‏إظهار الرسائل ذات التسميات فـــكــــر. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات فـــكــــر. إظهار كافة الرسائل

الأحد، ديسمبر 01، 2013

مشكلتي مع ما بسمى بالطرح الإجتماعي الثوري


لدي مشكلة مع الطرح الإجتماعي الذي يزعم أن يكون ثوريًا في عدة محاور:

-  التغييرات الإجتماعية عمومًا تغييرات بطيئة ,و ما يأتى سريعًا فيها يذهب سريعًا , لانه قد يكون منبني علي تأثر انفعالي عاطفي عابر لا تأثر عقلاني عميق حقيقي مستمر ,  أيضًا لأنها هذا النوع من التغييرات لا يتحكم فيه محدد واحد أو عدة محددات يسهل التحكم فيه , علي العكس , عدد المحددات و المؤثرات التي تتحكم في هذا الأمر تكاد تكون غير محدودة ولا يمكن التحكم فيها بشكل كامل . كل ما يمكننا فعله هو محاولة دراسة ما يمكننا فعله و ترك الباقي التفاعل يأخذ مجراه و لكن نحاول تقييمه و تصويبه دائمًا إن إعتراه خلل . 


- المشكلة الأزلية التي نعاني منها و أزعم أنها سبب كل مشاكلنا المعاصرة هي الانفصال ما بين النظرية و التطبيق بشكل شبه كامل , لا المنظرين يعيشون في الواقع بكل تعقيداته ولا التطبيقات تستند إلي مرجعيات . و كل مصمم علي السير في طريقه بدون اي تنازل لذا تنفرج الزاوية ما بين الإثنين و نسقط في الضياع ... 


- عندما يتم الحديث عن التعدد مثلا , أو أن الزواج لا ينبغي أن يكون كاثوليكيًا ( أي ارتباط أبدي بل يمكن الإنفصال عادي و لابد تقبل هذا الامر ) هل هذا الطرح طرح مسؤول متناسب مع الواقع الذي نعيشه ؟؟ الواقع الذي نعايش  له مستويات عديدة , فهو تارة يعاني من صعوبة الزواج ( لاسباب كثيرة منها الكارثة الإقتصادية و منها عدم وجود ثوابت اخلاقية و منها الملائمة ) مجتمعنا يعاني من زيادة معدلات الطلاق , يعاني اصلا من ان الرجال لا يستوعبوا النساء و النساء لا يستوعبن الرجال , أصبح هناك فصل حدي مفتعل يؤثر علي صحة العلاقات الانسانية بين الجنسين أو انخراط كامل دون أي مرجعية او ضوابط بينهما و يكون الفعلان ردًا على أحدهم الاخر ...


- النموذج المختزل الذي يتم ترويجه  دائمًا ما يقدم نتيجة نهائية و صورة نمطيه , و يتجاهل التفاعلات الإنسانية العديدة المعقدة التي تحدث في الخلفية و الكواليس ... و هذا يدمر في العلاقات الإجتماعية اكثر منه يبني  و لأننا للاسف لم نربي علي نمط نقدي او باحث عميق , نجد ان من يرى تلك الصورة يحاول تقليدها بحذايرها , و يتجاهل كم المعاناة و التفاعلات التي تمت في الخلفية التي نتج عنها تلك الصورة الجميلة و التي ما ان اقتربت منها ستظهر لك نقائصها البشرية مثلها مثل أي شئ ... 
دائمًا ما ننظر للناجح علي انه ذكي و عبقري , ولا نرى كم التعب الذي بذل و السهر و العرق و البحث و انهيار الاعصاب كي يحصل علي ما هو فيه من مكانه , نظن ان البيوت الجميلة لم يقدم في مقابلها الكثير من التفاهم و الصبر و قبلهما التأني في الإختيار و السعي لإنجاح هذا البيت ايا كانت الصعاب و عدم الاستسهال و التخلص من الانانية و تقديم قيم البذلو العطاء . 


- قد تكون الافكار التي تنادي لها في المطلق صحيحة ولا يختلف عليها أحد , و لكن لابد أن نري الي اين نخطو و ما هو موضع قدمنا حتى لا نذل و نقع و تكون تلك الافكار رغم صحتها وبال علينا , الارضية الطينية ينزلق عليها الاساس مهما كان جيدًا ولا يكون ثابتًا , فلابد من العمل علي التربة نفسها ( تجففها و تدكها و تساويها ) حتي تكون صالحة للبناء . مهما كان شرابك صافيًا لن يكون ذي قيمة و سنضطر للتخلص منه إن وضع في كوب شديد الإتساخ , لابد من تنظيف الكوب ليسهل عليه حمل الشراب الصافي و التمتع بطعمه الجميل . دائمًا هناك عوامل لابد من الإنتباه لها حتي لا نقع في شرك بحس نية و ينقلب الامر كله علينا ... النوايا الحسنة لا تشفع لتوقف السنن الكونية .  
ما يحدث مثلا في موضوع التعدد لا يكون بنفس المثالية الذي يتم به ترويج الافكار , و لكن يكون غالبًا ما ينفصل الرجل عن زوجتة التي صبرت عليه في وقت فقره و تنازلت عن الكثير من حقوقها حتي وصل الي ما وصل اليه ثم اراد ان يستمتع بهذا النجاح فبدلًا من مكافئتها طلقها او تزوج بآخرى اصغر منه بكثير و اصبح يغدق عليها من المال ما يقتر به علي الاولي ام الابناء . هناك عدة أمثلة للتعدد ( زواج من 3 و ليس حتي 2 ) اراها في دوائر اصدقائي و هي كارثية للاسف , يبحث فيها الرجل عن ما يرضيه فقط ولا يفكر في الاخرين و غالبًا ما يكون الاطفال و عدم تربيتهم هو الثمن الذي يدفع لإختلال الميزان . الظريف ان المستفيد من هذا الوضع هو امرأة اجنبية الزوجة (الأخيرة ) الذي كفل لها القانون الوضعي ما لم يكفل التطبيق المخل للقانون الإلهي للزوجتان المصريتان . 

أي فتنة نتحدث عنها ؟؟ الم يكن من الأولي ان نتحدث عن إعلاء قيم مثل العدل و حسن المعاملة ؟؟ ان نعطي الواجبات التي علينا قبل أن نسعى لأخذ حقوق نظن انها لنا ؟؟ ليس حديثًا نظريًا نسخر منه و لكن يكون حقيقي من الشيخ لتلامذته و مريديه و بين الاخ الاكبر و الصديق لأصدقاؤه , اذكر مثلا والد صديقة لي كانت تحكي لي عنه انه كان يرفض دعوات الغذاء المفاجئة من اصدقاؤه لانه كان يشفق علي الزوجة المسكينة من اعداد طعام مفاجئ و يؤدب أصديقاؤه و يعلمهم كيف يحسنوا التعامل مع النساء !!! هذه هي النماذج و القيم التي يجب ان تتداول و تروج . 


المشكلة الاساسية في الفهم , لا يفهم الكثير ولا يعرف كيف يوصف إحتياجاته , و بدل من ان يحاول فهم نفسه يبحث عنها في قراءة قصة او مشاهدة فيلم,  لا يفهم مشاعره ولا ما هي طبيعته ( هل هي طبيعة عاطفية بحتة تريد مشاعر متؤججة أم طبيعة عقلانية ام طبيعة مرحة مهزارة ام طبيعة تميل للخروج و الاستكشاف و ارتياد الرحلات أم جوانية تكتفي بالتأمل و الصمت أم برانية تستطيع ان توزع مشاعرها علي العالم ليضئ بها  ام ام ام ) لا يوجد نمط واحد لفهم الجميع , هل ما يستطيع الاخرين تحمله هل يمكن أن اتحمله انا بمنتهي الواقعية و لفترة طويلة  ؟؟ هل اصلا مررت بمراحل التطور الانفعالي للمرء ( الإعتمادي  - الإستقلالي - التشاركي )  و هي ان يشبع من حب والديه و يكون معتمد عليهم في فترة ما من حياته في مرحلة الطفولة , ثم يمارس مراهقته في البحث عن الذات  و محاولة التفاعل مع العالم و الاستقلال , ثم النضج بإدراك المرء انه لن يمكن ان يستمر او يعمر الكون و هو مستقل و ( مع نفسه ) فلابد من التشارك و العطاءالطوعي , يبحث عن عمل و شريك حياة ليكون هذا تتويج لحياته .. 

الكثيرين لا يزالوا عالقين في مرحلة الطفولة النفسية حيث تفعل لهم اسرهم كل ما يريدون , هم لم يطروا ذواتهم و يستقلوا و يقوموا بأمورهم  و بالتالي لا يمكنهم التشارك و العطاء طواعية ... هم ما يزالوا اطفال يريدو الأخذ غير المشروط من الطرف الاخر و فقط . أو قد يظهر هذا الامر في النساء حيث تكون البنت بنت امها و تعتمد عليها اعتمادية شديدة في كل شئ تقريبًا و لا راي لها و يشعر الزوج انه تزوج بحماته لا بإبنتها !!!

هناك ايضًا من لا يزالوا عالقين في مرحلة المراهقة , حيث الاستقلالية الشديدة بالنفس و عدم الإكتراث بالآخرين , ولائهم لاصدقائهم فقط و ليس للأهل ولا حتي للأسرة التي كونها , لا يزال يخوض مغامرات عاطفية و غير قادر علي تحمل مسؤولية جادة . هم غير قادرين علي العطاء الطوعي لانهم لا يريدون اي قيود من الآخرين ... 


هناك قيم كثيرة جدًا تأسيسية لابد من تقديمها بشكل عملي قبل ان نطلب من المجمع ان يتغير , و قبل ذلك علينا بدراسة واقعية لمشاكلنا التي نراها في الحياة , و علي كلٍ هي علاقة تفاعلية لا نهائية , كل يقدم ما يقدر عليه في رحلة  الإنسانية المتنوعة بشكل رهيب .  

الاثنين، نوفمبر 11، 2013

نحتاج لبعض الجنون

من ضمن التهم التي كان يتهم بيها نبينا الكريم (صلي الله عليه و سلم ) أنه مجنون . و كنت كثيرًا اتعجب من تلك التهمة . فبقية التهم الأخري كالشاعر أو الكاهن أو الساحر منطقية في السياق الذي أتى به , فهو يقول كلام موزون مسجوع مثل الشعر , و تأثيره ساحر علي الناس عجيب فمن يستمع إليه يسلم له , و هو أتي بدين جديد فهو كاهن . لكن كيف يكون مجنون ؟؟ فالجنون لا يستقيم من المنطق المحكم الذي أتى به .

ثم حدث موقف آخر أعاد لي التفكير القديم و جعلني أنظر للأمر من زاوية مختلفة , علمت أن أخو صديقة لي -  أشهد لها بحسن الخلق - قد تم إعتقاله ظلمًا , و لكنه لم يتوقف  عند الإعتقال أو لعن الظروف و سلبهم لحريته و عدم وجوده في البيئة الطبيعية المفترض ان يتواجد فيها طبيب شاب له أطفال حديثي الولادة و أسرة جميلة . فقد هذا كله و جلس في ظروف شديدة اللا آدمية و البؤس حيث القذارة و ضيق الزنزانه و عدم وجود مبرر لوجده في كل تلك المهانه .

هذا هو الجزء الأول الذي لا يتنبه إليه الكثيرين , و ينتقلوه تلقائيًا علي الجزء الثاني من الموقف .

الجزء الثاني يقول أنه لم يتوقف عند كل تلك المعاناه , و لكنه إتخذها فرصة ليعيد حفظ القرآن بس و ليجيز آخرين في تلاوته و حفظه , و حفظ أحدهم عدد كبير من الآجزاء , و قام آخرون بمساعدة من هم اقل منهم حظًا من رزق الدنيا بمعونات مادية دون أن يعلم متلقوها من أرسلها . هذا جزء مشرق وسط البؤس . 

أتأمل كثيرًا فيما فعل , و أضع نفسي مكانه بكل الظروف القاسية , كيف سأتصرف ؟؟ يكون لي عملي و دراستي التي لم أكملها بعد و أبنائي حديثي الولادة و زوج و أسرة و اُحرم من كل هذا بدون أي ذنب أو جريمة  ... أعتقد أني سأكون ناقمة جدًا علي البلد و كل شئ و اتمني موتهم و قتلهم و الإنتقام مما حدث , أو حتي سأكون زاهدة في كل  شئ حولي و (يكش تولع عالم ولاد تيت , انا مال اهلي بشوية الحسالة دول ) . اعتقد أن تصرفه هو نوع من " الجنون " . فإن كنت في مكانه فلم أكن لأتصرف بمثل تلك التصرفات التي هي غير مبنية علي المؤدمات الكئيبة و الحزينة و الظالمة , و لكنه تصرف بناء علي الفكرة التي يؤمن بها و تسيطر عليه و هو " الجنون"  الذي يسم كل من يؤمن بفكرة  معينة . جزء من الجنون هو أن تنفصل عن واقعك و تعيش حياتك كيفما تراها انت , الجنون أن تؤمن بشئ لا يراه أحد غيرك و تتصرف علي انه يقين رغم أن الجميع يقول لك أنه غير موجود . غير أن المريض بالجنون الحسي هو ناتج عن  خلل في عمل حواسة الخمسة ( فهو قد يري اشياء غير حقيقية و يستمع لأصوات غير حقيقية ) و لكن الجنون الفكري هو أن تؤمن بفكرة قد لا يوافقك عليها أحد . تؤمن بها حد اليقين .

