الخميس، ديسمبر 27، 2012

عن فلسفة الأزياء....

عن فلسفة الملابس و الأزياء ...
بداية , أي شئ في حياتنا له فلسفة ( يعني فكرة ) نتبعها , سواء أدركناها أم لم ندركها , الفارق أننا إن أدركناها قمنا بها  على أكمل وجه ,و إن لم ندركها قلدنا دون وعي نماذج غير مترابطة  أوحتي فعلنا الشئ  بوعيٍ جزئي ... 

عندنا درست رسم الباترون لفترة , وجدت ان 70% من المنهج مُنصَب علي الملابس الحريمي , و الباقي لملابس الرجال و الأطفال .. إذن فهو فن حريمي بإمتياز ... غالبًا ما تكون ملابس الرجال عبارة عن زي موحد تبعًا للمهنة التي يعملون بها ( جنود - مهندسون - عمال في مصانع - أطباء - قضاه - رجال دين - حتي في الطبقة الحاكمة أو الأرستقراطية  كان الزي عبارة عن إنعكاس للمكانة الإجتماعية ) لذلك فتتبع موضة و أزياء النساء يكون أهم يليه في الأهمية  ملابس الرجال . 
هذا بالمناسبة لا يوجد به أي نوع من التجني أو التنميط أو النظرة القاصرة أو شابه من الكلام المعتاد أن يُقال إن تعلق الحديث عن الملابس ... لماذا ؟؟
لأنك في المناسبات العامة أو في أي مجال عام لن تكون هناك فرصة للحديث مع الجميع كي تتبين شخصياتهم , فيكون الزي هو رسالة إجتماعية صامتة للتعريف المبدئي بالشخص ... ليس هو كل شئ بالطبع , و لكن في نفس الوقت لا يمكن  بأي حال إغفاله . 
فن تصيم الباترون و الأزياء عمومًا بهذا الشكل الحديث المدروس من الفنون الغربية ( أو هذا ما قراته إن كانت هناك معلومة أخرى لا أعلمها فلتخبروني بالتوثيق ) و كانت أزياء النساء فيما مضى أكثر إحتشامًا ككل , و كلما زاد تعقيد الملابس ( خاصة في عصر النهضة الأوروبي ) كلما كانت تعكس مكانة المرأة الإجتماعية , فكانت الفساتين ذات جيبات منفوشة للغاية و تتكون عن عدة طبقات , تناسب القصور الواسعة و الحفلات الراقصة و  الدنيا خالية من الزحام تقريبًا ... و ظلت مرحلة الإحتشام لفترة , ( حتى أنني أذكر صورة من أوائل القرن الماضي للاعبات تنس كن يرتدين فساتين ذات جيبات طويلة و كان لبسهن غريبًا غير مألوف ) , و لكن بمرور الوقت في القرن الماضي تغيرت لفلسفة الملابس كثيرًا ( خاصة فيما يتعلق بالنساء ) , حتي وصلنا لمرحلة ما بعد الستينات و ثورة الشباب في الغرب ... فاصبح مصطلح   well undressed woman كما قال د.المسيري - رحمه الله -  هو السائد , تعكس فلسفة مغزاها ... أن أظهر ما أمتلك من جمال , فجسد المرأة من أجمل ما خلق الله فعلًا وعليه ظهرت نظريات للألوان و تقسيمات  الجسد و كيفيه مداراه العيوب التي توجد عند البعض بالملابس , وأصبحت الأزياء تجارة في حد ذاتها و تراجعت القيم القديمة ( مثل الإحتشام ) و ظهرت قيم جديدة تزكي إستهلاك الملابس , منها أنه إن كان لدينا شئ جميل فلنظهره و لنتمتع بالجمال , أن  الإحتشام مرادف لكبر السن و كلما كانت الفتاة اصغر سنًا كانت أكثر قدرة علي عرض جمالها و التباهي به , كما أصبح التحرر من أي سلطة  و أصبحت حفلات المناسبات ا لسنيمائية اليوم هي البديل للحفلات  الراقصة الأرستقراطية فيما مضى  مصمم الأزياء الناجح هو ما يمكنه إبتكار ملابس تناسب من تأتي إليه ... فيظهر مكامن الجمال و يخفي العيوب إن وجِدَت و يختار الوان تناسب العميلة , و تكون تلك الإحتفالات بالنجوم , بالإضافة لعروض الأزياء , هي ما تحدد موضة العام , بل و الفصل ( الصيف و الخريف و الشتاء و الربيع )  و تدخل تلك العملية في منظومة الإستهلاك , فألوان هذا العام  و موضاته تختلف عن الوان العام السابق أو التالي , و يصبح خارج الأناقة كل ما لم تتبع تلك الموضة و الوان الموسم  , ما  كما يتميز الغرب بالدقة و التحديد , فهناك ملابس لكل مناسبة تقريبًا , ملابس للبيت و ملابس رسمية للعمل أو للدراسة  و آخرى رياضية للنادي و ملابس للسهرات الرسمية و آخرى للملاهي الليلية  و ملابس للبحر إلخ ,  







بالنسبة إلينا , فهناك مرجعية متجاوزه فيما يتعلق بفلسفة الملابس لدي المؤمنين بالدين الإسلامي عمومًا , و هي ما تمنع تحول موضات الملابس رأسًا علي عقب مثلما حدث في الغرب , فكان فيما مضى الإحتشام دليل علي الرقي , و لكن اليوم أصبت يُنظًر للإحتشام نظرة إجتماعية و نفسية سيئة ... الأمر ليس كذلك , فالفلسفة المهيمنة المتجاوزة هي التستر و الإحتشام , و قيمة جسد المرأة لا يُنظر إليه علي أنه مجرد "شي " من أجمل "الأشياء" التي خلقها الله , ( لابد من عرضها أو إخفائها تمامًا ... لذا لا أستسيغ النقاب من الناحية الفلسفية لأنه أيضًا ينظر للمرأة علي انها شئ و يمحو إنسانيتها تمامًا بمحو وجهها المميز لها , و إن كنت أتقبله كمكرمة شرعية فربما تفكر من ترتديه أنها لا تكون متاحة للجميع فهذه قناعات شخصية بحته ) فالأمر إذن  ليس مجرد نظرة جزئية عن حرية ملابس أو ما شابه , و لكنه جزء من منظومة إنسانية متكاملة , و لأن المسالة كما هي غالبية المسائل  تُنظَر لها من خلال  الثنائية فضفاضة , فلم يحدد الشرع زيًا معينًا بعينه ( و الا فقد الاسلام قدرته و جدارته ليكون دين خاتم مناسب لأزمنة و أمكنه مختلفة فهناك بعدًا حضاريًا مختلف مميز لكل منطقة لابد ان يُحترم و لكن خلال الإطار المنظم الأساسي الذي يُحدده الإسلام ) و لكنه إكتفى بتحديد عدة مواصفات لهذا الزي ( بالنسبة للنساء لانها كما قلت قضية نسائية بإمتياز ) 

