الخميس، يوليو 08، 2010

اسود





يتنازعني دائما شعوران متناقضان تماماً , احدهما واقعي و الاخر متحاوز ... الاول لا يأخذ الا بما يري و المعطيات الموجودة و فقط و الثاني يأمل دائما في المستقبل و يري انه مادام هناك من يفكر من الشباب بعد كل هذا القمع الفكري و تجفيف المنابع و التوجيه الاعلامي و فساد مناهج التعليم اذن فهم فشلوا و من يفكر هو الناجح و هناك امل في تغيير الواقع حتي لو لم ندركه بأعيننا ...

اعتقد ان الانسان المفكر هو فقط من يستشعر باهمية تغيير القبح من حوله بجميع صوره ( ابتداء من وجود الخضرة وورود و اشجار جميلة و عدم وجود قمامة في الشوارع الي تغيير الظلم و القهر و الفساد فكلها درجات متفاوته من القبح ) حتي و ان اعتدناه, لكن شعبي و قومي اغلبهم مغيبيين في كافة النواحي ... فكيف يفكروا ليغيروا .. و لكن من قال ان التغيير لابد له من عقل علي درجة معينة من التفكير ؟؟؟ من قال اصلا ان كل انسان ليس انساناً مفكرا ؟؟؟ اليس الجميع يفكر ليعيش ام انه يمارس الحياة بحكم العادة فقط ؟؟؟ اعتقد انه من البديهيات الانسانية ان نحاول ان تغير اي شئ قبيح لان الجمال مطلب انساني فطري ... الا ان تكون الفطرة تشوهت و فقد الكثير من البشر انسانيتهم الحقيقية



سمعنا كثيرا دعوات علي الشبكة العنكبوتية لنصرة الشاب خالد الذي قتل بشكل وحشي بلا رحمة دون سبب لوضع حد بطريقة راقية جدا لهذه المهزلة ... و لكنها هي المرة الاولي التي يهب فيها اناس لا يعرفون بعضهم البعض فقط لان انسان من نفس البلد قد اهين !!! ياللعجب , هل لازال المصريون مثل بقية خلق الله - الطبيعيين - لازالوا يعرفون معني الكرامة ,,,, هل يمكن ان يتحركوا ان لم يصيبهم مكروه شخصي مثلما يتحرك ابناء العالم المتقدم عندما نجد ناشطي سلام يأتون من جميع انحاء العالم لمناصرة اطفال فلسطين المحتلين دون ان يكون هناك رابط واحد بينهم الا الانسانية المشتركة و الحس الانساني العالي

بالمناسبة لم تعد السلبية شئ مباشر وواضح بشكل طفولي عندما تواجد من يتبناها , بل ان الامر اصبح جد متراكب و متراكم بشكل عجيب ... فتجد ان هناك سلوكيات يتبناها الناس بشكل واعي بناء علي عقلية للاسف مغيبة او لنكن اكثر دقة , عقلية تم توجيهها بشكل خبيث و غير مباشر بحيث تبني الناس تلك المواقف بشكل اختياري من تلقاء انفسهم .... و لكن هذا الاختيار علي المدي الطويل ليس في مصلحته ابدا

فهناك من هو غير مدرك من اساسه لتبعيات الامر , و هناك من يراهم مجرد شباب فاضي و البلد مش ناقصة , و هناك من يري ان البرادعي عبيط و عمال يجمع في توقيعات زي هاني رمزي في الفيلم و مش هيعمل حاجة و هناك من لا يؤمن بجدوي ارتداء السواد و النزول و هناك من يقول ان حركة الحكومة لن تكون بمجرد الاسجداء ولا نجده يقدم بديل اخر ( تلك التعليقات سمعتها او اتحكت لي من اشخاص سمعوها بأنفسهم او من خلال تصفح مواقع مختلفة و قراءة اراء متعدده علي النت )