الإشكال الأزلي هنا , أنه ليس شرطًا لأنك تؤمن بما لا يؤمن به الآخرون أن تكون علي صواب , قد تكون علي صواب و قد تكون علي خطأ و ضلال مبين . لذا فنحن ندعو الله دائمًا و نقول اللهم أرنا الحق حقًا و إرزقنا إتباعه , و أرنا الباطل باطلًا و ارزقنا إجتنابه .

بناء علي الموقف السابق , اري أن كثيرين يتمنون الإعتقال أو الأبتلاء ليكونوه مثله أو مثل كل من تعامل مع أزمة السجن الظلم بشكل إيجابي !!! و ما أدراك أن ظروف إعتقالك ستكون جيدة من ناحية الصحبة ؟؟ أوليس هناك كثيرين معتقلون بشكل إنفرادي يكاد يصيبهم الجنون ؟ قد تعتقل فعلًا و لكن قد تسجن مع مسجونين جنائيين يتناوبون الإعتداء عليك بالضرب و بشتى أنواع التنكيل و التعذيب و لا دية لك . إن تعمقنا قليلًا في ظروف حبس أخو صديقتي سنجد أنه معتقل مع مجموعة طيبة و ليس بينهم جنائيين في نفس الزنزانة , سنجد عوامل كثيرة أخري إطلعت عليها و هي ليست صفة متكرره في المعتقلات و السجون و لكن كانت ظروفه كذلك .

أعتقد أن الصواب هو أن نسأل الله يقينًا بالفكرة و جنونًا يجعلنا نتصرب وفقًا للفكرة و ليس وفق للظروف الكئيبة و المحزنة التي نواجهها , لا أن نتمني ظرفًا أو حالة قد لا تناسبنا بنفسيتنا و تكويننا إن وضعنا فيها . فلكل إنسان لديه كفل من إبتلاؤه , فهناك من يعاني من عدم وجود صحبة صالحة , و هناك من يعاني من ضيق ذات اليد , و هناك من لم يجد زوجه بعد و يفتقده كثيرًا , وو هناك من إبتلي بسوء خلق الزوج , و  هناك من وجده و لكنه لم يرزق بالابناء و هو يريد , و هناك من رزق بالأبناء و هو لا يريد ,و هناك من إبتلي بعائلة زوج متعبة ,  و هناك من إبتلي بالغربة في بلد موحش كئيب , و هناك من ابتلي بالمرض المزمن في نفسه أو أحد المقربين منه , أو وفاه أحد االوالدين أو الزوج أو حتي الأبناء , و هناك من إبتلي من الحرمان من العزوة والعائلة و السند , و هناك من إبتلي بالتيه و لم يستطع أن يجد نفسه بعد و يؤرقه هذا الامر كثيرًا , و هناك من ابتلي بالسجن و الإعتقال , و هناك من إبتلي بالوجود في مدينة نائية أو حتي في أن يعيش في مصر بعدما كان في بلد محترم , و هناك و هناك و هناك .... فلا حد للإبتلاءات و كل يأخذ حسبما يرى الله ان يضعه ,  و الرضا بالقضاء خيره و شره هو من أركان الإيمان . و ليس الرضا هو الخنوع و لكن الرضا هو بذل الجهد حيث توضع , فلسنا نستطيع السيطرة علي كافة مقدراتنا و لكن لابد من العمل و الجهد في المساحة المتاحه لدينا .

=============================
نص الحالة التي كتبتها صديقتي عن أخيها :
اخويا كان داخل المعتقل معاه إجازتين ( إجازة فى قراءات قرآن) .. دخل معاه شيخ معاه واحدة تالتة أجازُه فيها جوّه .... وهو الاسبوع اللى فات أجاز واحد كان بيحفظ معاهم  .. وناويين يكملوا بالطريقة دى كله بيحفظ وكله بيدرس وأى حد بيجيد حاجة بيعلمها للباقين .. حتى فيه واحد بيعلمهم الرسم .. ومعاهم شباب صغير لسه ثانوى وفيهم رجال أد أبهاتهم والله بيربوهم جوه تربية أحسن من اللى أهاليهم كانوا بيربوها .. وبيكبروهم سنين فى شهور 

فى نفس الزنزانة فيه ناس حالتهم المادية ميسورة وناس على أد حالهم وعائلهم هو المعتقل .. فى ايام معدودة تم تكوين شبكة علاقات واسعة بين اهالى المعتقلين .. ووالله رأيت بعينى أسر تكفل أسر .. يصل لبيت احدهم المال وتخبره زوجته ولا هو ولا هى يدريان من أين جاء ومن أرسله .. والذى ارسله احدهم الذى يفترش الارض بجانبه كل يوم 

يا سيسى انت والهبل اللى معاك مش عارف انك بتنفعهم بنفس الحاجة اللى أردت بيها تضرهم .. ساجن أطهر شباب فى البلد وأنضف نفوس .. هيخرجولك إن شاء الله بإيمان أقوى وبثبات أكتر .. هيخرجوا قريب ويخرجوا معاهم مصر كلها من السجن الكبير اللى هيا فيه .. وهنشوفك مذلول بإذن الله قبل ما تموت .. وما كان ربك نسيّا !

الجمعة، أكتوبر 11، 2013

روح الله فينا


طلبت ذات مرة من مجموعة ما كتابة مقال في موضوع معين , و تعلل البعض بأنه لا يمتلك موهبة الكتابة ... قلت في نفسي هذه مجرد حجة واهية , كنا في إمتحان اللغة العربية يكتب جميعنا موضوع التعبير و كان لا يمثل أي مشكلة , كما أن اللغة تتكون من 28 حرف و الكلمات محدودة مهما كثرت ... و تحت ضغط و بدافع العشم  كتب الجميع .. و فوجئت بالنتيجة , الأمر يتعدي فعلًا مجرد حروف و كلمات مرصوصة بجوار بعضها البعض كما كنت أتصور !!!
 و لمعرفتي و إقترابي من شخصيات من كتبوا كتب و لا تظنوا أني أبالغ , إستطعت أن أتلمس جزء من روح من أعرفهم محمولة علي الأوراق ...

الأمر إذن ليس مجرد كلمات صمات تُرص لتُنتج معني بشكل آلي , حتي و إن كانت الحروف محدودة و الكلمات محدودة و لكن الروح التي تحرك الكلمات و تستطيع أن تلمسها لا حد ولا حدود لها أبدًا ... ماذا يمكن أن نسمي هذا الأمر إذن ؟؟

 إنها الموهبة ...الموهبة هو شئ يتميز به فرد ما عن الآخرين ببراعة يوجده من اللا شئ و يتفوق علي الآخرين في تلك النقطة تحديدًا, قد تكون تلك الموهبة ظاهرة , كخفة دم أو ذكاء إجتماعي , سرعة بديهة أو الشخصيات القوية التي يلجأ اليها الجميع , الشخصيات المتفهمة أو الحنونة أو الصبورة الدؤوبة ... قد تكون قدرة على تأليف ألحان موسيقية من العدم , يدندن اللحن مع نفسه ليجعله مسموعًا , فهو سمعه دون أن يكون موجودًا  كما صاغ الكاتب المعاني التي كانت في ذهنه فقط ... قد تكون براعة معينة في تصور موديلات أزياء ما , أو مزج ألوان مع بعضها البعض لتعطي درجات جديدة متناغمه من الألوان , قد تكون قدرة علي تخيل أحداث و شخصيات و صور تنتج لنا قصة ذات قيمة معينه , و قد يكون في صياغة تصميمات معمارية جديدة و عمل مدارس جديدة و متفردة لتلبي إحتياج ما , قد تكون حتي براعة في التعامل مع الأرقام أو حتي إيجاد نظريات فيزيائية جديدة عن الحركة و السرعة و ما شابه أو حتي إختراع جديد معين ليتغلب علي مشكلة معينة ....

نعم أعلم أن هناك دراسات تقام ليتعلم المرء صفة معينه , و هذا التعليم هو عبارة عن تراكم من معرفة البشر في مجال معين يورثة جيل لآخر يضيف عليه و يهذب الموجود , و بالرغم من تلك العلوم الموجودة و لكن تظل الموهبة المتفردة ضرورية لإيجاد حالة إستثنائيه , نصقلها بالدراسة و لكن لا غني عن الموهبة الاساسية ...
و الإبداع في رايي المتواضع لا يقتصر على مجال الفنون فقط و لكن لكل مجال فنه أو لغته المبدعة المتفردة الخاصة به و التي يفهمها أهل هذا المجال .

 يخيل لي أن تلك الموهبة جائت من العدم ... لأن هذا الشخص الذي برع في مجاله كان صاحب سبق معين , من أين جائت تلك الملكة ؟؟ تفكرت طويلًا في هذا الأمر ... وجدت أن معين العبقرية الأساسي هو القبس الإلهي الأول الذي منه خُلقنا , فالإنسان - كما نؤمن نحن المسلمون - خلقه الله بأن نفخ فيه من روحه و كان هذا تكريم ما بعده تكريم له . نحن فينا جزء إلهي , أعتقد أنه المسؤول عن الإيجاد من العدم الظاهري ( هو ليس عدم مطلق فهو معروف عند الله و لكنه عدم لنا نحن يمتن الله أن يظهره أول مرة علي من يشاء من عباده ) فهو المسؤول عن كل هذا الإبداع الذي يعج به عالمنا في شتى مجالات الحياة . 


وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ  (28) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ (29)
سورة الحجر 



إني لأزعم أني أري جانب بسيط من جمال و عظمة البديع الخالق في جمال ما صنع خلقه . 

إذن , لكل إنسان لديه شق رباني مقتبس من الروح التي نفخت فيه و شق أرضي من الطين الذي خلقنا منه , و الخلل دائمًا يقع عندما تغفل شق أو نتجاهل شق كأنه غير موجود .

هذه الفكرة لها الجانب التطبيقي الجميل لها و هي المخترعات و الإبداع البشري , و لكن لها التطبيق السلبي ايضًا و هىة تفسر لي بعض من سلوكيات البشر التي غمضت علي لفترة ما من حياتي . يبدأ الأمر في أن يتخذ شكل أن الإنسان شب عن الطوق و لم يعد يحتاج مرجعية خارجه ( فهو و نفسه هديت أم ضلت هو المرجعية و المحتكم ) فلابد أن يرضي عن كل ما يفعله حتي يكون إنسان سوى و إن أجبر نفسه علي فعل شئ (صواب ) و لكنه دون إرادته فهو منافق !!!


هذه صورة من صور إنكار الضعف الإنساني الذي قد يعتري البعض فيظن أن الكمال لرأيه هو و الصواب هو تنفيذ هذا الراي دون وجود مرجعية متجاوزة له .... صورة أخري أكثر تطورًا لهذه الصورة السلبية تظهر في كل المتجبرين أو الحائزين علي سلطة أو قوة معينة فوق عامة البشر هم مدعي إلوهية بصورة أو بأخرى , عذرًا إن كان هذا المعني صادم ... لماذا أقول ذلك ؟؟
لأن هذا الأمر شهوة من شهوات النفس التي لها أصل في التكوين البشري و إن لم تجحم لخربت الدنيا , لأننا نميل بالروح التي نفخت فينا من الله ,  أن نظن أننا آلهة ايضًا فعند حوز السلطة نظن أننا تغلبنا علي ضعفنا البشري و الإنساني ( المتمثل في الجسد الطيني و الجسم البشري الضعيف) و نحاول الإنطلاق , فكان إدعاء فرعون و النمرود بن كنعان أنهم آلهة من دون الله .
و حتي في عصرنا الحديث من يحوزون السلطة يتصرفون بتلك الطريقة - قد يكونوا أكثر دهاءً من فراعين الأمس في الا يأمروا الناس بعبادتهم بشكل مباشر و صريح فهم ادهي من أن يثيروا العامة عليهم بمثل تلك الإدعائات الجوفاء و لكن كل الافعال تشير أنهم لا يخشون أي قدرة فوقية و أنهم يظنون أنهم حازوا القوة النهائية و أنهم يتحكمون في مصائر البلاد و العباد ( و لنا في روايات معذبي أمن الدولة تجسيد لهذا الغرور بالسلطة الذي يودي بالعقل و يجعله يظن أنه إله و العياذ بالله ) و هذا هو في رايي السقوط المروع .


 التوازن الحقيقي الذي يمكن أن يحوزه المرء هو أن يدرك ضعفه و مواطنه و يتعامل معها و يدرك مكامن قوته و يتعامل معها ايضًا  إنكار اي من الجانبين قد يوقعنا إما في جمود أزلي أو في فوضي حقيقية . 
الإعتراف بأن المرء يملك جسدًا ضعيفًا قد يكون له إحتياجات معينه إنسانية لابد أن يلبيها له بحدود معينه دون إفراط أو تفريط, يعطيه سلامًا نفسيًا فليس الجسد شئ مهمل مستقذر ولا هو محط و منتهي الإهتمام . و تذكرنا أننا موجودين في هذا الحيز الضيق يحجمنا دائمًا و يذكرنا بنقصنا البشري , فنحن مهما بلغنا لن يمكننا أن نتعد تلك الحيز المحدودين به , و الجميل أنه كلما إعترفنا بهذا الامر توازننا .

هذا هو التطبيق العملي لمقولة من تواضع لله رفعه . فالله هو الخالق و هو الخافض و هو الرافع و علي قدر ادائنا في الدنيا نعد المتاع لسفرنا القادم . نسال الله السلامة . 