بالنسبة  للأزياء في مصر فهي - شأنها كشأن أغلب الاشياء في مصر - بدون هوية , فالغالبية عبارة عن مجرد مسخ لا معني له ولا يعكس أي قيمة حضارية في رأيي , فغالبية الفتيات لا تدري لمااذ تفعل أو ترتدي زيًا ذلك الا أنه الموجود في السوق و الموضة كدا أو كانت فكرة جزئية في انها ترى في ذلك انعكاس لحريتها ... دون إدراك للنموذج المعرفي الكامن وراء الملابس , فلا ادري هل هي تنتمي لمدرسة الإحتشام أم مدرسة عرض الجمال ... فالغاليية ترتدي قطعة قماش علي الرأس دون معني حقيقي للإحتشام ( و يؤسفني هنا أن اقول و أكرر لفظة إحتشام فقدْ فَقَدَ الحجاب -للأسف الشديد- المعني الضمني له من سوء تعامل الناس معه ) سدًا لذريعة فرضية الحجاب , و تريد - في نفس الوقت - أن تُقلد بشكل جزئي معني عرض الجمال , فيتم إرتداء ما هو موجود في السوق بدون وجود أي نظرية للبس , ولا حتى مراعاة لأبعاد الجسد نفسه أو مداراه للعيوب , فكثيرًا ما نجد ملابس لا تناسب الأجسام المصرية التي تميل للسمنة بأي حال من الأحوال , و أيضًا  نجد أزياء تصلح للإحتفال أو السهر توجد بداخل الجامعة صباحًا و للممفارقة العجيبة أني وجدت أن زي الطالبات الأجنبيات في الجامعة الأمريكية أكثر قبولًا و منطقية من زي الطالبات المصريات في جامعة القاهرة الذي يصلح لحفل راقص صاخب ليلي  !!!! ( و تفسير ذلك لدي أن فكرة الدقة في الزي غير موجودة عندنا و هي فكرة تلائم الذوق الغربي أكثر , فكثيرًا ما كنت أري البعض يسير في الشارع بالبجامة و شبشب الحمام البلاستيك أو إسدال الصلاة البيتي أو أحدهم يتفرج من البلكونه علي الريق العام و يقف بالفانلة الداخلية و غالبًا ما نجلس في البيوت بنفس ملابس النوم :) ) 

هناكك تفسير آخر - لشيوع هذا النمط الغريب في الملابس - فالأزياء تُصنع , علي مقاسات ثابته , قد لا تناسب تلك المقاسات هذا التنوع في الأجساد خاصة المصري منها فالمقاسات التي نصَنِّعْ عليها غربيٍة عمومًا فكان هناك عدد كبير من المقاسات لا يكون مناسبة للمقياسات المحلية , و لذلك كانت الأزياء غير محددة المعالم التي تأخذ شكل جسد من ترتديه حلًا إقتصاديًا لصانعي الملابس , فهم يضمنون أقل فاقد ممكن و أن غالبية البضاعة سيتم بيعها فهي تعالج مسالة الفروق الفردية المختلفة من شخص لآخر و التي تؤدي - فيما مضى - إلي مرتجع كبير ... 

و لا أريد أن يتم النظر لفن الأزياء الغربي بالأساس علي أنه صنيعة الغرب التي ظهرت في سياقها و لا تناسبنا , رايي أن الأزياء و نظريات اشكال الجسد و مداراة العيوب هي منتج من المنتجات الإنسانية التي تُوظَّف تبعًا للسياق التي توضع فيه ... فهي مجرد فرس تسير بك حيثما توجهها ...  

 الحجاب - إلى جانب أنه فرض رباني - إلا أن له فلسفة كامنة وراءه , لابد من إستيعابها جيدًا عند تنفيذ هذا الأمر الإلهي , فحتي لا يتحول إلي مجرد عادة خالية من المضمون , لابد من التركيز علي " الفهم " لأنه تغيير جواني بالأساس و ليس مظهريًا فقط ... 
و علي الرغم من أنه شئ يتعلق بالمظهر , إلا أنه الرسالة الأولي التي تتم بين الأفراد , و يكون متضمن شفرة إجتماعية   مبدئيًة ( لا يجيد الجميع قرائتها بالمناسبة فليس كل الملابس سواء حتى و إن اشتركت ظاهريًا في بعض السمات ) , فالزي يعكس شيئًا من الأفكار , و ما تجمعت مع فتيات لهن نفس التفكير الا ووجدت نمط أزيائهن يحمل شيئًا مشتركًا دون إتفاق ... و من خلال نمط معين من الملابس و الألوان و طرق ربط الطرحة و اسلوب الكلام و السير ... يمكنك ان تحدد المستوى الثقافي للمرء ...هذا إن إمتلك الشفرة الإجتماعية ... 


ملحوظة :
--------

بالنسبة لرأيي في النقاب أرجو أن لا يُثير حفيظة أحد , هذا في النهاية رأيي الخاص لا علاقة له بأي شئ , و لا يمكنني أن أنكر شئ لم يحرمه الإسلام , أقره و لكن لم يُجِبه ... عكس السفور الذي هو مرفوض شكلًا و موضوعًا , و كل المحاولات البائسة التي تحاول ان تُنظِر له و لوجوده في الدين هي مجرد تأثُر غربي و محاولة للي عنق الحقيقة ... النموذجان المعرفيان لا يلتقيان ... بكل سماتهما و من ضمن تلك السمات ( الحجاب ) .  

الأحد، نوفمبر 25، 2012

قاب قوسين من الجنون


س : لماذا يـُقال عن شخص انه مجنون , ما هي سمات الجنون ؟؟

ج: الشخص المجنون هو ما يُـعايش الواقع كما يراه الجميع , فهو يخلق عالم لا يراه غيره ليعيش فيه ... و ربما يتجاهل و ينفصل عن الواقع لأسباب كثيرة ...  س: هل انتِ في طريقك للجنون ؟؟ الاحظ محاولتك الانفصال عن كل ما يدركه الجميع ؟؟

ج: ممم ... قد أكون فعلًا احاول الانفصال عما يدركه الجميع , بل و أحاول أن أجد عالم خاص بي أعيش فيه ( عالم واقعي بالمناسبة و ليس خياليًا يُدركه آخرين غيري ) لكن للأسف , من شروط الجنون أن لا يكون واعيًا بأنه منفصل عن واقعه :) لن أتمكن من خداع نفسي ... للأسف


----------------------------------


أصبحت تزعجني بشدة محاولات التخفيف عن المَوجوع بترديد كلام أجوف مستوحى من محاضرات  التنمية البشرية , أنت سيد قرارك , السعادة قرار ( لتصبح انت سيد سعادتك ) أنت قوي , لا تسمح لأحد بأن يهزمك , هناك دائما فُرَص في كل مشكلة ... ألخ ألخ ألخ ...و ينسون أن الناس ليسوا متشابهين , الأقدار قد تتشابه و لكن الطاقات النفسية لتحمل البشر ما يمرون به ليست واحده ... اللعنه علي هؤلاء البشر المتسببون في تعاستنا ... كلما دققت في مشكلة لأحاول إيجاد أصلها ( من فعل ذلك بنا ) نجد انها مجرد خيارات حرة لأفراد ليسوا مسؤولين ... قد تؤدي لتعاسة جموع غفيره من البشر ليسوا بالضرورة أقل من هؤلاء التوافه الذين اتخذوا قرار ما , او تقاعسوا عن دور ما لهم ... مشاكلنا التي نمر بها هي نتاج ملايين من الإختيارات الحرة الغير مسؤولة لأخرين قد نعايشهم او قد يمتد لنا تأثيرهم حتي بعد وفاتهم ( مصممي المدن مثلًا علي مدي العصور أو مسؤولي التخطيط في مدينة ما حتي نصل إلى إهمال المسؤول عن مراجعة صلاحية السيارات قد يتسبب في قطع لجاكت اثناء نزولي ... كل شئ بمعني كل شئ ) و قد أكون أنا - دون أن أدري - أصبحت أيضًا أدور في تلك المنظومة المجتمعية , و قد يتحمل أحدهم بعض من قراراتي و قد تؤثر عليه سلبًا أو إيجابًا ... يا إلهي ... إن العيش في بيئة فاسدة يؤثر علينا و علي صحتنا النفسيه .. دون ان نشعر ! 


-------------------------------




يُقال إن الأسماك لا تعيش في المياة المعقمة ... كناية عن أنه لابد من بعض التلوث من هنا أو هناك حتي تصبح الحياة قابلة للإعاشة  , لسنا في الجنة و بالتالي فالتعقيم أو الظروف المثالية 100% تجعل الحياة مستحيلة لكن العيش في بركة صرف صحي آسن ... أعتقد أنه يحتاج إلي قدرات خاصة !!!


