معنا .
هناك 4 تعليقات:
اتفق معك فى غالبية ما طرحت و لكن ما بتسرب من أخبار ليس كله بلبلة .. الان بدأت تطفو على السطح اشياء كثيرة كانت مخفية و منها ما يؤكد بعضه و منها ما يتناقض .. و الصعوبة فى تأكيد كل خبر . و اصبحت كالاحجية . احاول تأكيد خبر لابنى عليه خبر أخر ..مرة أخرى احسنت .. فتح الله عليك بالعلم من عنده
اكيد ليست كل التسريبات بلبلة لكن المشكلة ان الجميع ليست لدية اولا ارضية صلبة ليقيس عليها ما يستقبله من افكار و اراء ... ثانيا ان فعلا قد تجعل الناس تتجه في التفكير اتجاه مبالغ في استخدام الانفعالات و الاغراف في التشاؤم او التفاؤل دون اعمال العقل و محاول استقراء الواقع كما هو او اقرب صوره له
يصلح هنا نفس تعليقي على البوست السابق .. ارهاصات ما بعد الثورة
لم يكن الفساد في مصر شخصا واحدا
بل كان رئيسا يتبعه وزراء يتبعهم وكلاء يتبعهم مديرين يتبعهم أقسام يتبعهم عمال وموظفين
وكان الفساد مجتمعا مترابطا متغلغلا في البلاد .. لذا فإن ازالته ستحتاج الى وقت طويل جدا .. واختفاء كل هؤلاء فجأة سيؤدي الى انهيار البلاد فجأة أيضا
الموضوع عايز وقت .. صبراً
ومثال ادارتك للمستشفى بيشرح تعليقي ده تماما .. الموضوع مش بالبساطة دي أبدا .. وموضوع الأعمدة الفاسدة ده تشبيه رائع أيضا
إرسال تعليق