الأحد، سبتمبر 29، 2013

تحدي الوحي , و تجريد الأفكار .

لا أذكر المناسبة بدقة أو حتى الجملة التي قلتها لوالدي ..كانت تقريبًا أمنية تمنيتها أن أعيش في عصر  النبي و البعثة . قال لي و هو ما اذكره جيدًا هو أن المرء قد لا يضمن في أي موضع قد يوجد حتي و إن كنا نراه في يومنا هذا عصر جميل , أليس من الممكن أن تكوني مكان أبا لهب الذي كان يحارب الرسول أو زوجته حمالة الحطب التي كانت تضع له الشوك أو اي من المنافقين أو أي شخص ليس بالضرورة يهتدي للإسلام ؟؟ ليست العبرة بالعصر إذن و لكن العبرة بمكاننا فيه . أعجبتني تلك الحجة كثيرًا , و لكن كلما كبرت كلما فهمت أن لها أبعاد أعمق مما يبدو ظاهريًا .  

                                         *****************************


التجربة الإنسانية مختلفة تمامًا عن التجربة الحضارية . التجربة الإنسانية ذاتية لابد أن يخوضها المرء بنفسه , تبدأ كقصة جديدة تمامًا مع كل إنسان يولد و تنتهي معه بموته . قد نتشابه ظاهريًا في الإحتياجات , جميعنا يحتاج لمشاعر الأبوة و الأمومة ... نحتاج للأصدقاء و الصحبة و العائلة , نحلم بالحب من النوع الآخر و الزواج منه و تكوين أسرة , و أن نشعر بمشاعر جديدة تجاه الأبناء ... نحتاج لنشعر بقيمتنا و أن ننجح في عمل نحبه و نجيده و يجعل لنا قيمة إجتماعيًا , نسعي للغاية الكبرى و السؤال المؤرق , لماذا نحن و كيف وجدنا و كيف كنا من قبل و ما هو مصيرنا النهائي ؟؟؟  لذا الحديث عن النفس و الإنسانيات لا يمل منه ....

عكس التجربة الحضارية و التي هي تراكم كمي مادي لنشاط و فعل الإنسان خارجيًا  . يتطور هذا النشاط بتطور الإنسان ( إستثناء انه لا يتطور في منطقتنا العربية و لكنه يتطور في كل العالم من حولنا ) ككل المخترعات الحديثة حولنا . الحديث في تلك الأشياء يتقادم , لانه تظهر علوم جديدة دائمًا تحل محل القديم أينعم هناك اساسيات لا تتغير نبني عليها دائمًا و لكن هناك تطور في المنتج النهائي يتغير دائمًا .






 و بناء علي التصنيف السابق , فتجربة الإيمان ( الأسئلة الكلية و النهائية ) هى تجربة إنسانية ذاتية بإمتياز . لا تتقادم بتقادم الزمن . سيظل هذا السؤال يواجه كل إنسان يولد من جديد علي تلك الارض و يواجه هذه الحياة . هذا كلام معروف و قديم ....


ما المشكلة إذن ؟؟
لا توجد مشكلة , و لكني مع تأملي وجدت اننا نستغرق في الماضي أكثر مما ينبغي ولا نضعه في موضعه الصحيح حتى نرغب في أن نحيا به , صحيح أن الرسول عليه الصلاة و السلام  قال خير القرون قرني ثم الذي يليه ثم الذي يليه , و سكن , اي أن أول 300 عام هم الأفضل ...
و لكني أيضًا مؤمنة بعدل الله حتي في إختلاف القرون و الأزمنة , فقد قال الرسول أيضًا الخير في و في أمتي إلي يوم الدين , فلن ينعدم الخير الجزئي إذن حتي و إن قل الخير الكلي ....
هناك دائمًا أمل في أن نكون و نلحق بهذا الخير المذكور إلى يوم الدين .


 من يرغب في أن يعيش في زمن النبوة غالبًا ما يرى النتيجة النهائية ( أو التي يتخيلها نهائية لإنتصار الخير آن ذاك )و غالبًا ما يغفل عن أمرين :


1 - أن تلك النتيجة لم يكن ليصوا إليها إلا بشق الأنفس ... لنتظور تصور خرافي أننا جمدنا الزمن في أول 9 أعوام من البعثة حيث مقاطعة قريش للمسلمين ,  و سالنا كل فرد فيها عن رأيه فيها يحدث . كان المسلمون يسامون سوء العذاب و لا ينبئ باي خير  لم يكن لهم أي بارقة أمل منطقية من أي نوع . هل كانوا يعلمون الغيب ليثبتوا كل هذا الثبات و يتأتي لهن النصر ؟؟؟ نحن نرى الأمر بأثر رجعي و لكن عند معايشة المعاناه و الحدث نفسه يكون الأمر جد مختلف .

2 - أنه لا يوجد إنتصار درامي في الدنيا , تصدح الموسيقي المؤثرة و تغلق الستارة و تنزل كلمة النهاية و يذهب الجميع للمنزل فرحين مسرورين ... ليس الامر بهذه البساطة.. مادامت الحياة موجودة سيكون هناك صراع أبدي . يمكنه أن يراجع السيرة ... منى استراح المسلمون ؟؟ هل بعد فتح مكة ؟ أم بعد وفاة النبي ؟ أم بعد تولي ابو بكر الخلاقة ؟؟ أم بعد حروب الردة ؟ أم بعد تولي عمر ؟؟ إلخ , يمكننا ان نستمر في التساؤل حتي يومنا هذا و سنصل إلي نتيجة أنه لا توجه نهاية حقيقية للصراع . فقط كل يدلي بدلوه الفترة التي قدر له فيها ان يشهد هذه الملحمة البشرية القديمة . و سنرى النهاية الحقيقية في الآخرة إن شاء الله .   

                                     **********************************

  عندما نزل الوحي علي النبي , نزل عليه و لم يكن قد مارس تلك التعاليم من قبل , و لكن يكن لديه الوسيلة للتأكد هل هذا كلام صحيح و فيه صلاح للدنيا و الآخرة أم لا  , خاصة الوضع الإقتصادي و السياسي لقريش مستقرًا نسبيًا فلما يترك ما هو مستقر من أجل ما هو مجهول , و ليس مجهولًا فقط و لكن سيجر عليه ويلات من كل نوع لا تحصى ؟؟



 أعتقد أن التحدي الأكبر و الأعظم في أي وحي و أي رسالة إلهية هو أنه ينتقل بك من الماديات إلي مصاف الأفكار المجردة . الأفكار التي لم تطبق بعد . أنت تسير وراء الفكرة بشكلها المجرد , تريد أن تطبقها , قد تتداخل أهواء ’ قد يجور عليها ضعف بشري , قد يعيبها سوء فهم من البعض , فهذه هي المعركة الذاتية التي ينبغي أن يخوضها كل إنسان .  و لكن تظل الفكرة المجردة هي المرجعية الحقيقية و الوحيدة لنا . و هي التي ينبغي أن نسعى لتطبيها . 




ألا يذكركم هذا الكلام بمأساتنا المعاصرة ؟؟

نعم . فنحن و ياللمفارقة بعد كل تلك السنوات عدنا لما يشبه نقطة الصفر . إعترانا جهل و تخلف و عصبية و عدم فهم كبير , أدت الممارسات المشوهة لجماعة الإخوان أو السلفيين السياسية في تنفير فريق كبير ممن لم ينشأوا علي تعاليم الإسلام الصحيحة و فهم سليم له . و اصبحنا نسمع عن زيادة معدل الإلحاد . هل مقبول أن نعزو إنكار فكرة كفرة الإسلام لتطبيق خاطئ لمثل تلك الجماعات ؟؟؟

للأسف الشديد من يفعل ذلك يخلط تجربة ذاتية لابد أن يمر بها هو بفسه ليكتشفها  بممارسة الآخرين الخطأ لها . الامر ليس تراكميًا فهي ليست تجربة حضارية . و ليس لأن أحدهم قدم صورة خاطئة عن الإسلام أن نكفر بالإسلام ككل . طبعًا كلامي غير موجه لمن لا يعترف بالتجربة الإيمانية عمومًا فهذا مستوى آخر ليس مجال حديثنا ها هنا . يذكرني تشابة الحكم ( و طبعًا ليس المثل نفسه ) بمن يكره الزواج و يكفر بالحب فقط لأن له صديق غبي لم يوفق فيه و لم يفهمه قبل ان يخوض تلك التجربة فقرر صديقه بالنيابة عنه ان يعمم ان الزواج تجربة فاشلة من بابها !!  التحدي الذي واجهه المسلمون الأوائل نواجهه نحن و لكن بصورة أخري , كيف يمكن أن نجرد أفكار الوحي و لا نحكم عليها من نماذج سابقة ؟؟

 هم لم يكن  عندهم مثال سابق و نحن لدينا مثال تم تشويهه تمامًا فلا يعنينا من شوهوه و لكن يعينا المعين الأساسي من الأفكار .رحلة الإيمان و البحث الحقيقي عنه من أصعب ما يمكن أن يواجه المرء , و لابد ان يستعين عليها بالدعاء الشديد حتي يهديه الله ... و ليست بالضرورة أن تكون في أيام النبي كي تشعر بها . التحديات موجودة هاهنا و لديها من الصعوبة و التشوية ما يكفيها  .... فهل قبلنا التحدي و كنا أهلًا له  ؟؟



 اللهم أرنا الحق حقًا و ارزقنا التباعه و ارنا الباطل باطلًا و ارزقنا إجتنابه .  

السبت، سبتمبر 28، 2013

عن الإختلاف ... و إشكالية "خالف تُعرف "


عندما شاهدت فيديو * الطالبة التي رفعت شعار رابعة و كسرت الشكل العام للنفاق الإجتماعي الفج , رد فعل مبالغ فيه و سخيف للغاية ان يكون كل هذا التشنج و العصبية فقط لإشارة بسيطة . أعتبر تلك الفتاة بطلة حقيقية من الناحية النفسية , فهي لم تتماهي معهم أو حتي تكتفي بالصمت و لكنها رفضت أن تكون مجرد فرد في القطيع الذي مثلته الفتيات اللآتي رددن عليها بعلامات النصر و السيسي , و اصرت ان تقول ما تريد و تراه صوابًا . 



تصرف تلك الفتاة دفعني لسؤال آخر , هل كل الخروج عن النص المرسوم فعل محمود ؟؟ يعني هل دائمًا القطيع هو الغبي و الفرد الشارد هو المتميز المتفوق ؟؟ هل التمرد في حد ذاته كفعل هو الغاية ؟؟


أجد تلك الفكرة في إزدياد مستمر تلك الأيام ... لابد من التمرد دائمًا و نبذ كل ما هو قديم . فلها صور كثيرة جدًا حولي ...

 يتم التندر علي افراد جماعة الإخوان لانهم لم يتمردوا و لايزالوا في قطيع , يتم السب في النظام التعليمي كله علي بعضه فقط هكذا و إن سألت ما هو وجه الخلل بشكل من التفصيل كي تفهم اكثر يُقال لك كلمة غاية في الإختصار و حتي و ان كانت حق فهي اريد بها باطل ( اصلنا بنحفظ و ولا نفهم ) ... يتم السخرية من غالبية الوصفات التقليدية الشعبية في الطب التقليدي بحجة البدع و التخلف ... و يتم قياس العروسة الجيدة على أنها ( مش عايزة نيش ولا أي متطلبات البته لا مهر ولا شقة ولا أي شئ لأن كل تلك الاشياء بدع قديمة لابد من الثورة عليها )  ... هناك من يصنع من الدولة الحديثة صنمًا لا يكف عن رجمه إن حدثت له اي مشكلة ايا كانت كأنها هي الشيطان الأعظم ...  حتي بعض الفتيات يفكرن في خلع الحجاب لانهم لا يردن أن يكون تحت رحمة المجتمع ولا يتأثرن به وليسوا أغبياء كالغالبية العظمي التي تفعل الاشياء فقط لانها فرد من القطيع المجتمعي .




 أتفهم تمامًا كل تلك الدعاوي السابقة , فعندما نكون في مجتمع متخلف بليد غير قادر علي الإبداع ولا توليد الأفكار , يكون التفكير الثوري من الشباب هو عبارة عن رد فعل بنفس مقدار التخلف الواقع عليهم و لكن في الإتجاه المضاد  .  في تلك الأمثلة السابقة قد أتفق مع بعضها و أختلف مع بعضها الآخر ...  لماذا ؟؟ 


لأن المفتاح للأشياء هو : الفهم ... و ليس التمرد في حد ذاته كغاية . فالاختلاف للإختلاف يجعل كل المختلفين دون فهم لا يختلفون كثيرًا عن من يظنوهم قطيع تركوه . دون فهم سيتحولون هم لقطيع آخر و لكن في الجهة المضادة لا معني له إلا انه مقلوب الآول . فهم الغايات الكلية من أي شئ و أي عمل هو ما يجعل المرء يتصرف تصرف له معني . سواء كان داخل القطيع أو خارج عنه .


لنفد مثلًا الأمثلة التي ذكرتها فوق .


