الخميس، أغسطس 28، 2008

كلاكيت تاني مرة ...ماليزيا






السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

كما قلت لكم اني احضر الان دورة التثقيف الحضاري في كلية سياسة و اقتصاد جامعة القاهرة و اشكر حقا الدكتورة نادية مصطفي علي الجهد الرائع الذي تبذله في هذا المجال للتوعية و التثقيف

و موضوع هذه الدورة هي استعراض نماذج متعددة لدول اسلامية غير عربية و كيف استطاعت ان تحدث نهضة و ان تتعايش مع قوميات اخري و التركيز علي هذا الجزء التعايش في الحضارة الاسلامية ايا كان موقعها

تحدثت الدورة بشكل عميق عن دول ماليزيا و اندونيسيا و باكستان و تركيا و ايران و لكن ما حضرته هو ماليزيا و تركيا و ايران و حقا اكتسبت معلومات جديدة احب ان اشاركها معكم ... و ان ابسطها قدر المستطاع لانها حقا قيمة للغاية و تستحق


في التدوينة السابقة كنت قد استعرضت سمات شعب ماليزيا المسمي " شعب المالاي " و ان بهم صفات كثيرة جدا قريبة من صفات شعب نعرفه جميعا و لكن ما علينا :)

و احب ان اركز اليوم - بشكل مختصر جدا - علي سر تقدمهم و هو الرئيس الفذ مهاتير محمد ( او كما يترجمه البعض محاضير محمد ) لانه حقا جدير بان نذكر دورهذا الرجل العظيم في تنمية هذه البلد و النهوض به


تولي منصبه سنة 1981 و تجددت ولاياته خمس مرات نتيجة انتخابات ديمقراطية - اشدد حقيقية و ليست مجرد شعارات - حتي اختار ان يترك بنفسه السلطة سنة 2003 و سلمها الي نائبة عبد الله بدوي . نقل دولته عندما تسلمها من دولة زراعية متخلفة الي دولة صناعية من دول النمور الاسياوية .... و 50% من صادرات ماليزيا لدول العالم هي صناعة تكنولوجيا دقيقة ..... حينما تسلم مهاتير محمد السلطة كان ترتيب ماليزيا في مقياس التنمية البشرية سنة 1980 رقم 58 عالما و عندما ترك السلطة كان ترتيب الدولة رقم 33 عالميا و في عصره ارتفع دخل الفرد من 432 دولارا عام 1980 الي 8750 دولارا عام 2000 ( هذه ارقام حقيقة و ليست متفبكرة اكرر ) و ارتفع نسبة المتعلمين من 66% عام 80 الي 88% عام 2000 و قد حدث هذا كلة في اطار نظام سياسي احتفظ بالموروث الماليزي التقليدي الاسلامي مع وجود نظام برلماني يقوم علي انتخابات حرة نضيفة كل 4 اعوام


لم يشتهر مهاتير محمد في العالم العربي الا بعد عام 1997 عندما واجده اسيا ازمة ماليه حادة ... و قد رفض ضغوط صندوق النقد الدولي بل و نجح في الخروج من الازمة رغم الضغوط الغربية , كما لفت النظر الي جرائته في التعامل مع القوة العظمي الوحيدة الولايات المتحدة عندما وصف ال جو , نائب رئيس الولايات المتحدة علنا بالوقاحة , بعد ان هاجمه ال جور في مؤتمر دول مجلس التعاون الاقتصادي لاسيا الذي كان منعقدا في كوالا لامبور عام 1998

