ايامي... في شارع دنشواي

السلام عليكم و رحمة الله و بركاتة

تغير مجال عملي قليلا و اصبحت اعمل في صيدلية مستشفي كتكليف ...فلقد قبلت التكليف , طبعا بعد الاستشارة و الاستخارة و بناء علي نصيجة الاهل و الجماهير العريضة هنا و علي الفيس بوك ...

لنتحدث عن صيدلية الصرف الخارجي المجاني ... و لمن لا يعرف فهذه صيدلية في المستشفيات الحكومية , تصرف الدواء بالمجان علي تذكرة الكشف التي هي بمبلغ جنية واحد فقط و لكننا نبيعاها بسعر اغلي قليل


يوجد في الصيدليه ابسط الانواع الموجودة من الادوية , فالمضاد الحيوي الشراب علي سبيل المثال هو نوع واحد فقط و تركيز واحد فقط ... و هاكذا بقية الاصناف
فاصناف هذه الصيدلية لا تتعدي 40 صنف و علي الرغم من ان الاصناف الموجودة في الصيدليات الخاصة لا تقل باي حال من الاحوال عن 5500 صنف :)

و طبعا عندما تتعامل مع هذه النوعية من الجمهور- مرتادي العيادات المجاني - تري وجة اخر لمصر مختلف تماما عما يمكن ان تراه في صيدلية في شارع عبد العزيز فهمي مثلا ....فالسمت العام لهم انهم لا يجيدون القراءة و الكتابة , و للامانه كنت انظر لهذه الفئة علي انهم جهلاء و ليسوا طبين و لا استطيع التعامل معهم ... و لكن الحقيقة عندما اقتربت اكثر منهم وجدت ان الاغلب اناس محترمين حتي و ان كانت ثيابهم بسيطة ... و حياتهم اكثر بساطة و اقل تعقيد و تستطيع ان تنفذ سريعا داخل حياتهم ...

و ما اقابلة من سخرية من الجانبين ( زملاء العمل و المرضي ) انني احب النظام , و اصر علي ان يقف المرضي طابور باسبقية الحضور ... و هذا يقابل باستياء شديد من العاملين في المستشفي ان ارادو صرف دواء الذين يظنون ان عملهم يعطيهم افضليه علي الناس ... فلن انسي عاملة دخلت لي من الباب - و هو غير مسموح - فاشارت اليها ان تقف في الخارج حيث يقف الناس ... و سمعتها و هي تخرج تقول ... هو الناس كمان هتتساواي ولا ايه و رفضت ان تقف في الطابور فلم اعرها اي انتباه الا بعد ان انهيت الجميع ... الظريف ان الناس بدأت تعتاد طريقتي و تقف في طابور للنساء و اخر للرجال - من نفسها - بل و ينهرون من يكسر الطابور , لانهم عرفوا انني لا اعتبر من يزاحم ناصح و لكني اتجاهله للاخر ...

أغلب المرضي يكونوا من الاطفال الذين تصحبهم امهاتهم .. و اي مريض - في اغلب الاحوال - لابد ان يكون معه شخص اخر ... نادرا ما تجد فرد يذهب وحده للطبيب حتي انني رأيت في مرة شخص معاه 4 نساء و رجلين و المرض اصلا بسيط للغاية !!!!

و للاسف مستوي الوعي عند هذه الفئة صفر او او اقل , فمرة اخذت امراه مضاد حيوي شرب - للعلم يتم تحضير اغلب المضادات الحيوية الشرب علي شكل بودرة و يتم حلها بالماء المقطر - و اخذت مع المضاد دواءشرب خافض للحرارة ... و وجدتها تقول لمن معها انت تضعي محتوي هذه الزجاجه - تقصد زجاجة خافض الحرارة - علي البودرة !!! قلت لها لأ طبعا غلط ...تشتري كيس مية من الصيدلية اللي برا بربع جنية و تحلي بيه الدواء..
و هناك امراه اخري سئلتني ...ما هو استخدام هذا الدواء , قولت لها لزيادة الكهرباء في المخ ...لم يبدوا عليها انها فهمت ..فكررت قولت لها لعلاج المخ ... قالت لي و لكني معنديش مخ !!! قولت لها لأ كلنا عندنا امخاخ

