السبت، أكتوبر 18، 2008

انا و ليلي

السلام عليكم و رحمة الله و بركاتة

في الفترة الاخيرة تلقيت علي الفيس بوك رسالة عن الانضمام و الحديث عن حملة " كلنا ليلي " و صراحة قرأت تدوينات كثيرة حتي الان تفند المشكلة بشكل واعي , فمنهن من قالت ان ظلم ليلي يكون من ليلي لانها اكثر المحتكين و هي من تعترض بالقول او الفعل , و منهم من فند الحالة ان هناك من يتخذ موقف متطرف سواء ضد الحملة او ان يجرها الي الساحة الدينية و او من يندد بان المجتمع قاسي القلب ولا توجد فيه امراة واحده الا و هي ليلي بشكل او اخر , و منهن من قالت انها ليست ليلي و لكنها تطالب بتربية و فرض مسؤوليات اكثر علي الشباب و ما الي ذلك و منهم من قال اذهب و اسئل ليلي الحقيقية اللي مش بلوجارية حتي تعرف وضع ليلي علي الواقع و ان لم يكن لك منفذ علي ليلي فاستمع لما تقوله ليلي البلوجارية

علي مستواي الشخصي فكلمة حق لابد ان تقال فانا لم اكن ليلي في يوم من الايام ... فلقد رباني ابي و امي علي انني انسان مؤثت و لست انثي و شتان بين هاذان المعنيان في التطبيق ... لا اذكر يوما انه فرق بيني و بين اخي الاصغر في المعاملة, فمنذ نعومة اظفارنا كان يحرص علي تعليمنا القراءة بل و اذكر انه كان يؤلف لي الحكايات عندما كانت تمشط لي امي شعري حتي لا ابكي و كان يقرأ لنا - كلانا - الكتب الكبيرة حتي انه قرأ لنا حياة محمد لمحمد حسين هيكل و علي هامش السيرة قبل ان ندخل المدرسة !!!! و عندما فكرت امي في تعليمنا الرياضة لم يكن هذا من نصيب اخي الذكر فقط بل كنا معا حتي انني استمريت في المبارزة - الشيش - و تركها هو و كانت امي تشجعني دائما علي الاستمرار في ممارسة الرياضة , حتي ان اول معسكر اقيم كان خارج القاهرة لم يعترض ابي علي سفري وحدي مع الفريق - فريق السلاح فتيات - و كان عمري ان ذاك 10 سنوات و اذكر انني لم ابكي عند وداع امي مثل الباقين و كنت اعتمد علي نفسي من الالف الي الياء و كانت تجربة اصقلت شخصيتي علي الرغم من حداثة سني و كان بقية اقاربنا يتعجبون كيف تركني اسافر وحدي !!! و اذكر ان ابي كان يستمع لي منذ الطفولة و عندما كنا نصنع شئ من الجلد في حصص التربية العملي كان يشتري لي الجلد و افعل ما افعله في المدرسة في المنزل و عندما كبرت قليلا و كلمت امي عن الرسم علي الزجاج كانت تشتري لي الالوان و تشجعني

ليس هذا مجال لحكي سيرتي الذاتية و لكني استعرض بشكل سريع جدا انني لم اكن ابدا ليلي في اي مرحلة من مراحل حياتي ... و لكن هذا لا يعني انني لا اعترف بوجود "ليلي " في مجتمعنا , فلي قريبات علي عكسي تماما كن يعانين من التفريق المطلق بينهن و بين اخواتهن الذكور , و كانت هناك من ترتضي الوضع لان فكرتها ان هذا هو شرع و سنة الله و كانت بتريح دماغها من الاخر, و منهن من تعبن و مازلن يعانين من علل جسدية لان الالم النفسي تجاوز كل الحدود حتي تفاقم الامر بشكل فظيع ... و اذكر ايضا صديقة الدراسة التي كانت تخدم اخوانهاالذكور بمعني الكلمة و كانت ان اعترضت يهددنها بترك الكلية - كانت هذه الفتاه قاهرية بالمناسبة - و كانت تقبل صاغرة حتي لا يسحبوا اوراقها من الجامعة و يمتنعون من الصرف عليها و اذكر ان الخروجة الوحيدة التي خرجتها في الكلية كانت لعزائي لامي و قد فوجئت بحضورها و قالت ان دا واجب و قالت ان دي المرة الوحيدة التي سمح لها اهلها بالخروج خارج اوقات الدراسة .