يري مهاتير محمد ان للقائد دورا محوريا في التطور التاريخي و الاجتماعي في مجتمعة و لكنه لا يستطيع ان يؤثر علي المجتمعات الاخري .و اتساقا مع نظرته الصراعية السياسية ... يعتقد مهاتير محمد ان هناك عدوا رئيسيا لاسيا ,و العالم الاسلامي عموما و هو الغرب عموما و اوروبا تحديدا و ان العداء الغربي هو جوهري و حقيقي و دائم . فالاوروبيون عنصريون وعدوانيون و لم و لن يتخلوا عن فكرة الهيمنه
يعتقد انه من الواجب اختيار الاهداف السياسية الممكنه التحقيق و لكن بمجرد اختيار الاهداف يجب ان تتحقق من خلال منهج تدريجي , مرن , بعيد الامد , يتسم بالانضباط و من خلال جدول زمني تتحقق فيه الاهداف علي التوالي ( ملحوظة مني : هذا ما يسمي بالرؤية الاستراتيجية بعيدة المدي ) و ان السياسة العامة يجب ان تنهض علي اساس يدور حول مفهوم " المشاركة الذكية " و لكنه تجاه العدو الخارجي لابد ان تكون دفاعية ردعية . ( يقصد المشاركة الذكية من جميع الاعراق الموجودة في ماليزيا لانها دوله متعددة الاعراق ) م


فكرة مهاتير محمد بالنسبة للعولة فكر بالغ الثراء و التنوع , و قد تحدث عن القضايا العشر للعولمة و حدد انه لابد من وجود استراتيجيات للتعامل مع العولمة لانه اكتوي بنار العولمة و فقد حوالي 249 بليون دولار في الازمة الاقتصادية التي مرت بها اسيا عام 1997 و لكنه مع ذلك يقول ان العولمة فكرة عظيمة حان وقتها و انه علينا ان نطبقها و لكن بشروط صارمة لانها حقيقة واقعة حدثت بالفعل و ان الارتباط معها مسئلة حتمية و لكنها لا تشكل نهاية التاريخ علي ايه حال ... و انه عندما هاجم العولمة هاجم العولمة الراسمالية التي تعيد انتاج العصر الاستعماري و لم يهاجم العولمة ذات الوجه الانساني التي تجلب المنفعة للدول النامية و قد شرح الاستراتيجيات التي يمكن للدول النامية ان تستفيد منها في العولمة



كما اكد المهاتير محمد ان الاسلام نظام شامل للحياة و بالتالي فهو المرجعية العليا للمسلمين بما في ذلك ماليزيا كما ان التطبيق الصحيح له يكفل التنمية فضلا عن تأكيدة علي اهمية تجديد فهم الاسلام بما يتناسب مع الظروف المتغيرة و علي اهمية عدم استبعاد الديانات الاخري ف المجتمع و اعطائها الفرصة للتعبير عن ذاتها بكل الاشكال . فهو يؤمن بالتعايش التوافقي بين الاديان
كما ينظر ايضا للقيم الاسياوية و قد اعتبر ان هناك قيما اخلاقية و انسانية عامة لكل زمان و مكان ينبغي علي الجميع احترامها و عدم الاحتماء خلف عباءة النسبية الثقافية لاهدار تلك القيم . كما اشار ان القيم الاسياوية شئنا شأن القيم الغربية الاخري لها ايجابياتها و سلبياتها اما الجوانب الايجابية تقديس العمل الجماعي ... انا علي الجانب الاخر من القيم السلبية فتوجد تقيم روحية مفرطة و قهر المراة و غيرها و لكن تلك الجوانب ليست مبررا لتدخل الاوروبيين لاهدار القيم الاسياوية و التهديد بفرض عقوبات ان لم تتبني القيم الاوروبية و في الوقت ذاته لابد من اقامة حوار بين الثقافات لاكتشاف نقاط الالتقاء




كانت هذه مقتطفات سريعة من مقدما كتاب ( الفكر السياسي لمهاتير محمد - برنامج الدراسات الماليزية - جامعة القاهرة ) و الذي اعتقد ان اي مهتم لاحجاث اي نهضة لابد ان يتناول هذه الكتب القيمة بالدراسة و البحث و محاولة تفعيل و تعميم نموذج هذه التجربة الاقرب الينا من حيث خصائص السكان