 -----------------------------



عندما كنا صِغار , كنا ننعم بالدِفء من الجميع ... فرحنا قوي و زعلنا ننساه بعد لحظات ... كلما نكبر كلما كانت تتقلص لحظات الدفء في حياتنا , و كنا بكلما نتدرج في المراحل الحياة كانت تحدُث صدمة , تسحب من رصيد دفئنا الروحي ... الإنتقال في الدراحل الدراسية في المدرسة كانت تُمَثِـل صدمة معلوماتية , و الإنتقال من المدرسة إلي الجامعة  تُمَثِـل صدمة النضج و إعادة تشكيل الهوية و الذات التي - غالبًا - ما ستستمر معك ... هناك صدمات آخري في الإنتقال من التعامل بطفولة الي النضوج في العلاقات الإنسانية , صدمة فقد شخص عزيز يمثل لك دعم و دفئ نفسي أيا كانت درجة قربه و أيا كانت الطريقة التي يُفقد بها ... كل هذا يسحب من ارواحنا حتي نبتسم و نحن نتذكر كم كانت فرحتنا طاغية بالعيد مثلًا عندما كنا صِغار ... هناك صدمتين قويتين أخريين , لحظة التخرج من الكلية و الخروج من العالم شبه المخملي إلي العالم القاسي البارد ... لا أبالغ إن قلت أنه عالم خَرِبْ لا يوجد فيه أماكن للجميع مثلما كنا نجد اسمنا في كشوف الفصل في المدرسة او امتحانات الكليات .... تخرج للعالم ولا نعرف كيف نحفر اسمنا فيه , لا أحد يقول لك أي شئ و إن قال لك فتجربته بإن لم تكن تجربة قديمة لا معني لها الأن فقد يكون لها رائحة لا تدري من أين تجئ أو ما مصدرها ... تجربة قاسية للغاية , فهي قد تستغرق منك عمرك و قد تفقد خلالها شبابك و قوتك و صحتك , و في النهاية فقد لا تجد إسمك بعد كل ما بذلت من تضحيات !!!لا أحد يخبرك , لابد ان تبحث عن إسمك في كشف الحياة بنفسك , أو تحفره ... تشعر كيف أن هذا العالم بارد للغاية , تبحث حولك عن أي مصدر للدفء فلا تجد الإ شعلة صغيرة ( بعدما كنت مُنَعَّم فيه تمامًا فيما مضى ) تتلاطم أمواج الحياة القوية العاتية , قد تُطفئها و لكننا نحاول أن نحاوطها بجنون ... فهى آخر شعاع يذكرنا بإنسانيتنا ... يتناسى البعض وجود تلك الشُعلة في حياته , و من يتذكرها , فقد يضعها في غلاف زجاجي حتي لا تطفئها امواج الحياة الباردة القاسية ... و يضع يده علي الزجاج كلها شعر بالبرودة ... و ينسى ان الشُعلة تنطفئ بدون تجدد الهواء ... يظل الزجاج ساخن يبعث علي الدفئ لكن بدون اي شُعلة حية بداخله ... نكافح حتي تظل الشعلة حية ... و نكافح الموج العاتي , و قد توجد الشعلة و لكنها للأسف اضعف من ان تواجه كل تلك البرودة ... تزداد البرودة و قد تتجمد اطرافنا الخارجية , فلا نكون قادرين علي الحزن او السعادة ... ننظر لكل شئ بابتسامة لا معني لها تكفي لأداء الفلكلور الإجتماعي لتريحك من الفضول ... فضول السائلين أو من يُمثلون الإهتمام دون إكتراث حقيقي , توجد الشعلة و تكفي فقط الدماء الحارة كي تسير في عروقنا لكي نظل علي قيد الحياة , بدونها سوف نموت لا محال لهذا ادركت فرح البعض بالمطر و رغبة المعظم في السير فيه , فالمطر البارد يمتلك دفء قادر علي إذابة الجليد الذي أصبح يعلونا لبعض الوقت , فنشعر بإنسانيتنا لفترة من الزمن و نتأكد اننا لازلنا علي قيد الحياة . الصدمة الثانية , هي أنه عندما تدور دورة الحياة , و تُصبح مطالب بمنح الدفء - لا أن نكون مستهلكين له مثلما كنا صغار في الماضي - كيف تمنح ما لا تملك ؟؟ أنت غير قادر علي مواجهة كل هذه البرودة ... ربما بحثنا عن ممصادر أخري للدفء في حياتنا كي نستهلك جزء و نُرسل جزء للآخرين ... هناك عباقرة لا يستهلكون شئ و يعطون كل ما يُمنح لهم , و هناك أكثر جمال بأنه تكفيهم لحظات دفئ بسيطة ليشعوا طاقة هائلة تضئ لمن حولهم ... و لكن رحم الله امرء عرف قدر نفسه ... ليس الجميع مثل هؤلاء العباقرة ... و ليس الجميع يجدون قوت يومهم الكافي ... أرجو أن لا ينتهي الأمر بأن نضطر أن نُشعِل النار في أنفسنا ... كي نكون شُعلة للأخرين و لكننا لن نحتفظ بأنفسنا في تلك اللحظة بل سننتهي بعد فترة قصيرة , فلن يكون الأمر مثلما كان في الماضي ... ستظهر الشمس عندما يتوقف الموج , و ما الموج المتلاطم البارد إلإ خيارات البعض الغير مسؤولة ... أعتقد أننا سنبحر طويلًا في هذه الظُلمة .. هذا قدر ...



علي أمل أن يرى أبنائنا أو أحفادنا الشمس يومًا ما , و أتمني أن تنير الشمس قبري و أنعم فيه بالدفء و لا يكون باردًا في مُجمله ... كتلك الحياة .  

الأحد، سبتمبر 23، 2012

20 يومًا

هي مجرد خواطر لا علاقة لها ببعض , او ممكن يكون لها علاقة ... الله اعلم :)


*****


انا فعلا بكره التليفزيون ...لماذا ؟؟ لانه ببساطة يخلق صور نمطية لكل شئ ... يجعلنا نتبناها طواعية دون وعي , و تصبح تلك الصورة النمطية لأي شئ هي المقياس الوحيد للشئ !!!


*****


مساعدتي في الصيدلية كانت تصغرني بأعوام قليلة , كانت فتاة جميلة الروح بحق ... في مرة قالت لي : سمعتي اغنية فلان الجديدة ؟؟ قلت لها الصراحة لأ .. مبتسمعيش يا دكتورة ( نظرة تعجب ) قلت لها لأ اسمع و لكن مش بالكترة بتاعتكم دا اولا ثانيا ليا ذوق مختلف تمامًا ... قالت لي ببراءة ... لازم تسمعي يا دكتورة ... امال لما تيجي تتخطبي و تتجوزي كدا هتقولي كلام الحب منين ؟؟؟ صعقني منطقها منطق التيك اواي حتي في جمل الحب ,و لكنه و استفزني في نفس الوقت ... و قلت لها : لما اجي اتخطب و اتجوز انا كفيلة اني اؤلف عبارات الحب ... مش محتاجة حاجة جاهزة هفصل اللي يناسبني بنفسي ^_^ فنظرت لي نظرة إكبار و تقدير و اندهاش و لم تعقب :)


 *****


بالصدفة شاهدت حلقة من برنامج (الأطباء ) علي قناة ام بي سي اربعة , وجدت ان موضوع الحديث هو الساعة البايولوجية للنساء و علاقتها بالحمل و الولادة ... مجتمعهم يعاني من تأخر لسن الزواج , فسن النضوج عندهم اصبح اربعين عام ( علي ما الواحد يتخرج من يعرف يرشق في شغلانة و يؤسس نفسه ماديًا ) وجدت شرطية ناجحة في عملها عندها 43 عام و تتمني ان تنجب و لكن بويضاتها شاخت , و آخري عندها 40 عام و انفقت فوق 100 الف دولار علي عمليات التلقيح و عندما حملت توفي الجنين في الشهر ال4  ... احضرن فتيات اصغر سنًا في ال 32 و 34 و كانوا يقولوا انهن لا يفكرن في الزواج ناهيك عن الإنجاب الآن ... و أيدت هذا الأمر أم الشابة ذات 32 عام (من تانزانيا) و كانت تقول انها كانت تنجب و هي في سن الخمسين ,,, و انها اورثت الجينات لإبنتها فلا داعي للقلق ... فهي تريد لابنتها ان تعيش حياتها و تكمل ابنتها لتقول : حتي و إن رغبت فأين تجد هذا الرجل  هذا الرجل في الذي يمكنها  الوثوق فيه و يستطيع تحمل مسؤولية الزواج  في هذا السن الصغير ( النصف الأول من الثلاثينات تقصد ) ؟؟ كما انه ان انجبت طفل في هذا السن الصغير فلن تتمكن من ان تؤمن له مستقبله و تنفق عليه و تعلمه كما يجب ... كان الحل الذي يقترحه البعض هو إيجاد بنوك للبويضات تؤخذ من الشابات في سن صغير  حتي عندما تقرر الانجاب في اي سن  يكون لديها بويضات "شابة" ... كانت الإجابة ان اتعاب تلك البنوك غالية و من الصعب ان يتحملها شاب , كما ان هناك فريق آخر يقول انه ان حافظت المرأة علي صحتها ( بدون تدخين او كحوليات او عادات غذائية خاطئة ) يمكنها ان تنجب في سن متأخر عادي ...مناقشة لا تنتهي بين مؤيدين و معارضين للفكرة ... ذاك مجتمع مختلف عنا فعلًا