-  نظرًا لأننا لم نترب أساسًا علي ثقافة العمل الجماعي , و عندنا خلل في منظومة القوانين أي أنها لا تسن للتسهيل و لكن للتضييق علي خلق الله فكان التحايل عليها من اساسيات الحياة في مصر .  و هذا سبب اساسي من ضمن اسباب فشلنا ان نكون مجتمع حيوي ,  ... فبشكل عام نحن علي مستوي المجتمع لسنا نفهم طبيعة تكوين الإخوان من الناحية الإجتماعية لاننا لم نمر بتلك التجربة ولا يوجد شئ شبيه وعينا الجمعي . فلا نفهم كيف هم مترابطين و كيف ان هناك رابطة قوية جدًا علي مستوي الافراد . هناك خلل رهيب في اشياء كثيرة عند الإخوان لا يوجد عاقل ينكر ذلك و لكن عدم الفهم يؤدي للحكم بشكل سطحي انه من يرفض ان يتركهم هو  خروف (و عذرًا في اللفظ ) هناك اعتبارات اخرى تحكم الامر و ليس الامر بهذه السطحية . 


- بالنسبة للنظام التعليمي الذي يتم سبه دائمًا . حسنًا أعلم ان التعليم الأساسي حاصل علي المركز الأخير 148 علي مستوي التعليمات الاساسية في العالم . و لكن ما هي المشكلة حقًا ؟؟ هل هي الحفظ ؟؟  . إنظر الي المناهج لتعلم ان المناهج اصبحت غاية في السطحية . اصبح الطلاب لا يحفظون جدول الضرب و يستعيضون عن ذلك بالآله الحاسبة في الصف الرابع الإبتدائي (إذن هم فعلًا يقللون الكم المعطي للطفل فعلا و يقللون الحفظ) و لكن هل حل هذا المشكلة ؟؟ بالطبع لا . لماذا ؟؟ لانه لا يوجد فهم ولا توجد رؤية كليه للأمر . لا توجد خطة عندما يترك الطالب المرحلة الاساسية يمكنه ان يكون مواطن صالح بحق . ما هي الاشياء التي ينبغي ان نغرسها في طالب المرحلة الابتدائية / الإعدادية / الثانوية ؟ هل يمكننا اختصار الوقت للازم لغرس القيم الاساسية ؟؟ لا اعتقد ان اي ممن يعملون في العملية التعليمية ( المدرسين لديهم قدرة علي الرؤية الكلية ناهيك عن تدريسها للطلبة لتكون اسلوب تفكير علمي لهم . الامر لم يكن ابدًا كم حفظ كبير او صغير و لكن اجرائي بحت . ليس الحفظ ابدًا هو المشكلة بل هو ضروري فعلا لبعض المواد  . فلابد ان يكون الفهم جنبًا لجنب مع الحفظ ولا يكتفي بأحدهم دون الآخر .




- إن كانت لدينا قدرة حقيقية علي البحث العلمي , يمكننا ان نخضع كل الوصفات في الطب التقليدي للتجربة . فلا نرفض فقط للرفض لانه لم يوجد في الكتب الأجنبية التي درست ,  فلا يمكن الحكم بخزعبلية وصفة خاصة ان كانت مجربة بالفعل و تؤتي نتائج ايجابية .المفترض ان اجري ابحاث عن لماذا تنجح تلك الوصفة او ما هية الاسس العلمية التي تجري عليها , و ان كان هناك شئ لا علاقة له بالطب او البحث فيمكننا اثبات فشله بمنتهي السهولة .   للاسف العقلية العلمية الحقيقية التي تدربت علي الفهم العميق ليست متوافرة في مصر ( أن اراقب ظاهرة و ابحث عن اسباب و اضع عدة سيناريوهات  اجرب طرق الحل و اضع تقييم في النهاية ) فحتى الابحاث العلمية الموجودة هي ابحاث مستوردة أو اجراها اجانب هنا .   




- جائني سؤال علي الآسك في مرة ان هل عندي نيش , و اجبت بلا , و لكن الامر لا يقاس هكذا , فهناك من يحتاج هذا النيش , و هناك من لا تحتاجه , نأتي مرة أخري للفهم ... التيسير في متطلبات الزواج قد يتم استخدامه في بعض الاوقات لتبرير كسل العريس أو حتي بخله في ان يأتي بالاساسيات . و هناك من تري أن الشخص المتقدم لها فعلا رجل بمعني الكلمة و تقرر التنازل الطوعي عن حقها في سبيل مساعدته . و هناك فعلًا مغالاة في هذا الامر من أهل العروس ( و لو اني بعدما عرفت عادات الريف و الصعيد في الزواج و صرامة تقاليدهم مقارنة بسيولة المدن و ان كل اسره تفعل ما تريد و غير متقيدة بعرف اجتماعي , وجدت ان فتيات المدن أقل مهور و تكاليف :D ) فلا يوجد مقياس ثابت و لكن لكل حالة و كل حادث و له حديث . الاساس هو فهم مسؤولية هذا الامر . 



-  بعض اطروحات منتقدي الدولة الحديثة تدعوني للسخرية و التعجب . هل حقًا انتم مدركين لما تنتقدونه ؟؟ انتم تنتقدون بديهيات أي عمل بشري منظم و تعطون للمجتمع قدرة فوق قدرته . لا يمكن ترك الامر للسوق وحده . و هناك اشكاليات كثيرة لا مجال لذكرها و لكن مفداها ان تلك الأطروحات مبنية علي سياسة رد الفعل لما هو حالي و ليست الفهم العميق .  




- أما عن مشكلة الحجاب و خلعه , فللاسف هذا امر غاية في التركيب , و لكن مفداه أننا كمجتمع لم نترب تربية دينية و إيمانية سليمة و ظللنا نبعد و نبعد عن المعين الحق , و جائت كل المحاولات لرتق الصدع تقع في موقف ( رد الفعل الرافض لكل شئ و الجاعل لدور النساء فقط كأم و زوجة لا شئ غير ذلك و تناسي دورها الإنساني الإجتماعي ) فأدي لذلك لنموذج منفر للغاية جعل فتيات كثيرات يرفضن الشكل التقليدي للإسلام ( بما في ذلك الحجاب ) و تعددت ردود الافعال بين الالحاد الصريح و بين الوقوف مسافات من تلك الفلسفة . ما أدري لذلك هو الجهل و عدم الفهم و عدم وجود قدوة ( و إن وجدت يتم محاربتها بضراوة و عدم الإحتفاء بها ) .



بعد تفنيد كل الأمثلة السابقة الآتية من فلسفة " خالف تعرف " علمنا أن المشكلة ليست في المخالفة و التمرد للتمرد . ليس كل تمرد محمود و ليس كل سير مع الغالب منبوذ , و لكن المشكلة الأساسية هل يوجد فهم لما نفعل و إدراك للصورة الكلية و التبعات و بديهيات تفكير منطقي أم لا . وفقنا الله و إياكم لما فيه الخير .  


----------------------

* فيديو الطالبة http://www.youtube.com/watch?v=hPoDNUGS-UQ

الثلاثاء، أغسطس 21، 2012

الرد علي : فى البناء الإسلامى لمفهوم الزمن


بما ان اهذا المقال مكتوب للرد علي مقال فى البناء الإسلامى لمفهوم الزمن

فالملاحظات علي المقال نفسه قلتها في التعليقات 
لكن هنا احب اني ارد علي الفكرة نفسها 

لمن لم يقرأ المقال الأول , ففكرته الاساسية هي استعراض ماهية الوقت عند الفلاسفة , ثم تتبع حساب الوقت الكمي , و كيف ان الحسابات الدقيقة  الآليه ( الساعة ) ساهمت بشكل او بآخر في القضاء علي انسانية الانسان ,  و ان وجهة النظر الاسلامية في التعامل مع الوقت كانت مختلفة في انها حددت مواقيت الصلاة تبعًا للشمس و عليه حدد مواقيت الصلاة و كيف ان رمضان يعتبر لحظة مختلفة حيث ينبذ الانسان الساعة و التي اسمها الكاتب ( البداية التعسفية لليوم في منتصف الليل كما اصطلح الناس عليه ) ذلك انه لابد من مراعاة الساعة البايولوجية بغض النظر متي بدأ اليوم ... لان الساعة 12 او منتصف الليل لا يمثل اي علامة مميزة ... و ان رمضان يهرع الناس و تتوقف الحياة تقريبًا ساعة الافطار لانه الغي هذا الارتباط بالساعات الهندسية و ترك نفسه لنظام الكون والشمس (فربط الطعام بغروب الشمس ) 

-----------------------------------------------------------------

بالطبع لست معترضة علي الطرح فالطرح جد مميز و ان كنت اعيب عليه الاستغراق في السرد المعلوماتي لقضايا ليست خادمة للفكرة الاساسية بشكل عميق ... الجزئية الثالثة اهم ما في الموضوع في رايي 

-----------------------------------------------------------------

تعليق خاص بنقطة الزمن و تعريفه عندي :
فكرة الزمن شغلتني فترة ليست قليلة  , و اللي قدرت اهدتي له ان الزمن لزمة من لوازم الحياة , هو من يعني الحياة معناها اصلا , لأنه لو تجمد الزمن لفقدنا القدرة علي الحركة ( حركة كل شئ حركة المخ و حركة الدم في العروق و حركة اجسامنا و علي التنفس و حركة الاشارات العصبية من المؤثر للمخ و من المخ الي ايدينا و علي التفكير و علي اي شئ من اساسه ) لو توقف الزمن لتجمدت الحياة و لأن الزمن من متلازمات الحياة , فمن يموت يخرج من تلك المنظومة اصلا و يتوقف به الحال و ينتقل لأبعاد اخري لا معلومات لنا عنها ... الزمن لا يفعل الحركة و الحركة ليست هي  التي تفعل الزمن , الزمن ضروري للحركة لان الحركة ناتجة من الارادة , من له ارادة يتحرك و من لا ارادة له يتحرك بفعل ما له اراده او من بدأ الحركة الأولي او ان يكون خاضر لقانون ميكانيكي طبيعي ما ( حركة بخار الماء مثلا الماء لا ارادة له لكن الحركة تنتج من قانون طبيعي مادي حتمي ) الزمن ضروري للحركة لانه ما يعطي  المخ المساحة و القدرة علي العمل , لكنه ليس المحرك الاساسي لانه شئ لا اراده له :)) مخلوق لكن له صفات مميزة مختلفة مثل النار و النور




مقدمة : 
في البداية , بدأت الاحظ اتجاه قوي بين ( تقريبا غالبية من اعرفهم من قراء د.. المسيري رحمه الله ) آخذ في التشكل , هو رفض و  نبذ الحداثة تمامًا و انها اس كل الشرور و البلاء , و التطرف في معالجة هذا الأمر برفض الحديث كليًا بدعوي ان الشرور متأصلة في البنية الحديثة لأي شئ ... و العودة و المناداة الغير منطقية في رايي المتواضع بنبذ كل ما وصلت اليه البشرية في كافة المجالات , كأن كل ما يأتينا من الغرب هو الشر المحدق ( حتي و ان تم نفي هذا الامر فأغلب التناول لأي قضية اختلفت تلك القضبة ) الا انه لا يزال تناول سطحي و لكن من الطرف الآخر ... ( فنحن نعيب علي الغرب الاستغراق في المجتمع التعاقدي و طغيان النموذج المادي البحت , فينتج عن ذلك الاستغراق اللا واعي في محاولة ان ننفي عن انفسنا تلك التهمة ( اي الحضارة الغربية و ان ننساق في نسقها ) فنجد انفسنا سقطنا بدون موضوعية في نموذج متطرف و لكن بالعكس !!! 

لن نتقدم الا ان تفهمنا واقعنا جيدًا و استوعبنا خصائص حضارتنا التي تتعامل مع الجانب المعنوي , جنبًا الي جنب مع الجانب المادي , لا تنكر ايهما ولا تغقل احدهما علي الآخر ... التعاقد و المجتمعات التعاقدية هي وحدها القادرة علي التقدم لان كل فرد في المجتمع يعرف ما هي حقوقه و ما هي واجباته جيدًا , و لكن لابد لنا من اطفاء صبغة تراحمية عليه ... هذا لن يتأتي الا ان استوعبنا ثقافتنا جيدًا و ما هي الغاية منها .... 

(( و مع هذا لابد أن ندرك أن روح التعاقد لها جوانب ايجابية , فهي تضمن حقوق الأنسان و هي تقلل من التوترات بين الأفراد - برغم من انها تقوم بتقويض العلاقات الانسانية - و هي تحدد الحقوق و الواجبات بدقة ... و لا يمكن لأي مجتمع أن تقوم له قائمة , أن لم يكن هناك احترام للتعاقد و ما يضمنه من حقوق وواجبات ))
((معظم ايجابيات التعاقد تنصرف الي رقعة الحياة العامة لأن رقعة الحياة الخاصة بكل ما فيها من تركيبية تتطلب شيئًا أكتر تركيبية من التعاقد ))

((و المجتمع التراحمي مجتمع للكبار , الاطفال فيه رجال لم يكتمل نموهم و القضية هي كيف نجعل منهم رجالًا مثلنا دون اي احترام لخصوصيتهم و دون بذل اي جهد لفهم عالم الاطفال , و يتصور اعضاء هذا المجتمع ان كل الامور يمكن حسمها بعلقة ساخنة . ولا يفهم اعضاء المجتمع التقليدي خصوصية و فردية العلاقة الانسانية المباشرة فالوحدة التحليلية هي المجتمع )) 
رأي د. المسيري يتجلي هنا ... ( انا طبعا اري أن الانسان كائن اجتماعي و انه لا وجود له خارج شبكة العلاقات الاجتماعية التي تحيط به فهي التي تحدد هويته و توقعاته الي حد كبير , أقول الي حد كبير عن عمد لاني اري ان الفرد لابد من ان تكون له خصوصية و مساحته الخاصة و ان اختفت تلك الخصوصية و الابداع سقط المجتمع في الدائرية و التكرار ( مثل الريف و الصعيد لم يتغير او يتطور المجتمع منذ مئآت السنوات )  مقتطفات من رحلة د. المسيري الفكرية  

تلخيص تلك الفكرة بشكل اجماهي هي فكرة ( العلمانية الجزئية ... اي التعاقد في رقعة الحياة العامة و التراحم في رقعة الحياة الخاصة ) و اعتقد ان مجتمعاتنا لابد ان تمر بمرحلة الصدمة و الكره للحداثة و التطرف عنها , ثم ايجاد ان هذا نموذج غير عملي , و بالتدريج تعديل الرؤية ليكون هناك عمق في فهم و تحليل اي قضية ... 