من ضمن الطرائف التي تحكيها لنا الدكتور محمد السيد سليم عند زيارته لماليزيا( لانه من الفريق الذي الف الكتاب و قابل الاستاذ مهاتير محمد لمناقشته في بعض جوانب الكتاب حتي يخرج دراسة حية ) وجد متحف اسمة " متحف مهاتير محمد " فظن انه سوف يجد متحفا به بعض الصور و اللوحات و التماثيل الشمعية و لكنه يقول انه فوجئ ان هذا المتحف عبارة عن كل الهدايا التي تلقاها الرئيس السابق مهاتير محمد من دروع فضية و هدايا و اقلام ذهبية و سيارات و ما الي ذلك من كل الرحلات التي سافر اليها او احضرها اليه اي مسؤول ديبلوماسي حتي ان الدكتور سليم يقول انه وجد هدية طبق فضة كان قد اعطاه له في مرة من المرات عندما اتي الرئيس مهاتير الي مصر في احد الزيارات لكلية السياسة و الاقتصاد ... و طبعا ان كان قد باع الرئيس هذه الهدايا لاصبح ملياردير . :)

الأحد، أغسطس 24، 2008

ما بين حفل التوقيع ...و ماليزيا

السلام عليكم

اعيش الان ايام حافله جدا و غاية في النشاط و الحمد لله اني لاقية وقت لادون

امس عدت من حفل توقيع العدد الثاني من كتاب مدونات مصرية للجيب .... و علي المستوي الانساني سعدت جدا جدا جدا لاني قابلت ناس اتابعهم و اسميهم " الناس الدماغ " و رغم اني عارفة انهم ناس زيينا لكن معرفش مكنتش متخيلاهم عاديين اوي جدا

بجد ماشاء الله فعلا ربنا يبارك فيهم
و شاهدت مدونين اخرين توطدت علاقتي بهم اليكترونيا - يعني بدأت اقرأ لهم و هم يقرؤون لي بالاضافة للوجودة المعروفة سلفا :)



لكن علي المستوي المدونين ... مش عارفة انا حاسة ان الامر فقد بريقة ... اذكر اول مرة كم كان الجميع متحمس .... و بالرغم من ضيق المكتبة الشديد التي تم بها توقيع العدد الاول الا ان عدد الحضور كان فوق المتخيل و كان الزحام لا يطاق ... و لكن هذه المرة بالرغم من ان المكان اكثر اتساعا الا ان العدد الذي جضر يكان يكون نصف الحاضرين في العدد الاول !!!
كما انني لم احد نفس الحماس و لا نفس الروح التي كان يتحدث بها الجميع

حتي انني عدت منهكة و كنت اجهز لموضوع اخر و ابجث في الشبكة العنكبوتية عنه و لكن يكون بااستطاعتي ان اكتب عن الامر. و فوجئت اليوم ان احدا ممن جضر لم يكنب عن الامر مثل المرة الاولي ولا حتي ذكره بشكل عابر :)

هل نحن نتحمس كثيرا لشئ ما بكل قوة في البداية و لكن قدرتنا علي الاستمرار منعدمة ؟؟؟ ام ماذا

***********************************************************************


ذهبت اليوم لجضور فاعليات اول يوم من دورة التثقيف الحضاري ... و تحدثنا اليوم عن الخبرة الماليزية في انهم اصبحوا نمورا

و تقدم مشكورا الدكتور محمد سيد سليم بشرح اكثر من رائع لماليزيا

من ناحية التاريخ و خلافة

و من اكثر الاجزاء التي اعجبتني في تحليلة لسمات الشخصية لسكان الملاي الاصليين ( اهل ماليزيا الاساسيين لان بهم هنود و صينيين و هؤلاء لا تنطبق عليهم هذه السمات )و

مثل :



انه شعب يميل الي ما هو قائم و سرفض التغيير و علي الرغم من وجود ديمقراطية حقيقية الا انها دولة ذات حزب قوي واحد

الملاي يميل الي بذل الحد الادني من الجهد للحصول علي النتيجة ( عندهم مثل شعبي يقوم اعمل في الصباح لوجبة الافطار و في الظهر لوجبة الغذاء و في الليل لوجبة العشاء ) و