 ***** 


انا تمانية و عشرين سنة , عارفة يعني ايه تمانية و عشرين سنة في المجتمع بتاعنا دا ؟؟ انا مش جميلة و مش صغيرة بمقاييس المجتمع ( و الله الزواج مش بيجي بالمقاييس دي دا رزق )... كل اصحابي اللي اتجوزوا انعزلوا تمامًا . مبقاش فيه مواضيع مشتركة انت متعرفيش اد ايه انا وحيدة  ( يا بنتي مش شرط  و الله اعرف بنات متزوجات و مصاحبين بتاع مش متزوجات عادي ) ماشي انا عارفة بس مش كل البنات كدا ( مش بتعملي اللي عليكي و مش قافلة علي نفسك و بتشتغلي و مشتركة في نشاطات في النادي ؟؟ استعيني بالله و ادعي , الدعاء علي رأس المتوفي حديثًا من الاوقات المستجابة فعلًا ) ادعيلي معاكي , انا فعلا مبشوفش حد عدل  انا مش طالبة الا التدين و الأخلاق و انه يكون ثوري تخيلي ان فيه مرة حد جالي رص لي كل الافلام و لا بساله ايه اخبار القراءة معاك قاللي و نقرأ ليه !!! ( حاضر هدعيلك و الله بجد مش عارفة اقوللك ايه ) انا مبتكلمش مع حد في الموضوع دا بس انت مش حد انت نفسي , بس  فعلا دي مشاعر و شعور طبيعي ( عارفة و الله , ربنا خلق فينا المشاعر دي مشاعر فطرية ) ... 


*****


النماذج الجاهزة في كل شئ اصبحت تطغي علي حياتنا بشكل مستفز للغاية ... نسي الجميع ان القياسات البشرية مختلفة ... أي نعم هناك ملابس جاهزة قد تناسب الغالبية العظمي من الناس , و لكن يظل الثوب الذي تنتقي قماشه خامته و الوانه بنفسك , و تختار الموديل الذي يناسب طولك و عرضك بقياساتك انت دون غيرك ... هو الأجمل دومًا ...


 *****


الصورة التي تتكون في عقلنا و التي من خلالها نفهم الواقع تسمى الخريطة الإدراكية ... فهي من خلالها ندرك الواقع قد يقع حادث معين , يراه إنسان بطريقة ... و نفس هذا الحادث يراه إنسان آخر بطريقة مختلفة تمامًا ... ما إختلف ليس الحادث ( فهو واحد ) و لكن ما إختلف في الحالتين هو طريقة تفكيرنا و حكمنا علي الشئ ... المنظور الذي ننظر منه و نرى به الاشياء ... هذا ما يختلف من شخص لآخر تتدخل عوامل كثيرة جدًا لتنْظُم الخريطة الإدراكية للإنسان , قد تكون موروثات إجتماعية , قد تكون صورة تليفزيونية يتبناها المرء دون وعي , قد تكون حقيقة يعايشها الإنسان بشكل يومي ( طريقة معينة في التعامل يرثها الإنسان مثلا دون وعي منه فنجد غالبًا الأسرة التي تكرم النساء يكرم أبنائها النساء و من تعودوا من النساء علي دور معين حتي لو بلغ هذا الإبن ارفع المناصب فغالبًا لن يغير التعليم من السلوك الذي تربي عليه ووعي الدنيا من خلاله ) , و قد يكون خطاب فلسفي أو ديني يؤمن به , و يغير حياته من أجله ... تتكون الخريطة الإدراكية بوعي او بدون وعي , هي موجودة عند الجميع ... 


***** 

هل اذا قلت لكم عن تفاصيل بسيطة جدًا , عن شاب و شابة جمعهما ظرف معين ... حدث انجذاب معين اول مرة التقيا و لكن لم يكن هناك فرصة للحديث ... في المرة الثانية قرر ( احدهما ليس مهمًا الآن ) ان يتعمق اكثر بالحديث ... حدث التقابل مرات قليلة للغاية بعد ذلك و قررا انهما مناسبين لبعض تمامًا و علي استعداد ان يكملا الحياة معًا ... اخبر الشاب الفتاة بظروفه , و انه سوف يسافر للعمل بعد عدة أيام ... و لن يعود الا بعد فترة طويلة من الزمن ... كانت الفتاة قد قررت ان هذا الشاب هو من يمكنها ان تترك كل العالم لتتبعه الي آخر الدنيا ... فقالت لا يهم , لنبقي معًا تلك الأيام القليلة كان هو غير مصدق انه وجدها فقد كان حظة قبلها عاثرًا ... قضيا ايام لا اعتقد ان احدًا يقدر علي استيعاب كم السعادة التي كانوا فيها ... و حينما حدثها بعد سفره وجد صوتها مبللًا بالدموع ... لم تأخذ القصة كلها 20 يوم علي افضل الأحوال ... 







و الآن عزيزي القارئ بعد قرائتك لتلك السطور القليلة ... كيف هو حكمك عليهما ؟؟ حكاية مثل حكايات اليومين دول ؟؟ الفتاة تعيسة ان استسلمت لقصة كهذه ؟؟ الحب الحقيقي يدخل دون استئذان ؟؟؟ معهما , ضدهما ؟؟ لا تستريح ؟؟ 




لنقترب اكثر من الصورة  ... فالاقتراب يعطينا رؤية افضل 

هل ستتغير رؤيتك للأمر ان علمت ان لقاء الشابان كان في بيت الفتاة ؟؟ لقد كان الموضوع عبارة عن مقابلة بالطريقة التي تسمى اصطلاحًا ( تقليدية ) شاهد الشاب الفتاة مرات معدودات ...و بعدها قرروا انهما مناسبين لبعض بشكل لا يوصف , و العجيب ان العائلتان ارتاحتا لبعضهما البعض بشكل غريب أيضًا ... ( قد يتناسب الشاب و الفتاة و لكن تحدث المشاكل مع العائلات ) لكن هل تتخيل ان الحب قد يأتي من هذا الطريق ايضًا ؟؟ عندما اخبر الشاب الفتاة و اهلها بظروفه و لم يراجع ابو الفتاة اي من الكلام المادي الذي اقر بالالتزام به الشاب , و في نفس الوقت لم تشعر الفتاة ابدًا ان الشاب (يسترخص ) و لكنه يجئ علي نفسه احيانًا لانه كاما يقول مقامها عالٍ للغاية و لكن العين بصيرة ... اقترح والد الفتاة ان يكتبوا الكتاب قبل سفر الشاب , حتي يتمكنوا من معرفة بعضهما البعض و توثيق العلاقة بالخروج و التنزه و قضاء وقت معًا دون حرج ,  خاصةً و ان القبول المبدئي عند الشاب و الفتاة كان قويًا للغاية ... تم عقد القران و امضيا معًا ايام لا اعتقد انه يمكن ان يصفها احد بدقة غيرهما , فمن يعايش الشعور غير من يتحدث عنه و لو تكلم عنه عام كامل ... لابد ان تمر به ... بعدما سافر زوج الفتاة .. بكته بشدة و هي غير مستوعبة كيف حدث كل هذا في هذا الوقت القليل  ... و تدعوا الله ان يخفف عنها ما تبقي حتي يجمع الله الشتيتين 


