علي غير العادة سأتطرق لموضوع كنت اتجاهله دائما و هو تفنيد و الوقوف عند بعض اراء البعض ,هذا لان القضايا التي كانت تثار في السابق كانت اتفه من ان اخوض فيها نقاشات و اضيع وقتي ووقت المتلقي ,لكن هذه المرة الاراء المطروحة هي في صلب هدم الشخصية لانها تتمثل في القناعات الاساسية للفرد , لانه ان تبدلت هذه القناعات كان الجيل الناتج عنها هشا , لا يختلف عن اليهود الذين يهابون الحروب و الموت عموما و يقدمون تسهيلات رهيبة كي ينضموا للجيش , جيل كل شئ عنده نسبي ولا يرتكز علي حقيقة واضحة و قوية بل اصبحت كل حياته رمال متحركة ولا يقف علي اي ارض صلبة في ارائة ابدا ,و يتمحور حول ذاته فقط .
*********************
اقول هذه المقدمة لاني للاسف الشديد لاني وجدت اراء من اشخاص احسبهم علي خير و لكني وجدتهم يرددون مقولات مثل : حماس هي سبب ما حدث و ما ال اليه الوضع في فلسطين , حماس كان لابد ان تتصرف بحنكة اكثر و ان تصرفاتها عبارة عن غباء سياسي , و ان ما ضيع حماس هو سعيها وراء السلطة و انها كانت لابد ان تعمل في الظلام ولا تزج بنفسها في دهاليز السياسة , فقد قالت لي اخت كريمة , اما السياسة و اما المقاومة !!!! ثم تجد التلميحات - تبر في مكنونها عن جبن قادة حماس - عن انه لماذا قادة حماس بيثون بياناتهم العسكرية من سوريا و ليسوا في ارض الحرب ؟؟؟ و تجد ايضا بعض السخرية من ضعف امكانات المقاومة و انهم يستخدموت لعب اطفال كما يقول الاعلام الذي يزعم انه محايد
عند مناقشة هؤلاء تجدهم يرفضون المقاومة بشكل غير مباشر- طبعا اعرف انهم لا يقصدون و لكن للاسف هذا نجاح في زحزحة البعض عن الايمان المطلق بالمقاومة و النضال من اجل الحرية - بحجة , انه لا يعقل ان يقاوم انسان اعزل اله عسكرية ضخمة مثل اسرائيل , و ان النجاح ليس بوجود مثل هذه التضحيات الفادحة من الانفس التي تزهق كل يوم ,
...
التضحية و الفداء
فالخلاصة ان المؤمنون يتميزون عن غيرهم انهم لا يهابون الموت , بل يقبلون عليه , لانه ليس موتا في الحقيقة انما هي الشهادة التي هي اعز حلم عند المؤمن .
و لأتكلم بلغة دارجة و كي اقرب الصورة للاذهان ,فانا حقا اتعجب ... لماذا ينكر العقل العربي المفتون بكل القيم و المعاني الغربية التي تقدم في الافلام , لماذا ينكر علينا حق الفداء و التضحية ؟؟؟ اليست هذه فكرة اغلب الافلام الرجل او الجماعة التي تتغلب علي الاشرار بمفردها و تنتصر في النهاية - علي الرغم من انه فرد اعزل او مجموعة ضعيفة ؟؟؟ لماذا يستحسنون الفكرة ان كان الامر مجرد حكاية في فيلم لم و لن يحدث و لا تمثل اي قيمة علي ارض الواقع , و قد يتعاطفون مع الام البطل في النهاية و يشجعونه علي ان يكمل طريق النضال بكل قوتة و يتحمل الصعاب ,و ف يالنهاية حتما ينتصر .... فهذه الفكرة الفطرية - فكرة مناصرة الخير حتي و ان لم تكن بمثل امكانات الشر - هي فكرة في وجدان الاحرار و غير مستغربة .