يحبون الاسترخاء جدا

عدم القدرة علي مواجهة التحديات

وجود بعض الصفات مثل التسامح - الجود - الكرم ( علي راي الكاتب اكثر من حاتم الطائي في كرمه )
يتسم هذا الشعب بالبساطة الشديدة يذكر الكاتب انه كان في مدينة من مدن ماليزيا و في المدينة فندق واحد و كان في طريقة الي المصعد فوجد شخص منذوي يجلس وحده و تذكر الدكتور ان وجة الرجل معروف و عندما عاد و دقق النظر في وجهه وجدة رئيس الوزراء عبد الله بدوي ... ففوجئ الدكتور بانه يجلس وحده و في نهاية الحديث ( بعدما شربوا الشاي سويا ) قال له ابقي سلم لي علي عمرو موسي فضحك الدكتور و قال الامر عندنا في مصر ليس مثلكم :)

يتفادي ا لصراعات باي ثمن

لا ينتقد الملاي اي انسان علي الملأ و لو تم انتقاده هو علي الملأ يحرج للغاية ولا يعرف كيف يتصرف

يقدرون قيم العمل الجماعي للغاية

يحترمون الكبير

عدم الرغبة في مراكمة الثروة

الميل الي حماية التقاليد الموروثة و لا يقبلون التغيير

لا يطرحون الكثير من الاسئلة

المشي لابد ان يكون بطيئا ( لو سارت امرأة في الشارع بسرعة لكانت موضع انتقاد الجميع ) و

يحبون المسلمين من جميع انحاء العالم بشكل غريب
يذكر الدكتور انه كان في وفد الي ماليزيا و معه دكتورة اخري في مدينة من مدن اقايلم ماليزيا ... و انه ما ان اتوا الي الفندق حتي سمع ان وفت نسائي قادم لتحية الدكتورة زميلته و كان علي راس هذا الوفد زوجه حاكم الاقليم ( لانها عبارة عن ولايات ) يحكم كل ولاية حاكم منفصل ,فقط لانها علمت انها حضرت من مصر و انها بلد الازهر لانهم يحبون الشيخ محمد عبده و مذهبه الفكري جدا هناك



و مع ذلك رغم كل هذة الصفات اصبحت ماليزيا من دول النمور الاسياوية




الخميس، أغسطس 21، 2008

ترويج / محاربة, الافكار/النماذج

السلام عليكم و رحمة الله

يتميز الانسان انه يفكر بشكل دائم للوصول للافضل ( افضل صورة ممكنه في كل شئ ) و يحاول تطوير افكارة باستمرار للوصول لهذه الغاية , فيضع نظريات و يحاول تطبيقها
هناك افكار تظل مجرد نظريات , و هناك افكار تم تطبيقها بالفعل و اثبتت فشلها , و هناك نماذج سقطت و لم يظهر مكانها نموذج اخر, و هناك افكار مازالت تكافح كي يتم تطبيقها ... و هناك علي الجانب الاخر بعض الناس يتجمدوا و يفضلون المعتاد ولا يتسم فكرهم بالتطوير ,الذي يحاول الوصول بالانسان للافضل ....هذا لانهم يستسهلون و يفضلون العادة المعروفة علي التجديد الغامض ... و لكن يظل بداخلهم حلم التغيير و لكنهم لا يقدمون علي المخاطرة بتجريب نموذج و النضال و السعي لتطبيقه و لكنهم يفضلون ان يأخذوا نموذج جاهز

و علي كلٍ , فان اخطر انواع الفكر: هي التي تنقد الاوضاع القائمة و تقدم نموذج (افضل) للتطبيق بشكل عملي ... و بالتبعية , فان اخطر انواع الافعال :هي التي تكون مبنية علي رؤية و هدف واضح منذ البداية ... لانه يقدم النموذج الحقيقي الذي يريد ه الجميع للوصول الي الافضل

و لذلك نلاحظ في حياتنا انه يتم محاربة / ترويج كلا من :1- الافكار المؤدية الي الفعال تغيير , او2- نماذج واقعية للتغيير قائمة علي فكر معين .