هل لازال انطباعك - عزيزي القارئ - كما كان عندما اجملت الحديث ؟؟ لتعلم ان الصور الذهنية سابقة التجهيز تتحكم في رؤيتنا و حكمنا المسبق علي الأشياء ^_^ لتراجع صورتك الذهنية و علي اي اساس تستند ( نظرية فلسفية او دينية ولا علي اساس تليفزيوني ) 


 

الثلاثاء، أغسطس 21، 2012

الرد علي : فى البناء الإسلامى لمفهوم الزمن


بما ان اهذا المقال مكتوب للرد علي مقال فى البناء الإسلامى لمفهوم الزمن

فالملاحظات علي المقال نفسه قلتها في التعليقات 
لكن هنا احب اني ارد علي الفكرة نفسها 

لمن لم يقرأ المقال الأول , ففكرته الاساسية هي استعراض ماهية الوقت عند الفلاسفة , ثم تتبع حساب الوقت الكمي , و كيف ان الحسابات الدقيقة  الآليه ( الساعة ) ساهمت بشكل او بآخر في القضاء علي انسانية الانسان ,  و ان وجهة النظر الاسلامية في التعامل مع الوقت كانت مختلفة في انها حددت مواقيت الصلاة تبعًا للشمس و عليه حدد مواقيت الصلاة و كيف ان رمضان يعتبر لحظة مختلفة حيث ينبذ الانسان الساعة و التي اسمها الكاتب ( البداية التعسفية لليوم في منتصف الليل كما اصطلح الناس عليه ) ذلك انه لابد من مراعاة الساعة البايولوجية بغض النظر متي بدأ اليوم ... لان الساعة 12 او منتصف الليل لا يمثل اي علامة مميزة ... و ان رمضان يهرع الناس و تتوقف الحياة تقريبًا ساعة الافطار لانه الغي هذا الارتباط بالساعات الهندسية و ترك نفسه لنظام الكون والشمس (فربط الطعام بغروب الشمس ) 

-----------------------------------------------------------------

بالطبع لست معترضة علي الطرح فالطرح جد مميز و ان كنت اعيب عليه الاستغراق في السرد المعلوماتي لقضايا ليست خادمة للفكرة الاساسية بشكل عميق ... الجزئية الثالثة اهم ما في الموضوع في رايي 

-----------------------------------------------------------------

تعليق خاص بنقطة الزمن و تعريفه عندي :
فكرة الزمن شغلتني فترة ليست قليلة  , و اللي قدرت اهدتي له ان الزمن لزمة من لوازم الحياة , هو من يعني الحياة معناها اصلا , لأنه لو تجمد الزمن لفقدنا القدرة علي الحركة ( حركة كل شئ حركة المخ و حركة الدم في العروق و حركة اجسامنا و علي التنفس و حركة الاشارات العصبية من المؤثر للمخ و من المخ الي ايدينا و علي التفكير و علي اي شئ من اساسه ) لو توقف الزمن لتجمدت الحياة و لأن الزمن من متلازمات الحياة , فمن يموت يخرج من تلك المنظومة اصلا و يتوقف به الحال و ينتقل لأبعاد اخري لا معلومات لنا عنها ... الزمن لا يفعل الحركة و الحركة ليست هي  التي تفعل الزمن , الزمن ضروري للحركة لان الحركة ناتجة من الارادة , من له ارادة يتحرك و من لا ارادة له يتحرك بفعل ما له اراده او من بدأ الحركة الأولي او ان يكون خاضر لقانون ميكانيكي طبيعي ما ( حركة بخار الماء مثلا الماء لا ارادة له لكن الحركة تنتج من قانون طبيعي مادي حتمي ) الزمن ضروري للحركة لانه ما يعطي  المخ المساحة و القدرة علي العمل , لكنه ليس المحرك الاساسي لانه شئ لا اراده له :)) مخلوق لكن له صفات مميزة مختلفة مثل النار و النور




مقدمة : 
في البداية , بدأت الاحظ اتجاه قوي بين ( تقريبا غالبية من اعرفهم من قراء د.. المسيري رحمه الله ) آخذ في التشكل , هو رفض و  نبذ الحداثة تمامًا و انها اس كل الشرور و البلاء , و التطرف في معالجة هذا الأمر برفض الحديث كليًا بدعوي ان الشرور متأصلة في البنية الحديثة لأي شئ ... و العودة و المناداة الغير منطقية في رايي المتواضع بنبذ كل ما وصلت اليه البشرية في كافة المجالات , كأن كل ما يأتينا من الغرب هو الشر المحدق ( حتي و ان تم نفي هذا الامر فأغلب التناول لأي قضية اختلفت تلك القضبة ) الا انه لا يزال تناول سطحي و لكن من الطرف الآخر ... ( فنحن نعيب علي الغرب الاستغراق في المجتمع التعاقدي و طغيان النموذج المادي البحت , فينتج عن ذلك الاستغراق اللا واعي في محاولة ان ننفي عن انفسنا تلك التهمة ( اي الحضارة الغربية و ان ننساق في نسقها ) فنجد انفسنا سقطنا بدون موضوعية في نموذج متطرف و لكن بالعكس !!! 

لن نتقدم الا ان تفهمنا واقعنا جيدًا و استوعبنا خصائص حضارتنا التي تتعامل مع الجانب المعنوي , جنبًا الي جنب مع الجانب المادي , لا تنكر ايهما ولا تغقل احدهما علي الآخر ... التعاقد و المجتمعات التعاقدية هي وحدها القادرة علي التقدم لان كل فرد في المجتمع يعرف ما هي حقوقه و ما هي واجباته جيدًا , و لكن لابد لنا من اطفاء صبغة تراحمية عليه ... هذا لن يتأتي الا ان استوعبنا ثقافتنا جيدًا و ما هي الغاية منها .... 

(( و مع هذا لابد أن ندرك أن روح التعاقد لها جوانب ايجابية , فهي تضمن حقوق الأنسان و هي تقلل من التوترات بين الأفراد - برغم من انها تقوم بتقويض العلاقات الانسانية - و هي تحدد الحقوق و الواجبات بدقة ... و لا يمكن لأي مجتمع أن تقوم له قائمة , أن لم يكن هناك احترام للتعاقد و ما يضمنه من حقوق وواجبات ))
((معظم ايجابيات التعاقد تنصرف الي رقعة الحياة العامة لأن رقعة الحياة الخاصة بكل ما فيها من تركيبية تتطلب شيئًا أكتر تركيبية من التعاقد ))

((و المجتمع التراحمي مجتمع للكبار , الاطفال فيه رجال لم يكتمل نموهم و القضية هي كيف نجعل منهم رجالًا مثلنا دون اي احترام لخصوصيتهم و دون بذل اي جهد لفهم عالم الاطفال , و يتصور اعضاء هذا المجتمع ان كل الامور يمكن حسمها بعلقة ساخنة . ولا يفهم اعضاء المجتمع التقليدي خصوصية و فردية العلاقة الانسانية المباشرة فالوحدة التحليلية هي المجتمع )) 
رأي د. المسيري يتجلي هنا ... ( انا طبعا اري أن الانسان كائن اجتماعي و انه لا وجود له خارج شبكة العلاقات الاجتماعية التي تحيط به فهي التي تحدد هويته و توقعاته الي حد كبير , أقول الي حد كبير عن عمد لاني اري ان الفرد لابد من ان تكون له خصوصية و مساحته الخاصة و ان اختفت تلك الخصوصية و الابداع سقط المجتمع في الدائرية و التكرار ( مثل الريف و الصعيد لم يتغير او يتطور المجتمع منذ مئآت السنوات )  مقتطفات من رحلة د. المسيري الفكرية  

تلخيص تلك الفكرة بشكل اجماهي هي فكرة ( العلمانية الجزئية ... اي التعاقد في رقعة الحياة العامة و التراحم في رقعة الحياة الخاصة ) و اعتقد ان مجتمعاتنا لابد ان تمر بمرحلة الصدمة و الكره للحداثة و التطرف عنها , ثم ايجاد ان هذا نموذج غير عملي , و بالتدريج تعديل الرؤية ليكون هناك عمق في فهم و تحليل اي قضية ... 