و لكني اريد ان اقول ان الامر تحسن عن زمان كثيرا , و اصبحت هناك نماذج كثيرة جدا من "ليلي" حتي نستطيع ان نقول ان كل بيت هو حالة منفصلة مختلفة عن الاخر و ي ان ثوب ليلي اصبح مقاسات كثيرة جدا و لا نستطيع تعميمه ... فكنت في الكلية اصادف نماذج فتيات اتين من المنوفية و من بني سويف و من الفيوم - اي من الاقاليم - و يبيتن في المدينة الجامعية او يذهبن الي مدنهن كل يوم و يعدن , يفعلن كل هذا فقط من اجل قيمة التعليم و لم يعترض الاهل علي ذلك بل يشجعونه , اصبحت قيمة التعليم عند فئة غير قليله قيمة مقدسة و لابد منها , فليست كل النساء ليلي بالمناسبة

ما اعتقده ان المجتمع في حالة تدافع مستمر فكل يوم تكسب ليلي ارض جديدة ... فأذكر موقف قابلته بشكل شخصي عن القروي الذي دخل للصيدلية و كنت مشغولة من زبائن اخرين و قال بصوت عالي اين فلان او فلان او فلان فقال له المساعدون لا يوجد دكاترة رجالة و كنت قد ذهبت للداخل لاحضر ادوية وعند الحضور وجدت الزبون يصيح في الرجل القروي و تسائلت فاخبروني انه قال انا مش عايز دكتورة لاني لا اثق بالحريم !!!! و من حسن حظي ان الزبون الاخر كان مثقفا فعنفه بشدة انه لا فارق بين الفتاة و الفتي و ان الجميع درس في نفس الكلية ... الي ان ترك الرجل الصيدلية و عاد عندما اشتد عليه الم معدته و اعطيته دواء ثم عاد مرة اخري يكرر الدواء لانه عجبه ...و قلت له هل لازلت لا تقتنع بالدكاترة البنات ؟؟ قاللي انا كنت بهرج انتوا علي راسنا من فوق !!!! يعني اعتقد ان ليلي يمكنها ان تقول ما تريد حتي و ان كان مخالف لاعراف المجتمع شريطة ان لا تقول هذا بنبره تستعديه و لكن بذكاء اجتماعي تفعل ما تريد حتي يصبح امرا عاديا و مقبولا بمرور الوقت


ولا اريد ان اتبني دائرة جلد اذات ايضا ... فموضوع تفضيل الفتي علي الفتاه شائع في جميع ثقافات الارض , فاذكر البرنامج الذي قالت فيه امراة عن ذكرياتها في انجلترا و انه كانت لها جارة انجليزية و عندما كانت حاملا ووضعت و سئلتها جارتها الانجليزية عن نوع المولود قالت لها فتاه : فردت الانجليزية بحنق ... فتاه ثالثة و اغلقت الباب في وجهها بعنف !!!! اي ان الامر ليس مقتصرا علي الشغوب العربية فقط و لكني اعتقد انه مرتبط بعادات و تقاليد انسانية و لكنها قد تزيد في مجتمع قليل التعليم و الثقافة مثل مجتمعنا , في مجتمعات كثيرة تعمل المرأة و تكون هي العائل الوحيد لاسرتها سواء لغياب او عدم وجود زوج او لمرض اقعدة او حتي لمجرد بلطجة !!! كان هذا قيلما وثائقيا في الجزيرة و تعجبت من احوال النساء في فنزويلا و كيف انها تشابه مصر بشكل كبير ان تغاضينا عن الفروق السطحية