ان للفكر الحر ثمن لابد ان يدفع ,و هو بالمناسبة ثمن غالي لا يقدر عليه سوي الاحرار
ثم ان هذه الفكرة ليست غريبة عن تاريخنا الاسلامي او حتي تاريخ الانسانية , الا تذكرون اصحاب الاخدود حينما فضلوا الموت حرقا علي ان يعبدوا ملكهم الظالم ؟؟؟ الم يتعذبوا و يموتوا , ام انهم فضلوا ان يكذبوا حتي يقال عنهم انهم يمتلكون "دهاء سياسي لانهم لا قبل لهم بمواجهة هذا الملك الظالم !!! بل كانوا احراراً و ماتوا حرقا ً و لكن سيرتهم ستظل عطرة و الله عنده حسن الثواب ... الا نذكر سحرة فرعون و ماذا فعل فرعون بهم ؟؟؟ الا نذكر مصففة شعر ابنه فرعون التي احرق ابنائها الاربعة في الزيت المغلي علي ان تترك كلمة الحق و فضلت موت ابنائها ثم موتها هي شخصيا ً ؟؟؟ الا نذكر انبياء بني اسرائيل الذين قتلوا في سبيل الله , سيدنا يحيى الذي اوعزت بقتله اليهودية سالومي , علي سبيل المثال ؟؟؟؟ الا نذكر السيد المسيح عيسي ابن مريم حينما تحدي اليهود الذين كانوا يأتمرون لقتله و كادوا يقتلوه لولا ان نجاه الله !!! و في بداية الاسلام العطر الا نذكر ال ياسر , و كيف انهم كانوا يعذبون و بفعل بهم الافاعيل ... الا نذكر المسلمين الذين شقوا بالمناشير و انهم كانوا يذوقون الوان العذاب و الهوان ... كل هذا في سبيل الله و اعلاء كلمته ؟؟؟؟ كل قصص المناضلين هي صفحات مضيئة في تاريخ الانسانية , الا تدل علي انه من البديهي ان تراق الدماء الذكية الطاهرة التي يحيي اصحابها كشهداء مسرورين في سبيل العلاء كلمة الحق ؟؟؟؟
اعرف ان الرد سيكون انهم ليسوا ضد المقاومة و لكن لتكن مقاومة عاقلة ؟؟؟
واتسائل ببساطة , في اي حقبة من حقبات الصراع الانساني كان الحق اقوي من الباطل ؟؟ لم يحدث ابدا ... بل انه من المسلمات ان الحق دائما اضعف -و خاصة اذا كان في بدايته - و لكن لايمان اهل الحق به ينتصرون . هذه سنة كونيه
ثم ان من يقول ان حماس هي سبب الدماء التي اريقت ,فانني اقول لهم ببساطة ,انتم لا تعرفون التاريخ او تعرفونه ولا تتعلمون منه ... الا تذكرون كيف بدأ العدوان الصهيوني في عام 1936 و كم المجازة التي ارتكبتها عصابات الهاجانا و جيش الاحتلال المسمي بجيش الدفاع فيما بعد ؟؟؟ دير ياسين , صابرا و شاتيلا , قانا هذه اشهرهم و هناك غيرهم المئأت من المجازر و المذابح التي راح ضحيتها المدنيين العزل بدون وجه حق , اذا هي مجرد حجة انطلت علي الكثيرين بان حماس هي سبب المذبحة التي حدثت في غزة و لكن اقول انه حتي لو لم تكن حماس تقاوم , فكانت هذه المذابح سوف ترتكب علي فترات
ثم انني لا افهم كيف نكون ضد الشرفاء الوحيدين ولا ندعمهم حتي بارائنا و نكون ضدهم ؟؟؟ ماذا اختلفنا عن العالم الذي يسمي المقاومة ارهابا ؟؟؟ و منذ متي كان الدفاع عن النفس في وجه العدوان و حركات التحرر في العالم ضد المغتصبين ارهابا ًً ؟؟؟
هذا يفسر لماذا طردت فنزويلا و قطعت بوليفيا علاقاتها مع اسرائيل ...لانهم ببساطة مع حق الشعوب في التحرر من المحتلين ...هذه البداهة الفطرية هي ما تحرك هذه الدول بعض النظر عن المعتقدات و المرجعيات
يقول المسيري في كتابه , من الانتفاضة الي حرب التحرير الفلسطينية :ي
هذا هو الشهر الثامن عشر (آن ذاك ) من انتفاضة العرب والمسلمين، انتفاضة الأقصى والاستقلال، أو بالأحرى حرب تحرير الأقصى وفلسطين، والتي يحمل عبئها الشعب الفلسطيني، والتي يرصد الإعلام العربي أحداثها بتجرُّد وبرود شديدين، وبدون استخلاص أية نتائج، ودون محاولة لتخطي البيانات العسكرية التي يدلي بها المتحدثون الرسميون الصهاينة.....ولكننا لو قرأنا رصد الصحافة الإسرائيلية لأحداث الانتفاضة وأثرها على المجتمع الإسرائيلي لوجدنا صورة مغايرة تماماً، تعيد لنا الثقة في أنفسنا، وفي مقدرتنا على التصدي للعدو. وحتى نعرف ماذا حدث في المستوطن الصهيوني بعد الانتفاضة، فلنحاول ابتداءً أن نرسم صورة للمستوطنين الصهاينة قبل اندلاعها، استناداً للصحافة الإسرائيلية.