كانت هذة مقدمة لابد منها J

* هل الساعة من اشكاليات التعاقد , ام اننا ان تفهمنا الأمر يمكننا التمتع بمزاياه في اطار تراحمي ؟؟؟ 

كما اشرت ان الكاتب المقالة التي ارد عليها كان قد اطلق علي الساعة ( نظام بدء اليوم التعسفي ) 
و لست اري حقيقًا هذا 
لماذا ؟؟؟ لاني اري ان اي شئ يمكننا ان نستخدمه ان فهمنا خلفيتنا الفلسفية جيدًا و الساعة من ضمن تلك الاشياء 
بالنسبة للحسابات في الإسلام و مواقيت الصلاة و الصوم  فاليوم يبدأ من غروب الليلة التي تسبقه , و لذلك ليلة القدر هي التي تسبق اليوم الوتري و هاكذا ليلة العيد هي التي تسبقة و ليست التي تليه ...  و لكن بما انه تم الاصطلاح علي تقسيم اليوم ل 24 ساعة و كان منتصف النهار ( حدث واضح للشمس و هو زوال الظل ) الساعة 12 فكان المقابل لها هو 12 ليلا ... 
و بإجتهاد ( لا علاقة له بشئ و قد يصيب او يخطئ ) عندما تأملت مواضع الصلوات ( الفرض و السنن المؤكدة ) وجدت انه لا يكاد تمر فترة كبيرة الا ووجد فيها صلاة ... فالوقت بين العشاء و الفجر به قيام الليل , و الوقت بين الفجر و الظهر به صلاة الضحي ... و إن أخذنا  تلك الصلوات بالحسبان مع الفروض , و وضعناهم علي تقسيمة ساعة اليوم 24 بدل من 12 سنجد صورة مرايا للمواقيت الصلاة و سنجد ان منتصف النهار هو الظهر 12 ... فمن البديهي ان يكون المقابل لها في النظام الاربعة و العشريني هو بدئ اليوم ... 


لماذا كان البدء الساعة 12 و ليس 1 او 11 ؟؟ لانه لابد لنا من ان نصطلح علي وقت موحد ( ايا كان هذا الوقت ) لنبدأ منه بشكل تعاقدي ...  و لنترك التفاصيل التراحمية لكل يوم تتحكم فيه ... 

يعني قد استطيع ان اعتمد علي الساعة الدقيقة في تحديد المواعيد دون اغفال مواقيت الصلاة ... فهل من الصعب ان نجعل مواعيد العمل تبدأ بعد الشروق بنصف ساعة – ساعة بدلا من ان يكون في الثامنة صباحًا ايا كانت تلك الثامنة ( في بعض البلدان يتأخر الشروق لهذا الوقت )  ؟؟؟ يمكن ذلك بالطبع . فنستيقظ لصلاة الفجر ثم تعد الطعام  و نرتدي الملابس و نذهب للعمل ... و هو مفيد في الصيف حتي يمكن الذهاب للعمل قبل ان تشتد حرارة الشمس ( و يمكن العودة في منتصف النهار و انهاء العمل الصباحي , و استئنافه بعد العصر مثلا او ما شابه ) تلك التفصيلات متروكه لثقافة كل بلد ... 
فيمكن التأقلم علي الشمس و عدم اغفالها و في نفس الوقت استخدام الساعة ... فالساعة مهمة لانه هناك بعض البلدان خاصة في اقصي الشمال ... قد يصل اليوم فيه الي 20 ساعة و يقتصر الليل علي 4 ساعات فقط ... فلابد في تلك الدول من الاعتماد علي الساعة و ليس الشمس ... الامر متروك كما قلت لثقافة كل بلد 
...
بالنسبة لنقطة ان الصيام يتجمع فيه الناس اما الصلاة فلا ... ( لست ابرر عدم تجمعهم في الصلاة و لكن لاتساع رقعة المدينة و تعاظم وقت المواصلات اصبح ذلك من الصعوبات ان يجتمع المرء في مسجده خمس مرات يوميًا  و من رحمة الله انه مد وقت الصلاة الي ما قبل الصلاة التي تليها ) و لكني ادرك ان عظمة الاسلام تأتي من انه يستوعب الانسان بجانبية المادي و المعنوي ..  فهناك ادراك ان الجوانب المعنوية فقط قد تذوب او لا تشكل نفس الأهمية عندهم , فاراد الله استنفار الجميع و ايقاظهم بالصوم الذي هو يمنع الانسان عن الاشياء المادية الحلال في فترة زمنية معينة ... و من هنا كانت عظمته ... فهو ( الاسلام ) غير مغرق في رومانسية ان الانسان مخلوق روحاني سوف يقوم و يرتدع فقط بالمعنويات و لكنه جمع في اوامره و نواهيه الشقين المادي و المعنوي ... 

تلك الرؤية هي جزء من انعكاس لرؤية كلية معينة و هي اننا لابد ان نفهم غاية وجودنا و سماتها و منها يمكننا تطويع اي شئ يقع تحت ايدينا وفق لرؤيتنا ولا ندعه يمتلكنا ... و هناك قصور في القول ان المنظومة الحديثة ككل هي منظومة شيطانية تجبر من يكن فيها ان يكن له رؤية سيئة مسبقًا ... النسانية الانسان تتغلب في النهاية و نظهر في صور مختلفة ... لابد فقط من ادراك تطور تلك الصور . 

عن التحرش الذي للاسف اصبح من متلازمات العيد :((


البعض يتحدث عن قضية التحرش و يفترض ان الحلول الجوانية ناجعة ... انا مع الحلول دي لما يكون عندنا مجتمع اخلاقي متربي عنده بقايا قيم ممكن يجدي معه الكلام دا , مجتمعنا مجتمع علماني بإمتياز حتي و ان كرهنا الكلمة , تدين الجامع و صيام رمضان شئ منفصل تماما عن كل انشطة حياته ... الاساليب الدينية و القيمية دي تنفع فعلا بس مع ناس اسوياء , لكن احنا للأسف الشديد في شبه دولة او دولة فاشلة و منهارة بمعني الكلمة في كل المجالات ( الا ما رحم ربي ) فهل الوازع الديني ممكن يؤثر في هؤلاء ؟؟؟

هل البعض متخيل ان اللي بيتحرش يبقي لتفرشغ شهوة قلة ذات اليد في الزواج مثلا ؟؟؟ معلش هو التحرش اصلا شئ عدل اوي ؟؟ ولا بيفرغ اي طاقة ؟؟؟ و بعدين فيه متحرشين اطفال او مراهقين لم يبلغوا بعد ... دول ايه بقي ؟؟و فيه متحرشين متزوجين بالفعل ... دول ايه بقي بردو ؟؟؟اللي وصل لمرحلة التحرش اساسا دا انا بعتبره اسقط حاجات كتيرة اوي من حساباته لحد ما وصل للمرحلة دي من الاخر فقد جزء كبير من انسانيته و ربنا مش في حساباته اساسا ... الوازع الديني هيردعه اصلا ؟؟؟ إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن) أثر عن سيدنا عثمان بن عفان ، معناه يمنع بالسلطان باقتراف المحارم، أكثر ما يمنع بالقرآن؛ لأن بعض الناس ضعيف الإيمان لا تؤثر فيه زواجر القرآن، ونهي القرآن، بل يقدم على المحارم ولا يبالي، لكن متى علم أن هناك عقوبة من السلطان، ارتدع، خاف من العقوبة السلطانية، فالله يزع بالسلطان يعني عقوبات السلطان، يزع بها بعض المجرمين أكثر مما يزعهم بالقرآن لضعف إيمانهم، و اكيد اللي بيعمل الجرم دا معدوم الايمان من اساسه ....انا ضد التحرش بجميع اشكاله اللفظي و كل شئ و المسؤولية مشتركة - و علي الرجل اشد - مش هفصلها عن انه سياق ملوش اي مؤثرات لأ له و انا مش مع فكرة ان ست تلبس اللي هي عايزاه و هي عارفة اننا في مجتمع حيواني و مفيش فيه قوانين كمان ... لكن فعلا فيه حالات تحرش ضد المحجبات و اللي لابسيت حجاب كامل و صحيح فعلًا ... فمش كل التحرش ناتج عن اللبس كل واحد يعمل اللي عليه و ياخد بالاسباب .... 