من النقاط الاساسية التي وجدتها في هذا الامر ان القائمين علي عرض ازمة ليلي انهم يستخدمون كلمات لها وقع نفسي اصبح مرادف عند الاغلبية ان ليلي ضد الرجال او تريد الخروج عن الدين او التحرر القميئ من الادب و الاخلاق و الدين و انفلات العيار... لانني لاحظت ان اغلب الاشكاليات سببها المعني النفسي المصاحب للكلمة , و هذا له اسباب عديدة اهمها في رأيي ,.. ان القائمين علي علاج المشاكل لم يستوعبوا نفسية و طبيعة المصريين جيدا , فان وقفنا بيننا و بين انفسنا لنسئل ... هل هناك ازمة او مشكلة للمراة ؟؟؟ نقول نعم هناك . و لكن مشكلة الاعلام الذي هو من المفترض وجدان الشعب تناول هذا الامر بشكل يستعدي الجميع , لانه لم يقدم نموذج متوازن لعلاج المشكلة و لكنه انتقل من الكبت الي التفلت الصارخ و رسخ هذا في وجدان ا لاغلبية ان من تريد مناقشة او علاج الازمة كأنها تريد الانفلات الاخلاقي و الخروج عن روح الدين و التدين الحقيقة و هذا اخر ما تريده اي ليلي عاقلة في الدنيا ... و للاسف تناول الحلول المغرق في العلمانية الذي لا يحترم طبيعة الشعب المصري الذي يمثل التدين عنده قيمة كبيرة قد اتي بنتائج عكسية في اغلب الاحوال و لم يفيد القضية بشئ علي الاطلاق


ولا اريد ايضا ان تتحول مأساه ليلي الي مأساه الاقلية في اي مكان او ان تعيش في دور المضطهد و ان تعزل نفسها عن المجتمع فهي حزء من هذا المجتمع القليل الثقافة و سطحي بشكل كبير , يظن بالدين انه مجرد قشور ويقدس العادات و التقاليد و الافكار الباليه اكثر من الدين , و اعتقد ان اكثر من يظلم ليلي هي ليلي الكبيرة لانها من تربي مختار او مرسي او عباس او اي شاب اخر يمارس علي ليلي الضغط و يعتقد ان انتقاص حقوقها او اي تنازل منها لحكمتها هي حقوق مكتسبة ولا يقدر اي شئ, و هي من تنتقد ليلي بشكل عجيب في كل شئ و من تستنفر ابنها كي يطلق امرأته ان لم تنجب له الولد او من لا تقتنع بزوجة لابنها تجاوزت ال 26 بحجة ان من تجلس لهذا العمر دون زواج اكيد فيها حاجة او من لا تريد مطلقة كزوجة لابنها و تشكو المجتمع انه لا يريد ان يتزوج ابنتها المطلقة و هاكذا و الامثله كثيرة

الاثنين، أكتوبر 13، 2008

رؤيتنا للقمر نسبية


السلام عليكم و رحمة الله و بركاتة

تأملت فوجدت شئ متكرر دوماً , ان نظرت الي شئ ما من مسافة بعيدة نسبية رأيته جميلا و لم تقع عيناك علي عيوبه, و لكن ان اقتربت قليلا , فسوف تجد العيوب قد بدأت تظهر شيئا فشيئا و لم تعد الصورة براقة كما كانت في السابق ... القمر من الارض نراه غاية في الجمال و لكن ان فعلنا مثل الصينيين و ركبنا سفينه فضاء و اقتربنا منه سوف نجده مجرد صحراء خالية من الحياة... ايام الكلية و المدرسة كم كانت متعبه و مرهقة و كنا نتضجر منها و لكننا عندما ابتعدنا عنها نسينا كل التعب و الارهاق و بقيت في ذاكرتنا فقط الذكريات الجميلة ... كم من اشخاص ظنناهم سعداء من الظاهر و لكن عندما اقتربنا منهم وجدنا ان حياتهم عادية للغاية ؟؟؟ كم كنا نحلم بشئ ما و كنا نظن ان حالنا سوف يتغير ان حققناه - السفر بالخارج , التخرج من الكلية , الحصول علي عمل ما , امتلاك فيلا او سيارة او لاب توب او حتي احدث موديل للمحمول - و عندما تحقق هذا الامر وجدناه عادياً جدا بل و سوف نجد ان تأملنا اننا قدمنا تنازلات من نواحي اخري حتي نحصل علي ما تريد ؟؟؟ د
و لكن الجمال الحقيقي و العبقرية تكمن في قلة من الاشياء -او ندرة - التي تبدو من بعيد جميلة و لكن كلما اقتربنا منها اكتشفنا مدي روعتها و انها كلما اقتربنا منها كلما صارت اجمل و احلي