للاسف مستخدمي النت الجاد ليسوا كثيرين , فمن يعرف القراءة و يمتلك كمبيوتر و يستطيع استخدامه و الدخول علي النت و يستخدمهما بشكل جاد للاسف نسبتهم قليلة من مجموع الشعب ككل , و هؤلاء الناس يأخذون معلوماتهم عن طريق قراءة الصحف القومية ( اسميها صحافة سياسية صفراء ) و لا يدركون بشاعة و قبح النظام الذي يسودنا للاسف الشديد ... لازالوا من البراءة بحيث يتوقوا ان القانون سوف يأخذ مجراه و ان ( مفيش دخان من غير نار يعني اكيد الولد عمل حاجة متبلوش عليه ) و لا يعرفون ان الفساد وصل لدرجات لا يتخيلها انسان عاقل بحيث انه اصبح فساد مركب مكعب متغلغل و من الطبيعي جدا سلوك طرق بعيدة عن القانون - الذي يضعه اناس في ابراج عاجية لا يعيشون الواقع و يستخدم في الحقيقة كسيف مسلط علي الضعفاء فقط و مفتوح دائما لذوي النفوذ - و هذا يحدث الان في حياتنا العامة فما بالكم باخطر جهاز يمتلك شرعية القوة و هو الداخلية الذي من المفترض ان يتعامل مع الخارجين عن القانون ليحافط فيما مضي علي الامن الداخلي للبلد فاصبح - بفعل الفساد - هو من يخرج علي القانون و يستغل ان معه الشرعية ... فتحول لكائن ممسوخ حقاً
كم الشكاوي من المواطنين عن فساد هذا الجهاز فعلا كم مهول و رهيب و اعتقد اننا لو كنا في بلد اخر لتحول الامر لنهر دائم من الدماء المسالة بين الجانبين بين المواطنين و الشرطة و لسمعنا عن جرائم تبادل قتل للثأر و رد الكرامة ...



لم اصدق انهم تحركوا في الجمعة المباركة الاولي - كنت انوي النزول في المرة الاولي لكن لم يشأ الله - فوجئت ان اناس كثيرين شاركوا في هذا الامر

عندما نزلت المرة الثانية , كان شعوري عندما وصلت علي الكورنيش جد مهيب - لاول مرة اشعر انه لايزال هناك مصريين لم يتلوثوا بداء السلبية و عندهم كرامة يريدون ان يعبروا عنها و لو بشكل رمزي

شعرت بكم الغضب الصامت في اعين الشباب الواعد لان الحضور اغلبهم من الشباب

شعرت اننا شعب بنا جزء كبير راقي و من حقنا ان نعيش بكرامة و ميراث الذل هذا لابد ان نغيره او علي الاقل تغير جزء منه حتي لا يكرهنا من سوف يجيؤون بعدنا لاننا اورثناهم تركه ذل و مهانه مركبة

شعرت بأننا اقوياء لاننا لا نحتمي بأي شئ سوي رأينا و رغبتنا في التغيير و حقنا و شعرت انه كم هم ضعفاء و مساكين هؤلاء من يعملون في جهاز الداخلية ككل , فهم يحتمون خلف سلطتهم و سطوتهم و يظنون انها دائمة و لكن الحق هو الاطول عمرا والاعلي صوتاً في الدنيا و الاخرة

وجدت ان هناك الكثيرين ممن هم حزاني علي حق خالد و كل حقوق المعذبين من جهاز الشرطة الهمجي و لكنهم لا يدركون الطريق و عندما وجدوا ان الوقفتين نجحتا تحمسوا للنزول , ففعلا الكرة تكبر رغم انف المخبرين و من يتوهمون انهم يرضوا الشعم و هم مستعبديه

ادركت ان الحق لابد له من مطالب و لن يأتي من تلقاء نفسه و ان لم نتحد فلا نلومن احد الا انفسنا

ادركت لاول مرة بشكل عملي ان الاتحاد قوة وودت لو ان الناس تدرك اننا ننهزم في حرب نفسه و قناعات في البداية قبل ان نواجه من يقمعوننا بشكل عملي فالشعب الاكثر عدد و الاقوي و لكن الخوف يكبله فعلا

ادركت ان هذه هي البداية ولا يجب ان نقف ابدا او نشعر اننا عملنا اللي علينا و خلاص و لا يكون مجرد انفعال لحظي و تفريغ شحنة بل ايمان عقلاني عميق بالقضية و ان الصخرة تتفتت بعد الف قطرة ماء و نحن لم نفعل سوي قطرتين فقط





هل هو حقاً خالد سعيد ... هل حقا للانسان نصيب من اسمه .... هو خالد لانه حي في وجداننا و سعيد لاننا نحسبة مات شهيد دون نفسه ... هل حقا لكل انسان نصيب من اسمه كما يقال دائما .... لا ادري


صور هذا اليوم