منذ فترة ليست بالقليلة ظهرت علي الساحة العربية و الافريقية نموذج فريد من نوعه و لم يلقي الاهتمام الاعلامي المطلوب ما اقصده هنا هو " التجربة الموريتانية في الديمقراطية " ان جاز التعبير ... فهذه التجربة هي تجربة رائدة و عظيمة بحق ... لانها قائمة علي اسس ديمقراطية سليمة , و ليس هذا الوقت المناسب لاحكيها كلها و لكن يكفي ان اذكر انه حينما حدث عجز في الموازنة العامة تنازل الوزراء و رئيسهم عن ربع مرتباتهم حتي يساهموا بشكل عملي في تقليل هذا العجز ... و هي خطوة جريئة و غير مسبوقة و تعطي درساً عملياً لكل حكومة تريد ان تنال لقب حكومة محترمة . و وجود هذا النموذج الواعد في منطقتنا تلك ليس في مصلحة اي دولة من دول الجوار ( العربية كانت ام الصهيونية ) و خطورته تكمن في انه قائم علي فكر واضح منذ البداية ... و لانه يعطي الامل في التغيير بشكل من الاشكال ( الاستبداد ليس ابدي ) و انها ممكنه و ليست ببعيده عنا, و ان العرب يمكن ان يكون لديهم حكم متحضر حقيقي غير قائم علي سلطة عسكرية و لكنها سلطة متحضرة ذات رؤية و لان فكر الانسان لا يتوقف عند حد معين فهو في تطوير مستمر ... فشكل هذا النموج يمكن ان يطور بصورة او باخري قد تهدد استقرار الانظمة الاستبدادية في المنطقة من ناحية .... و من ناحية اخري فوجود نموذج مطبق (بالفعل و ليس مجرد افكار ) متحضر من دوله عربية يهدم فكرة ان اسرائيل هي راعية الديمقراطية في الشرق الاوسط و ان وجودها ضروري ( لانها تمثل النموذج المتحضر الوحيد ) الذي سوف يكون مثل يحتذي به من قبل الحكومات الاستبدادية في المنطقة ...
خلاصة القول ان نموذج التجربة الموريتانية كان غير مرغوب فيه بشكل او باخر في المنطقة من قبل كل دول الجوار و لذلك فاعتقد - و الله اعلم - ان جميع هذه الاطراف شاركت في اذكاء نار الانقلاب و تمت المسرحية بشكل درامي بان انهي اول نموذج ديمقراطي حقيقي عربي

( المثال السابق هو مثل لمحاربة النموذج القائم بالفعل )




نري الاغلبية العظمي من الناس ( خاصة بعد مسلسل الملك فاروق ) يروج لفكرة ان فترة الحكم للملك فاروق كان فترة ذهبية في حياة مصرنا المحروسة و ان الثورة - والتي بالمناسبة اصبحت الموضة الان تسميتها بالانقلاب - ما هي الا انه بعض المصريين الاوغاد الذين حاولوا استعادة مصر من قبضة الاجانب و تخليصها من الملك .. والمبالغة في التشدق بجمال عصر الملك و ان البلد كانت رائعة و مفيش بعد كدا , بل ان بعض الاقلام تمادت حينما قالت انه من اخطاء الثورة انها يسرت التعليم للجميع و بذلك ساوت ما بين الرعاع - ابناء الفلاحين - و الصفوه و جعلت حلم اغلب الناس هو التعليم (آن ذاك ) و هذا ادي الي البطالة ( الان , مع نسيان ان هناك فجوة زمنية مقدراها 50 عام علي الاقل ) لان اعداد الخريجين اصبحت لا تتناسب مع سوق العمل !!! انني لم اري خلط للاوراق بهذه الطريقة في حياتي اكثر من هذا ( الا اللهم تهويل اليهود في المحرقة النازية ) و ربما ساعد علي انتشار هذه الثقافة ... اولا: قله الثقافة و اعتماد الاغلب علي التليفزيون كمادة تثقيفية و نست اعمال عقلها فيما يدخل اليه و تفنده و تحلله و ثانيا: لان التيار الاسلامي لاقي ويلات حقيقية في السجون و المعتقلات ( و ان كنت اشك ان ما يًفعل الان اكثر و اشد ) فساعد هذا علي اذكاء روح العداء و العودة اللا واعية لعصر الملك و كأنه العصر الذهبي لمصر ... لا اعني ان عصر ناصر كان عصرأ ذهبيا هو الاخر و لكن به اخطاء و اخطاء فادحة و لكن المجمل كان ايجابيا و ليس سلبيا كما هو الحال الان .