من اكثر الحالات التي استرعت انتباهي و جعلتني اتفكر طويلا فيها هي .... امرأة تبدوا محترمة ووقوره , و بعد ان صرفت لها الدواء قالت لي فيما استخدام هذا الدواء ؟ قولت لها مما تشكين ؟؟؟ قالت هل يستخدم في توسيع الشرايين ؟؟؟ عامة الدواء ليس لي انما هو لابني فظننت ان ابنها مصاب بتوع من تصلب الشرايين ... و لكن من عادتي ان اسئل عن ما يعانيه ا لمرء حتي استطيع ان اكون فكرة شاملة عن المرض ... و اذ فجئة اجد شاب طويل اسلوبه غاية في السوء و البلطجة يقول لوالدته ...يامما توسيع شرايين ايه ...انت مبتفهميش ؟
فقالت له اسكت انت خالص و سيبني اشرح للدكتورة ... و قالت لي ان ابنها اخد حقنة و اصابعة شوف تسقط !!!!

لم استوعب كلامها في البداية و صدمت و قولت لها ان تنتظرني حتي انهي بقية الناس و استفسر منها عن الحالة ... وقال لي ان ابنها كان يأخذ حقنه برشام ... و عندما سئلتها ان تشرح اكثر ...انهم يحضروا اقراص دواء و يدقوه و يدوبوه في ميه و يسحبوه و ياخدوه وريد فحدث عندة جلطة في يده فاخذ الطبيب يعطية ادوية تزيح الجلطة حتي تحركت الي عقل اصابعة و هذه العقل اسودت لان الدم لم يعد يصل اليها و سوف تسقط !!!!!
التفسير العلمي لهذا الامر ان حبيبات البرشام لم يذيبوها بشكل صحيح - لان اي طالب في صيدله يعرف ان تحضير اي محلول يؤخذ وريد لابد ان يكون صافي تماما ولا تشوبه شائبه - فحدث ان تجمعت حبيبات هذا الدواء في اصغر الاوردة التي تغذي عقل الاصابع و حرمت من الدم و لذلك ماتت و سوف تسقط قريبا
و كاتنت تحكي و هي غير متأثرة و لكن تشعر بالخزي منه و قالت ان عمرة 24 عام و انهم لم يقصوا في اي شئ معاه لدرجة انهم زوجوه و حضروا له كل شئ حتي لا يشعر بنفقص عن اصدقاؤة - اصدقاء السوء - و قالت لي انه يعمل سائق ميكروباص ..فقولت لها اي انه يكسب كثير ..قالت لي مكله ضايع علي الزفت اللي بيشربوه و الزفت اللي بيضربوه

سمعت كثيرا عن هذا النموذج , و لم ان تسمع شئ و ان تراه بنفسك شئ اخر

هذا ما يحدث بيني و بين الجمهور ... و لكن من اظرف الاشياء التي حدثت من مسؤولين المستشفي ... هو انه ذات يوم دخل علينا الصيدلية مسؤول من المستشفي يقول لنا ... هناك جمعية اسمها " اطباء بلا حقوق " هذه الجمعية قررت ان تسلك المسلك الشرعي و ان تعاين احوال الاطباء علي الواقع ... حتي تعرف معاناه الاطباء و ترصدها عن قرب ... طبعا انتوا عارفين ان ان الجمعية دي ضد الحكومة و احنا مش عايزين نعمل مشاكل مع الحكومة ... و خاصة ان اي حد هيقول اي معلومات عن انتوا بتاخدوا كام او عدد ساعات العمل اد ايه او هل الادوية متوفرة ولا لأ طبعا المعلومات دي حساسة و عسكريه للغاية علشان فرضنا حصلت حرب ... يعرفوا بقي فيه كام سرير في المستشفي و كدا بقي؟؟؟ امن الدولة هيتدخل في الموضوع و لو ثبت ان حد قال اي معلومة هيتم التحقيق معاه ...
قولت له و انا اكتم غيظي ... طيب و لو شوفنا حد من المنظمة الخارجه عن القانون دي نعمل معاه ايه ؟؟؟ قاللي تطلبي له الامنف ورا يا دكتورة ... دا امن قومي ولا يجوز العبث به ... و انتوا عارفين طبعا اننا مظلومين ...و كل الناس عارفين اننا مش بناخد حقنا ...بس مفيش داعي اننا نشتبك مع الحكومة



لا يتسع المجال لذكر كل ما يحدث ...و للحديث بقية ان شاء الله تعالي

من ايامي ايضاً :
ايامي في شارع عبد العزيز فهمي , اخر ايامي في شارع ابو زيد , ايامي في شارع ابو زيد

Blogged with the Flock Browser