فكرة عدم تطبيق قوانين رادعة ضد التحرش من ضمن عدم احترام دولتنا للإنسان المصري اساسًا , لأن شرم و الغردقة اكيد معروف الاجانب بيلبسوا فيها ايه و مع ذلك مفيش العك اللي بيحصل دا لان الشرطة شايفة شغلها كويس علشان مواطنين الدول دي لهم حقوق انسانية مش للمصريين للأسف ... 

هي منظومة مجتمعية كاملة لو اتعدلت هتتعدل فيها كل الجزئيات منظومن بتضم بهدلة الناس في اي اجراء حكومي , بهدلة الفقراء في الكشف في مستشفي حكومي لو عيي و ميعرفش هل بيتعالج صح ولا لأ و هل هيعرف يجيب الدواء ولا لأ , بهدلة الناس اللي بتسافر تشتغل برا في الخليج و استعبادهم بنظام الكفيل , بهدلة البنات هنا في التحرشات , بهدلة الشاب لما يجي يتقدم من اهل العروسة و التعامل مع علي انه زبون , بهدلة البنت لما حد يتقدم لها من اهل العريس و التعامل معها علي انها بضاعة , بهدلة اي عامل في القطاع الخاص ملوش تأمين لو مرض , بهدلة اي واحد عايز يركب مواصلات و معهوش عربية انه يوصل بآدمية , بهدلة اهالي شهداء ثورة يناير في صرف مستحاقتهم , بهدلة اي انسان ملوش اي سلطة اتظلم في ان حقة يرجعة بمنتهي الآدمية بدون ما يدفع او واسطة ... 

لما المنظومة اللي احنا عايشين فيها دي , تتعدل و نتعامل بآدمية شوية مع بعض و النظم تتصلح و يكون فيه عقوبات رادعة و تتنفذ بالعدل , ممكن اقول ان التحرش هيقف و ينتهي ...

الثلاثاء، أغسطس 14، 2012

كنافة بالموز


كنت ابحث عن طريقة الكنافة بالموز التي اكلتها عند صديقتي في الافطار الأثير الي قلبي الذي يجمعني بصديقات الكلية , عندما فتحت الرابط الذي ظهر لي كان لمنتدي ووجدت ان الطريقة معقولة , و كنت اريد الاسترسال في القراءة لعلي اجد تفصيله كنت اريد السؤال فيها , وجدت في آخر المشاركة ( لن تتمكن صاحبة المشاركة من الرد علي اي استفسار فهي في ذمة الله الأن , ادعوا لها بالرحمة و المغفرة ) اثارت هلعي و شجوني تلك الجملة ... لا ادري لماذا رغم اني لا اعرف الكاتبة و لم ادخل هذا المنتدي الا اليوم ... 

الموت يسري من حولنا دائمًا , فأخبار التليفزيون تمتلئ بالموت , صفحات النت تمتلئ بصور الموتي من كل الأشكال , حرقًا , غرقًا , تمثيلًا بالجثث... حتي الافلام .. نصور لك الموت كأنها مادة ترفيهية لا غنى عنها ... كأنك بدائي روماني تتلذذ بموت العبيد في حلبات مصارعة الاسود ... الموت ... الحقيقة الخالدة ... كل نفس لابد و انت تتذوق كأسه الرهيب حتى و لو تغافلنا عنه او تناسيناه ... 

المختلف اليوم هو شئ هام للغاية كان مقصورًا في ما مضى علي الكتاب المشهورين ( فئة قليلة من البشر زادت او قلت )  هناك من يموت الآن يترك اثرًا مكتوبًا علي النت ... صفحات التواصل الاجتماعي يمكنك تصفحها لتري كلمات من رحل , مزاجه مع اصدقائه ... تعليقه علي صور , كتابه احدهم علي حائطه ( inbox  ) أو الوارد .. و لن تتمكن ابدًا من معرفه فحوى تلك الرسالة فصديقك لم يعد موجودًا كي يخبرك ... 

كل حساباتنا علي موقع الفيس بوك و مدوناتنا علي الانتر نت ... سوف تمر بتلك المرحلة , هي مرحلة بلا شك جديدة , فمن سبقونا لم يتركوا تراثًا مكتوبًا بمثل هذه الضخامة من قبل ... 
 لا اعتقد انه يمكن ان يهتم احد لتلك الحسابات المتوفي اصحابها بعد فترة من الزمن ( طالت ام قصرت )  , فلسوف يتناقص من كانوا يعرفوننا تدريجيًا حتي تكون المقالة بالاشخاص المشار لهم فيها جميعهم في ذمة الله ...  و يكون المرء بكل الاصدقائه في ذمة الله  ... ( هذا ان افترضنا ان الحضارة ستستمر و سيستمر النت بسعته و لن يتم الغاء حسابات الافراد بعد فترة من عدم استخدامها لضيق مساحة التخزين في سيرفر العالم الرئيسي ) 
يمكن لأحدهم ان يبحث عن اسم مقالة , او ان يبحث عن اي شئ , ربما يتصادف ان ما يبحث عنه هو اسم لمقالة كتبتها انت في فترة وجودك بالحياة , تؤرخ اخبار ... او تحكي مشاعر ... تروي قصة او طرفه , ما كتبت سوف يبقي ... بقاؤه لم يكون ذا معني اذا لم يجعل الله احدهم يعثر عليه بالصدفة ... فكم من صفحات منتشرة علي النت , بعدد لا يمكن احصاؤه ... هل يمكننا احصاء تلك المشاعر و الاحباطات و دفعات الحماس الموجودة في طيات المدونات او الحابات الخاصة للفيس ؟؟ هل سيهتم من سيجئ بعدنا ان يحصي او يحاول تتبع الفترة التي نعيشها الآن من خلال معايشة حية لحوارات و كتابات افراد عاديين عاشوا تلك الفترة ؟؟؟ أم ان البشر يميلوا دائما للإختزال لانه اسهل ؟؟ اختزال تاريخ الأمم في قاداتهم السياسيين و ليس في الناس العاديين , لبنات بناء الأمم بحق ... 
ربما سنرحل بأجسادنا يومًا ما , و لكن ما نكتبه يبقي ... الكتابات الذاتية قد تكون جيدة , فعندما امل اتصفح الصفحة الشخصية لبعض الاشخاص المعينين الغير صاخبين , اجد الهدوء النفسي فعلا و اشعر بروح صاحب الحساب حتي و ان كنت اقرأ كلماته فقط ... فتلك الكلمات تعكس ارواحنا بشكل او بآخر ... و لكن من يوسع دائرة اهتمامه لهدف اكبر , سيبقي وجوده ببقاء هذا الهدف الذي كان يسعى له ... 
اتخيل ان اكون في قبري و فجأة اجد ان ميزان عملي الدنيوي يزيد , كيف هذا ؟؟ ربما يكون احدهم قد قرأ لي شئ , او استفاد من صدقة جارية , او تذكرني احدهم و دعى لي بالمغفرة و الرحمة ... استمع الآن لقرأن كريم قراءة محمد صديق المنشاوي ... اتوقع ان هؤلاء المقرؤون لا يتوقف عداد حسناتهم قط عد الدوران ... اتوقع ان لا يتوقف ميزان حسنات د. مثل عبد الوهاب المسيري يؤثر بفكره في جيل كامل ارى تشكيله الأن ... و ربما هناك حسنات آخري توهب لمن لا نعرف ممن ساعدوه في مسيره حياته , و لربما كانت حسناتهم اكبر منه ... اتوقع دائما ان الجنود الأخفياء لهم اجر أعظم ممن نعرفهم ... 
ربما لم افعل شئ في تلك الحياة بعد , ربما لم ابدأ الطريق بعد و ربما اكون بدأت دون تخطيط مني , ادعوا الله ان يكون اثري و كتابتي لي و ليست علي و ان يكون وجودي مؤثرًا عميقًا حتي و ان كان علي نفر بسيط من الناس ... , و ان لا ينقطع عملي من الثلاث موارد التي ذكرها رسوله الكريم في حديثه الشريف ... 