اليس هذا السيناريو التي اصبحنا - مصر - نغط فيه الان من فقدان الكرامة الوطنية حتي الرشوة المتفشية في كل مكان ؟؟؟ و هذا بالمناسبة نجح مع فتح لكنه لم ينجح مع حماس
من الاتهامات ايضا انهم يعيبون علي المقاومة ضعف امكاناتها , و انني اتسائل , و هل نحن ساعدناها و ادينا ما علينا حتي يكون معها اسلحة محترمة ؟؟؟ اليس ما فعهلوه هو اعجاز حقيقي انه مع كل هذا الحصار و الذل و قطع الماء و الكهرباء عنهم استطاعوا اعداد مثل تلك الصواريخ في ورش حداده ... ان ضعف المقاومة هي مسؤوليتنا في المقام الاول و لا نعيب عليهم اضعف الايمان الذين يبذولنه
من الاتهامات ايضاً ان القيادات لا توجد في ارض الحرب , اولا ليس عيبا ان لا توجد القيادات في ارض الحرب لانه ان قتلت كل القيادات ضاع الشعب بدون قائد ( ازمة مصر الاساسية في رأيي انها بدون قائد ) ثم الا يكفيكم نذار الريان و من بعده سعيد الصيام الاذين استشهدوا في ارض الحرب ؟؟؟ هل ما القادة المعاصرين من يفعل هذا و يظل في ارض الحرب هاكذا ؟؟؟
اتمني من الجميع ان يعيد النظر في الامور من منظور اخر , حتي لا نظلم انفسنا اكثر مما نحن فيه , و لنعرف جميعا ان المقاومة هي الحل و ان الصهاينة لا يحترمون الضعيف و لكن لابد ان تكون قويا او تخيفهم علي اضعف الايمان ...
!!!
كان يوماً عابقاً برائحة التاريخ والأزلية.
حلمت أنني أسير في حقول المشمش، رائحته الطيبة تمسني مساً، ونواراته البيضاء تحوم من حولي كفراشات نورانية. وحينما استيقظت كان الفرح يسري في كياني.
وفي الصباح أخبرني صديقي أننا سنذهب إلى عزاء شهيد فلسطيني: حصده الرصاص وهو يحاول أن يعبر السلك الشائك ليعود للأرض. كان منزل الشهيد على قمة تل من تلال عمان، والطريق المؤدي له محاط بأشجار المشمش ـ رأيت نواراته البيضاء وشممت رائحته. وحينما دخلت المنزل لم أسمع بكاءً ولم أر علامة من علامات الحزن، بل وجدتهم يوزعون الحلوى ويتقبلون التهاني ويقولون:"إن شاء الله في البلاد". وكان الجميع يتحـدث عن الفـداء والتضحية.
جاء مجلـسي إلى جوار عجوز من أتباع الشيخ عز الدين القسام (رحمه الله) قـال: "كنا نعلم تمام العلم أن أسلحتنا العثمانية عتيقة، وأننا كلما اشتبكنا مع الصهاينة والإنجليز فإنهم يحصدوننا حصداً برصاصهم، كما فعلوا مع ابننا الشهيد. ومع هذا كنا ننزل كل ليلة من قرانا كي ننازلهم". فسألته: "لمَ؟" صمت العجوز قليلاً ثم تحرك كأنه جبل قديم من جبال فلسطين وقال: "حتى لا ننسى الأرض والبلاد.. حتى لا ينسى أحد الوطن".
وفي المساء زرت أبا سعيد، خالد الحسن، كان في مرضه الأخير ولكنه كعادته كان متماسكاً لا يتحدث إلا عن الصمود، وعن الوطن السليب، وعن العودة إلى الأرض، إلى البلاد. وكانت معي أولى نسخ هذه الموسوعة فأعطيتها له، فأمسك أحد المجلدات وابتسم.
حين خرجت من المستشفى تساءلت: "هل تموت الفروسية بموت الفارس؟ هل تموت البطولة باستشهاد البطل؟ وهل يختفي الصمود إن رحل بعض الصامدين؟" ثم تذكرت كلمات العجوز في فرح الشهيد. حينئذ عرفت الإجابة، فسرى الفرح في كياني.
إلى أبي سعيد، رحمه الله،
وكل من صمد،
وكل من سيصمد بإذن الله...
------------