و افند هذا الكلام و هذه الادعائات انه لابد ان نحكم علي التاريخ في لحظته آن ذاك و ليست بمعايير العصر ... و ان ازمة البطالة حدثت منذ حوالي 27 عام او اقل و ليس المتسبب فيها هي سياسة التعليم الميسر و المتاح للجميع و لكن ببساطة سياسة بيع مصر للاجانب و عدم ايجاد تصنيع حقيقي ... و لنتأمل بهدوء الغرض او الهدف من ترويج هذا النموذج الخبيث في الفكر ... لنعلم ان الاوضاع الاقتصادية و السياسية عادت الان بالظبط مثلما كان الامر ايام الملك ( فنحن الان نستعد لتوريث الحكم كأنه تماما حكم ملكي و لكن في صورة اكثر مجاراه للواقع ) و يتمثل هذا في الفساد المطلق و الشنيع و استبداد نفر قليل بثروة مصر دون غيرهمو الباقين جياع ولا يستطيعون سد الرمق ... و ايضا بيع مصر للاجانب المتمثلة في البنوك و محاربة التصنيع المحلي ( الذي هو ضرب للاقتصاد ) و الاعتماد علي الاستيراد, اي ان الوضع مظلم , و ترويج النموذج الذائب في عشق الملك و الملكية و الذي هو ايضاً ضد الثورة هو في الحقيقة نموذج فاسد ايما فساد لانه يجعل الناس في حالة تقبل كامن للوضع القائم ... لان الاساس هو ان الاغلب جاهل , الاساس انه لا تعليم , الاساس انه هناك قله تحكم و تنعم في خيرات مصر ( كما كان الحال ايام الملك ) و هذا هو حالنا الان و الاغلبية العظمي من الشعب مسكين و يرتع في ظلمات الفقر و الجهل و المرض ... الترويج لهذا النموذج الخبيث هو في الحقيقة جعل الاغلبية تتقبل الوضع القائم و عدم الثورة علي الظلم الواقع عليها .
( المثال السابق هو مثل للترويج لفكرة ينبني عليها تقبل الامر الواقع )



اعتقد ان الجميع تابع بشغف الحكم الصادر في قضية العبارة و التي حكم علي الجميع فيها بالبراءة( بغض النظر عن ان البعض يقول ان مالك الشركة لا يحاسب علي جزء صغير بها فمثلا مدير هيئة النقل العام لا يحاسب علي اوتوبيس غير صالح للاستخدام و لكن هناك هيئة مختصة بامن و سلامة النقل البحري و هي المسؤولة الاساسية عن منح ترخيص عمل لمثل هذه العبارة و غيرها ) و ايا كان المسؤول ... فاعتقد انه عدم محاسبة مالك العبارة و ان الجميع يأخذ براءة لانه لا توجد مسؤوليه علي احد هو شئ منطقي للغاية ... لانه لو تمت محاسبته فلابد ان يحاسب جميع المسؤولين في البلاد علي مختلف المستويات في عن تقصيرهم في كل كبيرة و صغيرة و عن حكم و كمية الفساد الموجود الان في بلدنا ... و لان مالك العبارة هو رمز " المالك الذي يخطئ ولا يحاسب بل يداري عليه الجميع" فلم اتعجب ان لم يصدر تجاهه او تجاه اي فرد او حتي تحديد اي مسؤولية جنائية مقنعة علي شخص او عدة اشخاص , فما يحدث هو نتيجة منطقية تماماً ...