كانت هذة مقدمة لابد منها J

* هل الساعة من اشكاليات التعاقد , ام اننا ان تفهمنا الأمر يمكننا التمتع بمزاياه في اطار تراحمي ؟؟؟ 

كما اشرت ان الكاتب المقالة التي ارد عليها كان قد اطلق علي الساعة ( نظام بدء اليوم التعسفي ) 
و لست اري حقيقًا هذا 
لماذا ؟؟؟ لاني اري ان اي شئ يمكننا ان نستخدمه ان فهمنا خلفيتنا الفلسفية جيدًا و الساعة من ضمن تلك الاشياء 
بالنسبة للحسابات في الإسلام و مواقيت الصلاة و الصوم  فاليوم يبدأ من غروب الليلة التي تسبقه , و لذلك ليلة القدر هي التي تسبق اليوم الوتري و هاكذا ليلة العيد هي التي تسبقة و ليست التي تليه ...  و لكن بما انه تم الاصطلاح علي تقسيم اليوم ل 24 ساعة و كان منتصف النهار ( حدث واضح للشمس و هو زوال الظل ) الساعة 12 فكان المقابل لها هو 12 ليلا ... 
و بإجتهاد ( لا علاقة له بشئ و قد يصيب او يخطئ ) عندما تأملت مواضع الصلوات ( الفرض و السنن المؤكدة ) وجدت انه لا يكاد تمر فترة كبيرة الا ووجد فيها صلاة ... فالوقت بين العشاء و الفجر به قيام الليل , و الوقت بين الفجر و الظهر به صلاة الضحي ... و إن أخذنا  تلك الصلوات بالحسبان مع الفروض , و وضعناهم علي تقسيمة ساعة اليوم 24 بدل من 12 سنجد صورة مرايا للمواقيت الصلاة و سنجد ان منتصف النهار هو الظهر 12 ... فمن البديهي ان يكون المقابل لها في النظام الاربعة و العشريني هو بدئ اليوم ... 


لماذا كان البدء الساعة 12 و ليس 1 او 11 ؟؟ لانه لابد لنا من ان نصطلح علي وقت موحد ( ايا كان هذا الوقت ) لنبدأ منه بشكل تعاقدي ...  و لنترك التفاصيل التراحمية لكل يوم تتحكم فيه ... 

يعني قد استطيع ان اعتمد علي الساعة الدقيقة في تحديد المواعيد دون اغفال مواقيت الصلاة ... فهل من الصعب ان نجعل مواعيد العمل تبدأ بعد الشروق بنصف ساعة – ساعة بدلا من ان يكون في الثامنة صباحًا ايا كانت تلك الثامنة ( في بعض البلدان يتأخر الشروق لهذا الوقت )  ؟؟؟ يمكن ذلك بالطبع . فنستيقظ لصلاة الفجر ثم تعد الطعام  و نرتدي الملابس و نذهب للعمل ... و هو مفيد في الصيف حتي يمكن الذهاب للعمل قبل ان تشتد حرارة الشمس ( و يمكن العودة في منتصف النهار و انهاء العمل الصباحي , و استئنافه بعد العصر مثلا او ما شابه ) تلك التفصيلات متروكه لثقافة كل بلد ... 
فيمكن التأقلم علي الشمس و عدم اغفالها و في نفس الوقت استخدام الساعة ... فالساعة مهمة لانه هناك بعض البلدان خاصة في اقصي الشمال ... قد يصل اليوم فيه الي 20 ساعة و يقتصر الليل علي 4 ساعات فقط ... فلابد في تلك الدول من الاعتماد علي الساعة و ليس الشمس ... الامر متروك كما قلت لثقافة كل بلد 
...
بالنسبة لنقطة ان الصيام يتجمع فيه الناس اما الصلاة فلا ... ( لست ابرر عدم تجمعهم في الصلاة و لكن لاتساع رقعة المدينة و تعاظم وقت المواصلات اصبح ذلك من الصعوبات ان يجتمع المرء في مسجده خمس مرات يوميًا  و من رحمة الله انه مد وقت الصلاة الي ما قبل الصلاة التي تليها ) و لكني ادرك ان عظمة الاسلام تأتي من انه يستوعب الانسان بجانبية المادي و المعنوي ..  فهناك ادراك ان الجوانب المعنوية فقط قد تذوب او لا تشكل نفس الأهمية عندهم , فاراد الله استنفار الجميع و ايقاظهم بالصوم الذي هو يمنع الانسان عن الاشياء المادية الحلال في فترة زمنية معينة ... و من هنا كانت عظمته ... فهو ( الاسلام ) غير مغرق في رومانسية ان الانسان مخلوق روحاني سوف يقوم و يرتدع فقط بالمعنويات و لكنه جمع في اوامره و نواهيه الشقين المادي و المعنوي ... 

تلك الرؤية هي جزء من انعكاس لرؤية كلية معينة و هي اننا لابد ان نفهم غاية وجودنا و سماتها و منها يمكننا تطويع اي شئ يقع تحت ايدينا وفق لرؤيتنا ولا ندعه يمتلكنا ... و هناك قصور في القول ان المنظومة الحديثة ككل هي منظومة شيطانية تجبر من يكن فيها ان يكن له رؤية سيئة مسبقًا ... النسانية الانسان تتغلب في النهاية و نظهر في صور مختلفة ... لابد فقط من ادراك تطور تلك الصور . 

الاثنين، فبراير 27، 2012

خواطر فكرية من وحي استعراض كتاب








تأملاتي اعمق من ان اناقش اشخاص فأحاول الانتقال من الاشخاص للافكار التي يتحرك الاشخاص في فضائها و كيف انتقد تلك الافكار و كيف تتولد ... فأرجو الامعان في الكلام و عدم الانجرار الي خاصية الدفاع الالي و التبرير التي تناب البعض عندما نذكر كلمة معينة او صيغة او فصيل معين ..... هذه ملحوظة في البداية



لي زمن لم احضر جلسة ثقافية من النوع المركز ( فالمحاضرات التليفزيونية و الندوات العادية الجماهيرية لم اعد اشعر انها تشبعني معرفيًا ) و حضرت اليوم نقاش حول كتاب الاستاذ عبد المنعم ابو الفتوح الأخير ( شاهد علي تاريخ الحركة الاسلامية في مصر 1970-1984)


للأمانة , قليلًا ما اجد عرضًا موضوعيًا ( اي لا يسقط تحيزات المحاضر الشخصية في عرض الكتاب ) كما ان الاستعراض جاء بشكل سلس اتاح لي القاء الضوء علي نقطة مظلمة لكنها هامة جدًا في تاريخ الحركة الاسلامية و ما يسمى بالجماعة الاسلامية علي وجه الخصوص و شكل مصر في تلك الحقبة ( التي يتصدر شبابها المشهد السياسي الآن ) بشكل أعم .
لن اخوض في تفاصيل الكتاب لاني لم اقرأه رغم اننا جميعًا استشعرنا نقص في تتابع و سيرالاحداث بشكل كلي و عدم التطرق لكل الموضوعات التي كانت في تلك الحقبة ( حتي و ان كانت شهادة شخصية ذاتية و موضوعية ) و عدم ابراء ذمة الكاتب في الشهادة التي كتبها ...

و لكني احب ان القى الضوء علي بعض النقاط التي لفتت نظري من الناحية المعرفية و التي تعبر بوضوح عن ازمة الافكار التي نعيشها و لازلنا فيها ... و لنحاول ان نعقد بعض المقارنات حتي نصل الي نتائج كما كانت تقول د. نادية مصطفي

في بدء السبعينات بدأت تحولات بتولي انور السادات الحكم , و تغيرت معه السياسة العامة للدولة خاصة تزامن مع ذلك وجود طلبة لا يعجبهم الهيمنة اليسارية و الاشتراكية التي كانت موجودة في الكليات ( لابد ان نلاحظ ان الهيمة مقصود بها العناصر النشيطة فقط في الكلية فدائما هناك الطلبة الساكنين المتفرجين - و هم الاغلب - و الذي لم يكن لهم دور و كانوا ينتظرون الخدمات التي تقدم لهم من اي من الفرق التي تسيطر علي الكلية ) و بدأ تيار من نوع آخرفي التكون ( نلاحظ وجود الزعامات التاريخية للاخوان في السجون في تلك الفترة ) و بعد ان اثبت هذا التيار الجديد ذي النزعة الاسلامية نفسه في مختلف الكليات , اطلقوا علي انفسهم اسم الجماعة الاسلامية ... كانت تضم الجماعة الاسلامية كل رموز التيارات الموجودة الان بمختلف تنوعاتها , بدء من قيادات الاخوان الحالية و ايضًا القيادات السلفية حتي التيار الجهادي بل و حزب الوسط الذي انضف لفترة للاخوان و عندما لم تتفق الرؤى انشقت تلك المجموعة عنهم ... كل هؤلاء كانوا تحت ما يسمى بالجماعة الاسلامية آن ذاك ...
عندما خرجت تلك القيادات التاريخية من السجون ... وافق البعض ان يعمل تحت لوائها و ان يكونوا كصف ثانٍ للإخوان ... و لم يرضَ آخرون بذلك ...

و هنا يأتي السؤال المفصلي المحوري جدًا

هل كان هناك مبادئ حقيقية يعمل تحت لوائها الحرس القديم من الاخوان الخارج من السجون او من انشقوا و رفضوا الانضمام و العمل تحت لوائهم ؟؟؟ ام ان الامر كان مجرد اتفاق علي الاجرائات و لم يكن هناك اتفاقات فكرية ابعد من ذلك ( نتج عنها انفصال كتلة الوسط عن الاخوان فيما بعد و استبعاد عبد المنعم ابو الفتوح من هيكل الجماعة الاساسي و انتهي الامر بفصله قريبًا ؟؟؟)
كانت هناك حاجة طبيعية من الكبار ان يجددوا دمائهم و شبابهم في شباب الجماعة الاسلامية لما لهم من حيوية و انتشار و اخلاص ... و كان هؤلاء الشباب بحاجة الي ركن شديد له خبرة تنظيمية معينة عثر كل منهم علي ضالته في الآخر ... و لكن ... هل كان هذا - فقط - يكفي ؟؟؟

اعتقد ان مشكلتنا الاساسية هي الانفصال دائمًا ... انفصال الاكاديمي عن العملي , هناك منظرين كثر و من كثرة تنظيرهم ينفصلون عن الواقع و نصبح نظرياتهم تعمل في الظروف المثالية التي لا توجد في الحياة الحقيقية او لتصبح النظريات عبارة عن مجرد رد فعل لما يتخذه الاخرين ( الغرب مثلًا البارعين في الدراسة و العمل جنبًا علي جنب ) فلا يكون التنظير خادمًا او دافعًا للحركة و لكنه ( و هو فعلا قيم ) الا انه يظل منفصل عن الواقع و لا يمتلك القدرة علي تحريكه ... و تظل نظرياتهم حبيسة الصفحات و الاوراق ولا تجد طريقها للنور او للتطبيق عمليًا ... و هناك علي الجانب الآخر , من لديه الجانب الحركي قوي جدًا و لكنه يفتقر الي ارضية فكرية و اساسيات يعمل عليها و يرد كل شئ اليها حتي لا يضل ... يكتفي بالنذر اليسير البديهي القادم من التنظير المنفصل عن الواقع ... و الذي لا يمكنه مواجهة اي مستجدات حقيقية , فيحدث تحبط في القرارات او عدم وضوح الاتجاه و عدم وجود رؤية كليه نهائية .

الحل في رايي هو التأرجح ما بين التنظير تارة و الفعل تارة , ثم مراجعة ما حدث في الفعل و تقييم ما حديث و محاولة التعامل مع المستجدات بشكل تنظيري ثم تطبيق الحلول بشكل عملي , تنظير ثم فعل ثم تقييم ثم تصويب اخطاء بشكل عملي و مراجعة ما يجد من مستجدات عملية ....

لم نجد من يتحرك و لديه فكر واعي و ارضية صلبة الا ندرة و لكنهم هم من احدثوا تغييرات جذرية حقيقية فنجد ان هيرتزل ( مؤلف كتاب :دولة اليهود ) عمل بما اتي له من قوي ان يجعل نظريته التي وضعها في الكتاب تري النور , و حينما وافته المنية اكمل اتباعه من بعده رسالته حتي قام الكيان المغتصب و ظهرت اسرائيل الي النور , ايضًا نجد ان هتلر كان يعمل وفق نظرية معينة صاغها في كتابه :كفاحي , و استطاع ان يغير وجه اوروبا (اتفقنا ام لم نتفق معه و فكره ) و ان ينموا بالمانيا يجعلها قوة جبارة في وقت قياسي ( انتكس و قاد بلده للهزيمة لانه وقع في الخطأ القاتل و هو غرور القوة ) و من عندنا من استطاع الموازنة بين النظرية التطبيق ... الامام الشهيدحسن البنا و الزعيم الراحل علي عزت بيجوفيتش , فكان الاول يتحرك و لديه رؤية معينة في خاطره ... ترجمها في كتاب الرسائل ... و نجد هذا ايضًا موجود عند المفكر و الفيلسوف و القائد علي عزت بيجوفيتش الذي كا يعمل وفق رؤية معينه في خاطره و ترجم تلك الرؤية او المرجعية التي تحكمه في رائعته كتاب الاسلام بين الشرق و الغرب ...