**************************

منذ عدة ايام اكملت عامي التدويني الثاني , و انتهز هذه الفرصة كي اقف مع نفسي قليلا و اري ماذا فعلت و ماذا كسبت ما يجب ان اتلافاه في المستقبل

وجدت انني قد بدأت في الكتابة منذ حوالي 10 اعوام و لكن كانت محاولات صبيانية لتدوين احداث المدرسة اليومية او بعض الخواطر التي عندما اراها الان اجدها غير ناضجة و لكنها كانت تحمل فكر - صح ام اخطأ - ناقدا و مستقلا بذاته ثم استمريت في صقل الموهبه الوليدة او ممارسة هوايتي الاثيرة - التأمل - و لا انكر ان التدوين كان له بالغ الاثر في هذا ... لان التدوين يمتاز بتفاعل بين فئة غير فقليلة بالمهتمين بالفكر ... بل اكاد ازعم دون مبالغة انني في طيات الانترنت قابلت اشخاص لم يتاح لي ان اقابلهم في العالم الواقعي و اعتبرهم من افضل الشخصيات علي الاطلاق ... حتي اصدقاء الكلية او الشلة التي استمريت معها كانت كلها بالصدفة فتيات تكتب في نفس الموقع و نرد علي بعضنا البعض دون ان نعرف اننا اصدقاء في الحياة الحقيقية ... و اعتقد انه من السمات المميزة علي الصعيد التدويني علي الاطلاق هذا العام هو انطلاق مشروع " مدونات مصرية للجيب " الذي اعتبره بحق نقله نوعية في مجال الكتابة ... و لانه ايضا جمع المدونين الذين تعودا القراءة و التعليق و جمعتهم الحياة الفكرية الي اشخاص يتقابلون في الحقيقة ... و انطلقت مشاريع اخري بناء علي هذا التجمع الفكري و نفس الارضية المشتركة مثل بؤجة الخير و ايضا موقع ابناء مصر انجز انجازات جيدة و اصبح ملموس في الفترة الماضية ... و علي الرغم من عدم اشتراكي في المشروعات الخيرية لظروف عملي الا انني اشعر ان هذا من ضمن الثمار الغير مبارشرة للتدوين ... و اعتقد ان وجود حركة فكرية بين اناس لم يكونوا ليجتمعوا الا عبر الانتر نت هو اجمل شئ علي الاطلاق ... لان اصعب عقوبة علي اي انسان مدرك هي الحبس الانفرادي ... و جميع من يتجه الي التدوين الفكري لديه ما يريد ان يشارك به الاخرين... و هي ظاهرة صحية لان الكلام الفكري يؤدي الي تغيير بعض القناعات المعينة و يجعل الانسان اكثر قدرة علي الانفتاح علي الاخرين , و تقبل الاختلاف الموجود حولنا بل و تقبل النقد و تعلم كيفية الحوار بموضوعية في قضية ما و كيفية تكوين رأي عن طريق البحث و القراءة , حتي و ان كانت فئة قليله فانني سعيدة حقا بتواجدي بين مجتمع من المثقفين الحقيقيين الذين هم نبض الشارع المصري الحقيقي دون ادعاء لكسب رضا السلطة او انتظار تلميع معين من جهه ما

حقا انني اجد ما يكفيني و يشبعني فكريا بين طيات هذا العالم السرمدي و احمد الله كثيرا علي كوني فردوا فيه حتي لانه يضيف الي كل يوم جديدا كي اتعلمه :) ه