مثله مثل مدير المستشفي التي يموت فيها المتبرع و المستلم في عمليات زراعة الاعضاء و الذي يأخذ حوافر و بدلات الاطباء و يلقي اليهم بالفتاتو يقصر في حق جميع العاملين بالمستشفي ...و بعد موضوع الوفاه هذا تقوم عليه زوبعة وهمية ثم تم نسيان كل شئ , و تتوهم صديقتي ان بعد فضيحة موت المتبرع و المستلم للعضو ان عمليات زراعة الاعضاء سوف تتوقف و سوف يستقيل مدير المستشفي و يحل محله اخر نظيف الذمة ... فقلت لها في اوج المعمعة قبل ان اعرف التطورات ... عزيزتي ان بقاء هذا المدير من علامات سيادة النظام المصري فلا يصح ان يذهب المفسد لانه ان ذهب فسوف يذهب جميع متقلدي المناصب السيادية في البلد و هذا ما لن يحدث ابداً


(المثال السابق هو مثل للترويج لنموذج قائم بالفعل )



الأربعاء، أغسطس 06، 2008

محدودية الانسان - التنوع و الاختيار


السلام عليكم
هل التنوع نعمة او نقمة ؟؟؟
كان هذا السؤال يجول في خاطري دائما ً و لكني لم اجد له اجابة الا عندما مررت بمراحل اجتماعية متنوعة

( ينطبق هذا علي كل العلاقات التي يختارها الانسان سواء مع بشر او اشياء ) ...

لنضرب المثال اولا ثم نستنتج ... عندما يذهب الانسان الذي يعيش في قرية قليله العدد حيث يعرف الجميع بعضهم البعض الي المدرسة و يكون صداقات ... لا تختلف صداقات المدرسة عن اقرانه الذين يلعب معهم خارجها و هم جيرانه و اقاربه ( المحدودين الذين يكاد يعرفهم فردا فردا و بالاسم ) ففرصة تكوينه للصداقات تقريبا مغلقه علي من يعرفهم فقط و ان لم يجد من يتفاهم معه في نفس محيطة فلا توجد فرصة اخري لايجاد صداقات ... و لكن عندما يتدرج في مراحل التعليم و يدخل الجامعة ( و التي هي غالبا لا تكون في قرية و لكن في عواصم المحافظات و قد يضطر في بعض الاحيان الي السفر ) يجد تنوع لا محدود من البشر و يجاد يضيع بداخله ( تحدث هذه الحالة - صدمة الانتقال من المحدود الي المتنوع - مع الجميع و لكن بدرجات متفاوته ...بداية من ترك المنزل (محدود) في الطفولة و ثم ذهابه الي المدرسة ( متنوع ) ثم يتأقلم الانسان ثم تحدث نقله اخري عندما ينتقل من المدرسة ( محدود نسبي ) و يذهب الي الجامعة ( متنوع ) و يتأقلم بعد فترة*

فالمعظم يشكوا من ان المحدود غير متنوع و رتيب ( لان الانسان يعرفه كله ) و يقلل من فرصة الانسان للاختيار , و انه كلما زادت فرص الاختيار ( زاد المتنوع ) و جد الانسان نفسة اكثر

و هذا الكلام اعتقد فيه الي حد ما ... و هذا لان الانسان حقا قد لا يجد من يندمج معهم ( في حالة الصداقة ) ان كان المحدود امامه ضيق ولا يشبع حاجاته و اختلافاته البشرية عن الاخرين ... و لكن لان الانسان قدراته محدودة في الوقت ذاته ... فانه ان زاد المعروض المتنوع عن حد معين اصيب هو نفسه بالحيرة ... و عجز علي ان يحيط بجميع تفاصيل المعروض المتنوع و اصبحت معرفته به سطحية و غير عميقه ... و هذا يظهر بشدة للكثيرين من متابعي المدونات ففيما مضي كان عدد المدونات " محدودا " و يسهل متابعة و الرد و التفاعل مع الجميع ... و لكن عندما زاد حد المدونات عن حد استيعاب طاقة الفرد ... اصيب اغلب المتابعين بالتشتيت و اصبحت معرفتهم بالمدونات و درجة تفاعلهم معها اقل كثيرا مما مضي ...