نعود الي ما بدأنا به المقال ...
لم يظهر من هذا الجيل - جيل الصحوة الاسلامية او الجماعة الاسلامية - اي منظرين علي الاطلاق ... او ربما كانت لديهم نظرية و لكنهم لم يصيغوها بشكل محدد ... هذا جعل هناك مشكلة دائما من عدم رضا الجيل الجديد بما يفعله الاقدمون , فنجد انشقاقات تارة مثلما حدث في جيل الوسط عام 1996 , ثم توالي الانشقاق عن الجماعة بشكل كبير جدًا مؤخرًا بين جيل الشباب الحالي خاصة منذ عام 2007 ممن يضيقون بعبائة التنظيم .... اليس كل هذا ناتج عن عدم وجود ارضية تنظيرية صلبة لتكون مرجع و بوصلة و تتم مراجعتها وفقا لما يستجد من امور كل فترة ؟؟؟ لا اظن ان جيل الوسط قد قام بتلك المراجعة او تقييم ليمزج بين الاسلوب الجديث المواكب للعصر و بين الاساسيات التي لا يجب ان يحيد عنها او حتي طور من اسلوب تربية النشئ ( و الذي كان يميز الاخوان بشكل مطلق عن بقيه التنظيمات و التكوينات الاجتماعية ان لديه نظريه معينه في التربية يفعلها لتؤتي ثمرها كشباب صالح ) و معني التطوير الذي اقوله هو الاطلاع علي كلالتغيرات و لكن التمسك في نفس الوقت بثوابت محدده معينه ... و التربية كانت مهمة للغاية , فالشباب في اي تيار هو الضمان الوحيد لاستمراره ... و هذا ما اعطاه جيل السبعينات للاخوان انه امدهم بشباب جعل دعوة الاخوان تبقي عقود بعد ان تجففت منابعهم في الستينات ...

ما يحدث اليوم هو نتيجة لعدم وجود اي رؤية استراتيجية و نقدية تتطور عبر الزمن و تحتفظ بثوابتها وتقف مع نفسها كل فترة لتفند المرحلة الماضية ... ما يحدث هو عدم تطوير في مناهج التربية ادي الي تراجع النوعية البشرية داخل الاخوان بالاضافة الي لفظ كل من يأتي بفكر مختلف ( لانه لا يوجد تطوير للاداء بشكل نظري صلب ) فلا يوجد الشباب المميز السبعيناتي الذي امد في عمر التنظيم ولا يوجد كفائات ذاتية ...
هل هذا معناه ان النهاية قد جائت ؟؟؟

بالطبع لا ... فالشباب لن يعيى في ايجاد متنفس لطاقته ... هذا يبدوا في الاهتمام بتوافه الامور لدي المعظم , و محاولة البعض الاخر في ايجاد اي متنفس يستوعب طاقته ... ولا ادل علي ذلك المبادرات الشبابية التي اصبحت موجودة في مختلف المجالات ( الثقافية و الادبية و حتي التأريخ العسكري ) و نموذج شباب الاولتراس المنظم جدًا دليل علي ذلك ... و حتمًا هم من سيشكلون المستقبل في العقود القليلة القادمة فمن لا يستوعبهم هو الخاسر و ليسوا هم ... قد تطول بهم المسافة الاصلاحية و لكن فليكن , هذا قدرهم ...
و لكني اعتقد ان شباب هذا الجيل و الاجيال التالية له لديهم فرصة جيدة للغاية - فهم شهود علي تحول ما بين عقدين ... كما ان لديهم نظرية صالحة لعصرهم وضعها فيلسوف من طراز نادر و هو الدكتور عبد الوهاب المسيري رحمه الله ... فليقوموا به ...كما قام تلامذة واتباع هيرتزيل باقامة نظريته ... ليستوعبوا منهجه في قياس الامور , فهو يؤسس للمرجعية المتجاوزة التي هي لب ثقافتنا , و يؤصل للهوية و الاعتزاز باللغة و مواجهة الاستهلاك فان استطعنا ان نتشرب تلك الفكرة و ان نبسطها لنا و لمن هم بعدنا و نؤصل لها في مناهج تربوية ... فإن شاء الله يمكن ان تكون لنا قائمة ان اخذنا بالاسباب دائما و استمررنا و لم نحبط و ربطنا التنظير بالعمل و بعد العمل نقد تقييم و هاكذا ...

ليكن عندنا بارقة امل ان يتصدى طليعة جيلنا المشهد السياسي بعد 20- 30 عام من الآن و لنحاول ان نستقرئ الاخطاء خاصة اني اجد ان التاريخ يكرر نفسه و لكن بشكل غير مكتمل .- ففي كل دورة تاريخية يضاف جزء لم يتكرر فيما قبل و يبني عليه ما بعده - لذلك لابد ان ننفذ من تلك المساحة التي تضاف عبر العصور لنحقق مرادنا :)


--------------------------------------
هناك خواطر فكرية اخري التمعت في ذهني من هذا النقاش و لكني سوف اكتبهم لاحقًا لان الموضوعات منفصلة تمامًا عن بعضها البعض

الأربعاء، سبتمبر 02، 2009

تأملات من وحي القران

طبعا رمضان فرصة جيدة جدا لتدبر معاني القران و قراءته

و كانت من ضمن ملاحظاتي عندما انهيت الخاتمة الاولي لي في حياتي ( الصف الثاني الاعدادي ) ان الحديث عن سيدنا موسي و قومه - بني اسرائيل - حديث كثير للغاية

و هذا ما كان يشغلني دائما , لماذا هذا التوسع في سيرة هؤلاء الناس ؟؟؟

كنت اشعر دائما ان هناك معني خفي وراء سرد سيرتهم بهذا الشكل

في سورة الاعراف ص163 ايه 102 حتي ص 170 ايه 156 سرد رائع لقصة سيدنا موسي بدأ من الاستضعاف حتي التمكين ثم الكفر منهم

تأملت طويلا في هذه الايات و نفسية هؤلا ءالناس
كيف يمكن لقوم ان يكفروا بعدما انجاهم الله من الهم و الغم و البلاء العظيم بهذا الشكل و بهذه السهولة ؟؟؟
كيف يفكرون و ما الذي ادي لتفكيرهم ان يوصلهم لهذا ؟؟؟

ما هداني لتفكيري لهذا

قد يكون هناك اناس صالحون و مؤمنون و لكنهم يعيشون وسط بيئة فاسدة من الكفر , قد يتجمع المؤمنون في البداية لان الخطر الذي يهددهم كبير و يواجههم جميعا ( ليست قضايا جزئية ) لذلك يتحدون في وجه هذا الخطر و تصبح قضية حياه او موت
اما عندما يزول ما يجعلهم مؤمنين و متحدين - زوال خطر فرعون نهائيا - فظهرت الامراض التي نقلوا جرثومتها من البيئة التي كانوا فيها و لكنها كانت كامنة بهم
فالمصريون يوم اذ كانوا كفار و يعبدون الاصنام - مادية - و يعبدون فرعون و تأصل هذا الفكر داخل معظم بني اسرائيل المؤمنين بالوراثة او لانهم مختلفون عرقيا فاصبحوا مضطهدين و هذا الاضطهاد جعلهم من اتباع اسرائيل بالوراثة و ليس بالعقيدة الحقيقية و لذلك عندما حانت الفرصة لم تستطيع عقولهم القاصرة الصمود امام البدع التي كانوا تشربوها

و هذا ما جعلهم يريدون عجل - مادي - ليعبدوه عندما غاب عنهم الرجل القوي - موسي عليه السلام - الذي كان يقودهم للعبادة الصحيحة , و عبدوا العجل و ذلوا في الكفر بمنتهي السهولة

اعتقد ان هذا الاستنتاج يؤيده كلام الدكتور المسيري الذي ذكر ان اليهود ليسوا شعباً مختارا و لكنهم مجرد جماعات وظيفية تؤدي وظيفة محددة في البلاد التي يتواجدون فيها و لكن ليس لهم تاريخ مميز و التاريخ الجمعي للبلد التي يعيشون بها هم يتأثرون به و يؤثرون فيه بطريقة او اخري و لكنهم حتي و ان كانوا جماعة مميزة او متميزة فهم ليسوا بمعزل عن المجتمع و ما يحدث به و يؤثر في وجدان افراده


هذا قد يفسر لنا بشكل او بأخر بعض الامراض الاجتماعية الموجودة في شريحة الاخوان من عدم تداول للسلطة او السماح للشباب بالتعبير عن انفسهم و احتواء الاراء الجديدة و هذا هو الحادث ايضا في مصر و هذه هي المعضلات التي تواجه المصريين بمختلف انتمائاتهم علي جميع المستويات , لانه لا يمكن ان تعزل جماعة من البشر بشكل تام و جعلها لا تتأثر بالامراض الاجتماعية التي تصيب المجتمع كافة

ما اخشاه حقا هو النتيجة التي قد نصل اليها من هذه المعطيات و هي انه من يريد الاصلاح فلن يتمكن منه هنا لن الامراض الاجتماعية سوف تحول دون ذلك و ان اسلم وسيلة كي يحافظ المرء علي نفسه ان استطاع النجاه بشكل فردي من هذه الاوبئة و الامراض المتأصله فينا هو ترك المكان بمن و ما فيه حتي نضمن للسلالات القادمة العيش في بيئة نقية و افضل ..... هذا مجرد افتراض لا اريد تأكيدة و لكني اخشي من ان يكون صحيحاً علي ضوء ما سبق


الأحد، يوليو 19، 2009

غاية ام وسيلة ؟؟؟؟

منذ فترة و انا اشعر انه ضاع من عمري الكثير و لم اقرأ و انمي نفسي فيه بشكل اعمق و لم تزيد قرائاتي عن المقررات المدرسية و الجامعية
و حان الوقت ان ابدأ في القراءة و هي لن تنتهي الا بانهائي :) فلا يكف المرء ابدأ عن التعرف علي التجارب الانسانية طوال عمره لانها ما ترتقي به و بانسانيتة و توسع مداركه بشكل لا يوصف

و في بعض الاحيان تستوقفني جمل او عبارات و تستفزني للتفكير , و هو ما احب ان اشارك به من يقرؤن لي :)ي

أقرأ الان في كتاب اليبرالية الجديدة - د. شرف منصور ( القراءة للجميع ) محاولة مني للتعرف علي الاخر بشكل اعمق

و من اهم المبادئ التي لفتت نظري و استوقفتي في هذا الكتاب و هو ما يعتبر من الركائز الاساسية للفكر الليبرالي المبدأ التالي : ....(
لم يكن من الممكن للعقل و الارادة و الاخلاق ان يكون لهم استقلال عن الرغبة مقصود بها رغبات الانسان الاساسية التي تحركه بشكل بيولوجي للبقاء ذلك لان موقع العقل في اعلي سلم القوي الانسانية لا يجعله مسيطرا علي باقي القوي تحته بل يجعله هو نفسه مشروطاً بها , كا يجعل دوره تنظيمي فحسب , اذ لا يفعل شيئا لا ان يرتب الاولويات في اشباع الرغبات و ينظم الانفعالات و بذلك اصبح للرغبه الاولوية المطلقة في السلم القوي الاسانية و اصبح اشباعها هدفاً في حد ذاته , بل و اصبح العقل نفسه وسيلة لاشباع الرغبه .) ة

طبعا هذا المبدأ خطير للغاية و يسوقنا لتساؤل اكثر تعقيد

هل رغبات الانسان هي الغاية القصوي التي يعيش من اجلها و التي يترتب عليها ان يكون العقل و كل شئ مجرد ادوات في خدمة الحصول و الوصول لهذه الغايات ؟؟؟ هل نعيش في هذه الدنيا فقط لتبية رغباتنا من مطعم و مسكن و ملبس و امن و تعليم و زواج و مستوي حياة مرتفع ؟؟؟ هل حياة الانسان تنحصر في هذه الاهداف المادية البحتة فقط ؟؟؟؟

دعاة المادية يتصورون ان للانسان بعد واحد و هو البعد المادي فقط و يمكننا منه ان نرد كل تصرفات و دوافع الانسان الي هذا الاصل المادي .... و هو يتنافي من الحقيقة الواقعة من ان الانسان قد يرضي و يقنع باقل القليل من الرزق و قد لا يكون مشبع لكل حاجاته و لكنه لا يتمرد علي الوضع ولا يكون اشباع رغباته هو المحرك الاساسي له , كما انه ن المعروف ان اعلي معدلات الانتحار بين البشر هي في ارقي دول العالم و اكثرها اشباعا لرغبات و احتياجات مواطينيها المادية

اليست هذه ظواهر لا نجد لها تفسير في الفلسفة المادية ؟؟؟

عقلي لا يقبل هذا الافتراض الغير واقعي , فدائما ما يشعر الانسان السوي ان هناك هدف او غاية او سبب اخر غير انه مخلوق فقط لاشباع رغباته في هذه الحياة , فدائما ما نتسائل لماذا نحن مخلوقون و ما هي فائدة وجودنا و لو كنا ندور في الدائرة المادية لما خطر علي بالنا مثل هذا التساؤل ,و هو بالمناسبة تساؤل الانسان منذ بداية التاريخ