و للتغلب علي هذه الاشكاليه ... فعلي الانسان او يوازن بين امرين , المعرفة السطحية المتعددة , و المعرفة العميقة المركزة

و لنقرب الصورة اكثر بالصداقة في الجامعة ... فهناك من يحدث له صدمه من كثرة المعروض و يفضل ان يتقوقع علي اصدقاؤه الذين يعرفهم ( سواء من ايام المدرسة او جيرانه ) و يظهر هذا في المثل " اللي نعرفه احسن من اللي منعرفوش " او التراث الانساني القائل المرء عدو ما يجهل ... و تمضي به ايام الجامعة دون ان يتعرف علي افراد اخرين " مع العلم انه قد يوجد من الاخرين الجدد من هو انسب له ممن كان يعرفهم "..... و هناك من يحدث له رد فعل عكسي ... فيصبح مبهوراً بهذا التنوع و يرغب في ان يحيط بجميع اجزاء هذا العالم ( الذي هو اعلي من قدره اي انسان عادي) و يتعرف علي الناس بشكل مبالغ فيه و ينتهي به الامر الي ان يكون له عدد لا نهائي من المعارف و لكن جميع هذه العلاقات علاقات سطحية دون تعمق حقيقي فيها ...


فاظن ان الموازنة ما بين هاتان الصفتان هي ما تجعل المرء يسير بدون خوف مهما واجه من تنوع ...في صداقات الكلية او قراءة المدونات او حتي شراء كتاب او سلعة جديدة من السوبر ماركت ... ( لنأخذ صداقات الكلية كمثال ) لابد ان يأخذ المرء بداية فكرة عامة علي جميع الموجود ثم سيجد في نفسه انجذاب لافراد دون غيرهم من هذا الكم الرهيب (لاتفاق الميول او الطباع او الاخلاق ) ... فيحاول ان يعمق صداقاته او معرفته بهؤلاء الاشخاص ( قد تنجح و قد لا تنجح و عليه ان لا ييأس ان فشل مره ) ثم سيجد نفسة قد استقر علي افراد معينين و لكن هذا لا يعطله عن معرفة الاخرين و متابعة الجديد باستمرار , مع تعميق من يصلح من المعارف الجديدة ... لانه قد يكون هناك فرد لم تكن قد تعرف عليه و يكون مناسب لك هو ايضا ربما اكثر ا و في نفس مستوي من تعرفهم حاليا و علي صله عميقة بهم ... فعملية التعرف الجديد مستمرة و ترقية عناصر جديدة مع الاحتفاظ ببضع صداقات عميقة هي محاولة لاحداث توازن في موجهه العديد المتنوع الذي نقابله ... و اعتقد ان هذه الصيغة ( الجمع ما بين علاقات عميقة مركزة و سطحية كثيرة ) هي ما تجعل افرادا دون غيرهم علي دراية بما يحدث و معرفه بمستجدات الامور ... فكثيرا ما نجد ادراك بعض الاشخاص ( و خاصة كبار السن ) يتوقف عند مرحلة معينه ( غالبا شبابه ) و يتقوقع فكرهم حولها دون ان يحاولوا معرفه ما هو الجديد الذي يحدث علي الساحة و محاولة الالمام به و احلال الجيد منه مكان الافكار القديمة ... و فوق هذا و ذاك لابد ان يدعوا الفرد ربه في ان يقابل اشخاصا علي نفس الوتيرة الفكرية و الانسانية مثله لانه قد لا يحالفك الحظ مع وجود المتنوع في ان تجد ما يناسبك ... هي مجرد اخذ بالاسباب ليس اكثر

قد يكون التنوع نعمة ... وقد يكون نقمة ... و لكن علينا ان نتعامل معه في ضل محدودة الانسان و عدم نسيان و تجاهل ذلك

-----------------------
*
نلاحظ انه مع كل مرحلة من مراحل الانسان و تطوره يحتاج الي ان ينتقل الي مكان اوسع كي يتناسب مع نموه فالرحم ثم البيت ثم المدرسة ثم الجامعة ثم الحياة العامة كلها تدرجات و انتقالات من المحدود الي المتنوع