الانسان كائن له بعدين , بعد انساني و بعد مادي ( و هو ما يسمي في الفلسفة الغربية الان الطبيعي فالطبيعة هي مرادف للمادة و الطبيعي مرادف للمادي ) و البعد المادي هو مكون اساسي في الانسان , فاحتياجاتنا الاساسية لا غني عنها و لكن يظل هناك جانب غامض لا يمكن تفسيره بالشكل المادي السطحي البسيط و الذي يفترض ان الانسان يتفاعل مثل تفاعل الكيمياء و الرياضيات ففي الرياضيات 1+1=2 اما في الانسانيات فان عرضت شخصين لظروف متطابقة فلن يكون رد فعلهما واحد لانهما ليسا كيمياء و انما بشر و كل انسان متميز عن الاخر في كل شئ و لكن مع ذلك هناك انسانية مشتركة و هي التي لا تلغي الاختلافات الفردية بين الناس و بعضهم و في نفس الوقت لا تعاملهم علي انهم مادة متشابهه, و البعد الانساني بعد قد لا يكترث بالماديات و هذا ما قد يفسر لماذا يكون هناك افراد راضون علي الرغم من عدم اشباعهم لحاجاتهم المادية بشكل لائق و افراء يصلون لمنتهي الاشباع ولكنهم غير سعداء

فاعتقد ان الفلسفة المادية تتنافي مع الدين لانها تفترض انه لا لزوم له لانه الانسان كائن نفعي لا يعيش في هذه الدنيا الا من اجل اشباع حاجاته فقط و يكرس كل حواسه من اجل هذه الغاية المثلي و هو ما يتنافي مع ان الانسان له جزء مادي و جزء معنوي لا يخضع للمادة و هو ما يمثل وجوده الحقيقي كأنسان و يجعله مختلف عن اي حيوان

و اعتقد ان اكثر ما يعبر عن ان الانسان ليس فقط مخلوق من اجل اشباع غاياته هو العبادة التي تجدها في كل الاديان و هو
الصوم ... فما الذي يفسر لنا الامتناع عن الرغبات الاساسية للانسان و يكون في ذلك تقرب الي الله ؟؟؟؟ هذه رسالة للنسان ان هدف وجوده في هذه الدنيا ليست مجرد اشباغ لحاجاته ( و الا ما امتنع عنها في الصوم ) انما التحدي ان يوازن الانسان بين متطلبات الجسد و الغاية المثلي لروح


و مع ذلك اعتقد ان هناك الكثيرين نسو هذه الحقيقة الانسانية الازلية و تحولوا بالفعل لامثله حية للفلسفة الادية فنسوا انفسهم و انسانيتهم و اصبحوا يعيشون حياتهم علي انها " غاية " و ليست " وسيلة "و تحول كل شئ يمارسونة في حياتهم الي غايات و اصبحت حياتهم عبارة عن سلسلة من الغايات المنفصلة و التي لا يجمعها الا اشباع الحاجات

فمعظم الناس الان يتعلم ليس ن اجل تحصيل العلم و لكن كي يحصل علي الشهادة و للاسف الشديد اصبح العديد من الولياء الامور يدفعون كي يجتاز ابناؤهم الامتحانات عام بعد عام حتي ان هناك تلامذة في الصف الثالث الاعدادي الان و لا يستطيعون القراءة !!!! هذا لان حياتهم تحولت الي غاية في حد ذاتها
نكمل القصة المتكررة يتأهل الطفل للثانوية العامة و يكون في معركة رهيبة لمدة عامين من اجل ان يحصل علي مجموع في الثانوية العامة و يذاكر الطلبة كم مهول دول اي فهم حقيقي متعمق و ينجح ن ينجح و يتفوق من يتفوق
و يتباهي الاباء بمجموع الابناء لانه مجموع عالي و تبدأ المأساه الحقيقية فالجميع يجبر الابنء علي دخول الكليات العملية " و هي ما تسمي بالتعبير الشعبي كليات قمة ( و من المثير للنظر ان هذه الكليات هي التجسيد الحقيقي للمادية 1+1=2 ) و تتكرر مأساه اشخاص اراهم بام رأسي في طب يتفوقون و هم يكرهونها بشدة و هذا لتحقيق امنية لاب او ام هي في حقيقتها غاية ان يكون ابنهم او ابتنتهم دكتور/ة اد الدنيا دون النظر بشكل حقيقي لرغبات الابناء و ان الكلية ليست شرط الرزق الواسع , و عندما يعمل المرء يكون همه هو تحصيل اكبر قدر من المال , و كلما زاد مرتبة زادت متطلباته و اصبح المرتب لا يكاد يفي كل متطلباته المادية البحتة و يدخل المرء في دائرة جهنمية في العمل و المزيد من العمل لاشباع الحاجات و المزيد من الحاجات التي لا تكاد تنتهي الا بالموت !

حتي في اختير الاصدقاء , او الزواج , يتحول الامر لمجرد غاية فالفتاة و اهلها ينظروا لمدي غني الفتي و اهله و ماذا احضر لها في عيد المولد و عيد الاب و اعياد لا معني لها , كم ان الرجال ابصبحوا ينظروا علي ان الزواج هو غاية في ان يظفر باصغرهن سننا و احلاهن منظرا و يا جحبذا لو كانت من عائلة كبيرة و ضاع المعني الحقيقي لاغلب الشياء في حياتنا

هل اصبح الناس اليوم يطبقون و ينتصرون للفلسفة المادية التي ببساطة هي الغاء لوجود الانسان الحقيقي !!! هل نحن نعي معني الصوم ام هو مجرد امتناع عن المطعم و المشرب و ممارسة الحب للمتزوجين فقط و يعود المرء بعد الافطار كالغول لتعويض ما فاته من النهار ؟؟؟
لست ضد ان يكد و يعمل الانسان عمل دائب , و الفارق فيما اقول ليس فارق ماديا فلا اقول للطالب ان لا يذاكر و للمرء ان لا يعمل و يبحث عن العمل ... فلنفعل ذلك و بقوه حتي نستطيع اللحاق بركب التقدم ...

و لكن لنفكر قليلا هل فقدنا انسانيتنا في هذا اللهاث المرعب الذي لا يكاد ينتهي ؟؟؟هل حياتنا الدنيا تحولت لغايات ام هي مجرد وسيلة لحياتنا الاخري ؟؟؟؟





السبت، مايو 09، 2009

تأملات انسانية ...الشهرة

اولا اعتذر عن عدم تمكني علي الرد علي التعليقات السابقة في الفترة الماضية و اشكر كل من علق فحقاً شعرت انني مازلت حيه - حتي و لو اون لاين



***********************************************************************

يميل الانسان بطبعه الي التفرد و الرغبه في تأكيد انه مختلف عن الاخرين , فنحن نبحث دائماً عن الكتاب الافضل و الملابس الافضل و الطبيب و المدرس الخصوصي الافضل .... و لكن وسط هذا العدد الهائل يصعب علينا التمييز بين الجيد و الغير جيد, و نظرا لضيق الوقت فلا نستطيع ان نجرب كل شئ بنفسنا حتي نتأكد بانفسنا عن ما هو الافضل في اي مجال , و لذلك نلجأ الي المفتاح و الحل السحري و نبحث عن " الاشهر "في اي مجال دون ان نتكبد عناء البحث بنفسنا

فعلا شك ان الشهرة في هذا الزمن صعبه للغاية , أن تستطيع ان تظهر وسط هذا الكم الضخم من البشر , و قديماً قالوا " الصيت ولا الغني" تأكيدا علي ان للشهرة مذاق و لذه خاصة لا تعادلها لذه عند معظم الناس .

و هذا يقودنا الي تساؤل مهم .... هل الاشهر دائما هو الافضل ؟؟؟ او هل الشهرة هي معيار الافضلية ؟؟؟

في اغلب الاحيان لا

فللشهرة تكنيك خاص لا يجيده اغلب الناس المجتهده بحق, فقد يكون المرء موهوب في مجاله و لكنه غير اجتماعي او لا يستطيع ان يجتذب الانظار اليه او يفضل ان يقضي معظم وقته في العمل و الانتاج الحقيقي بدلا من الحديث و غالباً من له صوت عال يكون قليل الفعل( لكنها ليست قاعدة بطبيع الحال ) و في الانجليزية قالوا the dog that barks rarely bits و هناك من يكون لديهم داء حب الظهور و يكون الظهور عندهم مجرد غاية و ليس وسيلة لنشر عمل ما . فكم سمعنا عن ماركات مشهور للملابس و لكنها غير مناسبه او ليست في مستوي التي تنال به هذه الشهرة - عروض الازياء في بيو ت الازياء العالمية التي لا تلائم احد و علي الرغم من ذلك هذه الماركات مشهورة للغاية !!!- و كم سمعنا عن طبيب ذائع الصيت و لكنه غير ماهر في عمله و قد يكون هناك نائب حديث التخرج نسبياً عنه افضل و اشطر منه, و كم جريدة لها اسمها و لكنها لا تقدم صحافة حقيقية و مع ذلك يحرص الناس علي شراؤها بحكم العادة , وهاكذا الحال في المدرسين الخصوصيين و علي الجانب الاخر , كم من مبدعين قرأت لهم – وجدت اثارهم بعد جهد جهيد - و لا يعلم الكثير عنهم شيئا و تشعر انك امام عمالقة حقيقيين لابد ان يسلط عليهم الضوء و كم من كاتب استخدم اسلوب رخيص و عرف كيف يظهر سريعاً دون ان يكون لديه موهبة حقيقية . و ربما هذا الامر اصبح منتشراً اكثر هذه الايام لاننا كما يقال في زمن تحدث فيه الرويبض فاصبح ايجاد الافضل يتطلب جهد اكبر .

و من هنا تكمن المشقة الحقيقية في الباحث عن الافضل ,بانه لا يجب ان يقنع المرء بما هو موجود – مشهور – و عليه البحث دائما عن الافضل لان الشهرة ليست مرادف للافضل في معظم الاحيان , فكما ذكر الدكتور المسيري في سيرته الغير ذاتيه و تحدث عن علماء في مصر – لم اسمع بإسم احدهم من قبل – و قال عنهم انهم افضل منه و ان وجد منهم 10 في مراكز قيادية في البلد لتغيرت صوره مصر ... كما ان الدكتور المسيري نفسه رغم انه قيمه من اعلي ما يكون في وقتنا المعاصر الا ان الكثيرين لا يعلمون عنه ولا عن علمه ولا موسوعته التي هي اكبر ما كتب في المكتبه العربية شيئاً و و اعتقد ان اي مغنية يفوق عدد معجبيها و من يسمعون عنها عدد معجبي و من سمعوا بالدكتور المسيري رحمه الله .

و قد يقودنا هذا الامر الي سؤال اخرو هو ....هل يجب ان يكون الشخص مشهوراً حتي يكون شخصاً مؤثراً ؟؟؟؟ قد يكون الساسة او المدراء او قائد اي منظومة ايا كانت مشهورين و مؤثرين , و لكن بدون الجنود المجهولة التي تعمل في منظومة العمل التي يرأسها هذا الشخص المشهور فهو لا يساوي شئ ... و اعتقد ان الجميل في الثقافة التي ننتمي لها اننا لا نعمل من اجل مجد شخصي , لان الشهرة نصيب و ظروف و قد يبذل المرء جهداً مضنياً ولا يقدر له و لو نصيب ضئيل من الشهرة و لكن الثقافة التي اتحدث عنها هي , انه هناك نيه دائما وراء كل عمل نقوم به , نؤجر عليها بغض النظر ان حالفتنا الشهرة ام لم تحالفنا... و لأضرب مثل كي يوضح الفكرتين السابقتين ...

في اي جيش من جيوش المسلمين و ليكن جيش صلاح الدين قاهر الصليبيين .... او اي جيش من جيوش المدن التي فتحت مثل جيش عمرو بن العاص الذي ادخل مصر في الاسلام - و يقال ان فضل كل المسلمين علي ارض مصر سوف يكون لعمرو بن العاص نصيب منه و له اجر عليه - , هل الفضل فقط يعود لهؤلاء في صد العدوان او نشر الاسلام ؟؟؟ او بمعني اخر:" هل صلاح الدين او عمرو بن العاص (القادة المشاهير ) هما فقط المؤثرين الذين يعود اليهما فقط فضل النصر ؟؟؟" بالطبع لا فكل جندي استشهد او اصيب او حتي شارك بالقتال و لا نعلمه – مجهول بالنسبه لنا - له فضل في هذه الانتصارات و ان نسيه التاريخ فلن ينساه رب الناس او يحرمه من اجره . اي ان كل جندي في جيش عمرو بن العاص له اجر مثل عمرو بن العاص تماماً الفارق في ان التاريخ ذكر عمرو لانه قائد الجيش و نسي هؤلاء الجنود العاديين و لكنهما في النهاية لهما نفس الاجر و متساوون عند رب العالمين .

مثال اخر , من المعروف ان الله ارسل رسل كثيره لامم شتي في جميع مناحي الارض , لكن الله اختص 25 نبي فقط بالذكر في القران الكريم , هل معني ذلك ان الباقين ليسوا جيدين مثل الانبياء المذكورين ؟؟؟ بالطبع جميع الانبياء من خيره البشر علمناهم ام لم نعلمهم و لكن الله له حكمه في ان يختص البعض بالذكر و البعض الاخر بعدم الذكر , و سواء ذاع صيت الانسان او لم يذاع فالاهم هو ما ينال الانسان من اجر مادي ملموس من رب العالمين نظير نيه الانسان في عمله , و هو الاهم في وجه نظري لانه ماذا يكسب الانسان و هو ميت في قبره وحيد ان ذكره الناس بسوء ام بخير ؟؟؟

خلاصة الفكرة , ان الشهرة شهوة عند اغلب الناس ,نابعة من رغبه الانسان في التميز و البحث عن الافضل, و لكن ليس الاشهر هو الافضل دائماً , فلنتأني في الاختيار و لا تكون الشهرة هي مقياس الافضلية بس قيمة العمل المقدم نفسه , و ان شهرة الانسان ليست هي معيار تأثيره ,فالاخلاص في العمل و النيه الصادقة تبلغنا الاجر حتي و ان لم ننل الشهرة التي قد نعمل من اجلها لانه من سنن الله ان يشتهر القله و ليس الجميع , و كم من انسان مشهور يحدث جلبه و يكون حديث الناس اليومي و لكنه يمر في حياتهم مرور الكرام و لا يترك تأثير حقيقي يذكر و كم من اناس اثروا بعمق في كل من عرفوهم عن قرب , دون جلبه او قعقعة بلا طحن و حتي و ان فارقوا الحياة ظلوا احياء في وجدان من عرفوهم لان تأثيرهم حقيقي و صادق .

السبت، ديسمبر 13، 2008

من هم الشيعة ؟ج3.

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته


في التدوينات السابقة استعرضت كتاب الشيعة و التصحيح ؛ صراع بين الشيعة و التشيع , للدكتور موسي الموسوي عن من هم الشيعة و و بدأت باول نقطة للخلاف بينا و بينهم او بين الفكر الشيعي من وجة نظر المؤلف و ما ال اليه حال الشيعة اليوم و يطالبهم بتصحيح المسار فيه


و سوف استعرض في هذه التدوينة - بإذن الله تعالى - نقاط اخري في الخلاف بيننا و بينهم


ا2- التقية
يقول الدكتور ان التقيه مأوله من الايه الكريمة من سورة ال عمران " لا يتخذ المؤمنون الكافرين اولياء من دون المؤمنين و من يفعل ذلك فليس من الله في شئ الا ان تتقوا منهم تقاة " و هم يطبقونها ان اقول شيئا و اضمر اخر , او ان يقوم الشيعي بعمل عبادي امام سائر الفرق الاسلامية الاخري و هو لا يعتقد فيه ثم يؤديه بالصورة التي تعتقد بها في بيته . و يفند الدكتور ائمة ال البيت انهم كانوا ابعد الناس عن العمل بهذه الصفة التي يعتبرها انتقاص للمروءة و مكارم الاخلاق ., فيذكر ان حياة الامام علي كرم الله وجهه كانت معروفة و مواقفه كانت واضحة ولا يوجد بها اثر لهذا الامرثم ابنه الحسن كان ابعد الناس عن ذلك و صلحه مع معاوية يشهد علي ذلك . فصلحه مع معاويه كان عمل ثوري و خروج علي الرأي العام المحيط بالامام الحسن في عصره لان شيعة ابيه كانوا اقوياء و يعارضون موقفه و ناله منهم الكثير حتي ان احدهم و اسمه سليمان ابن الصرد كان يخاطبه " السلام عليكم يا مذل المؤمنين " و لكن لم يكن هذا كله ذريعه له للعمل بمبدأ التقية المقيت
ثم يأني دور الامام الحيسن الذي ثار ضد يزيد بن معاوية و من يتابع الثورة الحسينية كان يعلم بوضوع ان شهادة الامام الحسين كانت تتجلي امامه قبل المعركة و كان يعلم بها علم اليقين و قد جمع اصحابه ليله العاشر من محرم و قال لهم بان غدا سوف يكون قتال و انه مقتول لا محال و انه حل البيعة من اصحابة و قال لهم "اتخذوا الليل جملا و ارحلوا الي مصائركم " فهل هذا الموقف به اثر للتقية بان يضمر شئ و يظهر اخر دفعا للضرر ؟؟؟؟
و يكمل الدكتور الموسوي استعراض بقية الائمة و ركز علي الامامين الباقر و الصادق و هما اللذان اسسا المدرسة الفقهية التي عرفت باسم الفقه الجعفري - و نسبت لها التقية ظلما و زورا - و كانا ينشران ارائهم بلا خوف في مدينة رسول الله ...فكيف لمدرسة فقهية كبيرة مثل هذه ان تقوم علي مبدأ مثل مبدأ التقية ؟؟؟

يقول انه بعد استعراض حياة الائمة لم يجد بها شبه عمل بهذا المبدأ ,و لكنه اضيف الي المذهب الشيعي بعد عصر الغيبة الكبري عندما ارادت الزعامات الشيعية ان تتخذ العمل السري وسيلة للقضاء علي الخلافة العباسية و هذا لانه يخشي ان يجهر به امام السلطة و لهذا كانت التقيه دور كبير في الحفاظ علي الزعامات الشيعية من سلطة الحاكم و بطشه , و هو يري ان التقية اصبحت مظهرا حزينا و هي سبب التخلف الفكري و الاجتماعي للشيعة لانها دائما تجعلهم جبناء و تمنعهم من الظهور بالمظهر الحقيقي خوفا او خجلا , و حتي في ايران القطر الشيعي و عندما كانت السلطة الحاكمة شيعية خالصة كان الشعب الايراني يسلك طريق التقية كواجب ديني لمواجهة بطش السلطان و استبداده فيضمر له بالقلب ما يخالفه في العلن , و ما يحزن الكاتب حقا ان التقية سرت في انفس القاده من زعماء المذهب الشيعي , فعندما يرتضي للقائد الديني لنفسه ان يسلك طريق الخداع مع الناس في القول و العمل باسم التقيه فكيف تنتظر الصلاح من عامة الناس ؟؟؟


في كل العالم في هذا العصر اصبحت الحرية الفكرية والكلامية مقدسة تدافع عن مكنونات الانسان خيرا او شرا يعيش المجتمع الشيعي بقيادة زعاماته منغلقا علي نفسة بالتقية , فلا يستطيع عالم شيعي واحد ان يعلم رأيه حتي في كثير من ا لبدع التي الصقت بالمذهب الشيعي خوفا و رهبه من الجماهير الشيعية التي دربتها الزعامات تلك علي العمل بتلك البدع فاصبحت جزء من كيانها .,فمثلا يذكر الكاتب الشهادة الثالثة ( التي تضاف الي الشهادة الاساسية للمسلمين اشهد انه لا اله الا الله و ان محمدا رسول الله و ان عليا ولي الله !!!) و تقال في الاذان ايضا , يتفق عليها علماء الشيعة انها بدعة و لكن لا يجرؤ احدهم ان يصرح بذلك قولا او كتابة.


ا3-الامام المهدي ( الخمس - ولايه الفقية )



بعد عصر الغيبة الكبري تصدي لشؤون الشيعة الدينية علماء المذهب واحدا تلو الاخر و قد نسبت لهؤلاء العلماء مبدأ الخمس (بضم الخاء ) و هو انهم اوولوا الايه الكريمة ( و اعلموا ان ما غنمتم من شئ فان لله خمسه و للرسول و لذي القربي و اليتامي و المساكين و ابن السبيل ) الانفال 41 و جعلوا للامام الغائب نصيباً مفروضاً في دخل الشيعة و يأخذها الفقية او المرجعية الشيعية التي يتبعها الشخص بالانابه عنه ,و قد اضيفت اليها احكاما مشددة لكي تحمل الشيعة علي قبول اعطاء الضرائب في اي عصر - ظهرت هذه البدعة في العصر العباسي بعد الغيبة الكبري بقرن و نصف و ذلك لان فقهاء الشيعة كانوات فقراء فكانت وسيلة لجعلهم في وضع لائق و يعيشون الحياة الكريمة التي يستحقونها , و علي الرغم من تصدي بعض علماء الشيعة لهذا الامر الا ان هذه الاراء لم يلتفت اليها و صارت الشيعة الي ما هي عليه الان ,

ان الزعامات المذهبية الشيعية استطاعت البقاء مستقله عن السلطات الحاكمة حتي في البلاد الشيعية نفسها بسبب هذا الرصيد الذي لا ينضب , فاستطاعت هذه الزعامات بسبب هذه الميزانيات الضخمة ان تحرك الشيعة في الاتجاه التي تريد فلذلك نري ان تلك الزعامات استخدمت الشيعة في كثير من اغراضها السياسة و الاجتماعية عبر التاريخ



اما عن ولايد الفقيه فقد تأصل هذا المفهوم في الوجدان الشيعي بعد اعلان الغيبة الكبري للامام المهدي و كانت تنص انه لا امامه بعد الائمة الاثني عشر و لكنها امامه مثل امامة القاضي التي يستطيع ان يعين امين علي وقف اسلامي ما لا متولي له . و لكنها في الاصل له سلطة مطلقة مستمدة من الامام نفسه لانه والي علي منصبه حتي يعود الغائب . و هذه الفكرة تأصلت في عهد اسماعيل الصفوي شاه ايران مؤسس الدولة الصفوة في ايران عندما كان في خلاف مع الدولة العثمانية فتأصلت هذه الفكرة حتي يترتب عليها عدم شرعية الخلافة الاسلامية و بالتالي اباحة اراقة المسلمين لدماء بعضهم البعض. و مشكلة الفقيه هذا انه يتدخل في كل مناحي الحياة و رأيه ليس مقصورا علي الامور و المسائل الدينية فقط و طاعته طاعة عمياء مطلقة لابد , و هذا الامر سبب مأسي كثيرة في التاريخ الشيعي في وجه نظر الكاتب و هو يضرب في الكتاب امثله كثيرة علي ذلك لا مجال لذكرها هنا .ا


4- الغلو


يقول الدكتور ان الشيعة في معتقداتهم تغالي كثيرا فيما يظنون و ما يعتقدون بخصوص الائمة , فهم يظنون انهم معصوموا اي لم يرتكبوا معصية بقدرة الله , و لكن الدكتور يفند هذا الرأي انه هذا يؤدي انهم مسلوبون الارادة في تفضيل الخير علي الشر و لا يدري ما هي الفضيلة التي تكتب لمرء عند الله ان لم يستطع ان يقوم بالشر بسبب ارادة خارجة عن ذاته و انه معصوم بقدرة الله من عمل الشر . و ينسب الشيعة الي ائمتهم انهم يعلمون العلم اللدني ( اي يحصلون علي العلم دون جهد او مثابرة فقط بالالهام ) و له دراية بكل شئ و يعرف كل العلوم و الفنون . ثم يعترض الكاتب و يقول كيف يسوغ للشيعة ان ينسبوا للائمة صفات تعلوا علي الرسول عليه الصلاة و اتم السلام عندما قال له الله "( قل الروح من امر ربي و ما اوتيتم من العلم الا قليلاً )" و ينفي الله علم الرسول بالغيب قائلا " قل لو كنت اعلم الغيب لاستكثرت من الخير " و من مظاهر الغلو ايضا الي جانب العصمة و العلم اللدني , الالهام , المعاجز , الاخبار بالغيب , الكرامات ,كل هذه الصفات ينسبها الشيعة الي ائمتهم .... هذا بالنسبة للغلو النظري الاعتقادي

اما بالنسبة للغلو الاعتقادي فهو يتمثل في تقبيل اضرحة الائمة و طلب الحاجات منهم ...و هذا شئ غريب للغاية فن الافضل طلب الحاجات من الله عز و جل فقط و لا احد دونه لانه لا ينفع انسان ميت ان يضر او ينفع احد اخر " قل اني لا املك لنفسي ضرا ولا رشدا " صدق الله العظيم

5- زيارة مراقد الائمة

يتعجب الكاتب من الالاف المؤلفة التي تزور قبور الائمة الشيعة و يقرأ الزائر عبارات مطولة تسمي " الزيارة " و هذه الزيارة قد تكون معتدلة و لكنها في اغلب الاحيان تكون عنيفة و شديدة اللهجة و بها تجريح في الخلفاء الراشدين و هناك كتب تطبع بالكامل لتتناول الزيارات التي تقص علي قبور الائمة و يري الدكتور موشي انه من الاولي لمن يزور القبور ان يقرأ القرأن او ان يدعوا بالرحمة والمغفرة لصاحب القبر بدل من قراءة الزيارات هذه .
و يفند الاسباب الكامنه وراء تلك الاجتماعات التي كانت تحدث عند قبر الامام الحسين باسم زيارته انها كانت لقاءات بين الشيعة تفد الي قبر الحسين من اقاصي البلاد لنشر المذهب الشيعي و التنديد بالخلافة المتجسدة في الامويين ثم العباسيين و كانت تظاهرة شيعية لتوحيد الصفوف و نشر اهداف المذهب الشيعي و تغلغل في الوجدان الشيعي ان كربلاء لها مكانة اعلي من مكانة الكعبه كي يشد الحال اليها حتي انهم قالوا " لكل خطوة يخطوها الزائر في سبيل زيارة الحسين له قصر في الجنة !!!" م


اكتفي بهذا القدر حتي الا اطيل في عرض هذا الكتاب و ان شاء الله سوف احاول انهاؤه كاملا في التدوينة القادمة