الخميس، أبريل 12، 2012

أزمة الإخوان الأساسية

أزمة الإخوان الأساسية التي ألاحظاها في الفترة الماضية هي نفس المشكلة و تتكرر بصور مختلفة , و هي انهم يديروا الدولة و الملفات السياسية العامة مثلما كانوا بيديروها في تنظيمهم المغلق , و شتان ما بين هذا و ذاك ...
التنظيم المغلق يثق جميع الاتباع فيه في القيادات و مكتب الإرشاد بشكل طوعي و يعطونهم ثقتهم بشكل كلي , لإعتبارات احترمها جميعًا حتي و إن إختل
فت مع الأساس الذي يختارون على أساسه قياداتهم , إن كانت هناك مسابقة ما أو تقديم لشئ معين فالأمر يخضع للمعارف العلاقات و ما شابه ( وهذا ليس سيئ بالمناسبة لان آليات الجماعة تجعل الجميع يعرف بعضه البعض و تجعل الكفئ يظهر ) هم معتادون علي أن يكون هناك تيار رئيسي معين في الجماعة و من يختلف معه لا يدخلها من الأساس و إن دخلها فقد يفصل او ما شابه و المبررات التي تقال عند انشقاق او فصل او ترك طواعية بعض الافراد للجماعة ( أن الجماعة تلفظ خبثها و انه طبيعي أن يكون لأي فكرة في الدنيا معارضين ) فآليه تطوير الأفكار تكاد تكون بطيئة للغاية ... إدارة إخوان أون لاين و جريدة الحرية و العدالة تثبت أن الثقة تأتي قبل الخبرة ( يقال إن هذا سيتغير و لكن الي ان يتغير فهذا امر واقع ) كل هذا يعد شأنًا داخليًا لهم إن كانت الجماعة تديرنفسها فقط .
المشكلة الحقيقية ظهرت عندما واجهوا مجتمع عام مثل مصر , بطوائفه المتعدده و ثقافاته المتباينه , و أصبحوا هم على رأسه ... ظنوا أن إختيار الشعب لهم هو هو مثلما يختارهم )شعب الإخوان ) و ان اسلوب التصرف المتبع داخل الجماعة بكل تراحميتها يمكن ان يصلح مع شعب ( لا يعرفهم من الداخل و هم لا يعرفون رموزه ايضًا من الداخل ) هنا حدثت الصدمة الحقيقية ... لقد ظنت قيادات الإخوان ان إختيار الشعب لهم كنواب للبرلمان يعطي لهم الحق و التصرف بدون اي اجرائات تعاقدية تظهر للجميع بشكل مطلق , العلاقات التراحمية التي كانت في الإخوان بينهم و بين بعضهم لا تكفي ابدًا في السياسة المصرية ...
عانى اللإخوان كثيرًا من الاضطهاد و الاعتقالات , جعلهم هذا يحاولون مهادنة الواقع قدر الإمكان خشية ان يفقدوا طاقات بشرية مميزة مثلما فقدوها سابقًا ... هذا الأمر كان قد يكون مقبولًا قبل الثورة , أما بعد الثورة فهم لم يستوعبوا بعد أنهم أصبحوا علي راس القوى الثورية التي أصبحت تنتزع ما تريد ولا تطلب مثلما مضى ... إدارة البلد بها ثورة مثل مصر لا يجوز معها ان نهادن كي نحقق أفضل المتاح , فاللحظة الحالية هي لحظة تشكل ملامح للثورة التي قامت و لابد أن تسير على نفس النهج الثوري , و إن لم نغتنمها ضاعت للأبد لأن التاريخ يصنع الآن ...



ظهرت سمات ادارة البلد بطريقة التنظيم جليًا في :-
1- إختيار رئيس مجلس الشعب , كان المستشار الخضيري ثم لا ندري ماذا حدث و إتفقوا علي الاستاذ سعد الكتاتني , حتي و ان كانت هناك دواعي لذلك , في العلاقات الاخوانية يقال لشعب الاخوان هذا ما اتفقت عليه الشوري و يصدقونهم , لكن نحن لا نعرف ماذا يحدث و من حقنا ان توجد شفافية كاملة في التعامل ( حتي يمكننا ان نثق بهم و لا نصدق اي شئ يقال عليهم من الكواليس ان كانوا يريدون كسب ثقة الشعب فعلًا , تجاهل المجلس العسكري عن عمد ان يطلعنا علي تطورات العمل و القرارات لانهم كانوا يعدون الثورة المضادة من خلفنا ... ان صارحت الجميع بما يحدث فلن يتمكن أحد ان يمسك عليك غلطة ناهيك عن التشكيك فيك ) لا اعتقد انهم إستشاروا بقية القوى الوطنية في اختيار رئيس المجلس أو اخذوا بمتوسط رغبات الآخرين , و كنت أري أن الاستاذ عصام سلطان الذي تقدم بقانون العزل السياسي للفلول كان أجدر ( و لكنه ليس علي هوى الأغلبية بالطبع لحساسيات حزب الوسط مع الإخوان ) فتم اختيار الثقة و ليس الخبرة .

2- و ظهر مرة أخري بشكل اكثر وضوح و صراحة في الهيئة التأسيسية للتعديلات الدستورية , اي نعم فوضهم الشعب لإختيار النواب و لكن لابد للشعب من معرفة كل خطوة يخطوها الإخوان و نوابهم في تأسيس تلك اللجنة , بدل من ان يخرج علينا من يتعامل بغرور الكثرة و يقول لنا ( لقد فوضنا الشعب لاختيار اللجنة و لنا مطلق الحرية فيما نفعل لاننا منتخبون !!!!) لأ يا استاذي الفاضل , ليس لكم مطلق الحرية ان تتصرفوا كما يحلوا لكم , لاتزال للأسف الولاية او المنصب العام غير مفهوم و غير واضح لدينا , لقد فوضكم الشعب ( لانه من غير المعقول ان يؤسس للجنة التأسيسية 85 مليون مواطن , كل واحد هيبقي عايز هو اللي يمسك و خلاص ) لتضعوا اسس تعرض علي الشعب و يقرها و يوافق عليها و تتراضي بها جميع القوى الوطنية , و ليس إعتمادًا علي أن الأغلبية من الإخوان فطبيعي أن ما يتفقوا عليه هو ما سيقر , لم توجد اسس و معايير واضحة يتم اختيار الهيئة عليها ... .بل كانت الثقة و العلاقات التراحمية لأن الإخوان يعرفون بعضهم البعض , و ولكنهم - و ياللأسف - لا يعرفون بقية الشعب !!!

3- ظهرت ثالثًا عندما بدأت الإنسحابات تتوالي من اللجنة التأسيسية لأسباب مختلفة ( إن كان الفصيل العلماني فقط قد إنسحب فهذا قد يجعلني أقول إن النخب العلمانية تريد أن تمارس ديكتاتورية الأقلية و لكن هذا لم يحدث ) و بدل من أن يسترضي الإخوان الجميع وجدنا أن اللجنة التأسيسية تستكمل عملها ( بما معناه إخبطوا راسكم في اجدع حائط سنستكمل بدون من انسحب و أنتم الخاسرون ) تعامل الإخوان مع من لم يعجبه ما إتفق عليه مكتب الإرشاد مسبقًا بمنطق أن الجماعة تلفظ خبثها ( مكتب الإرشاد هو من حدد رئيس اللجنة التأسيسية و رئيس مجلس الشعب و ياللمصادفة , كانا نفس الشخص رغم ان كل منصب له شغله الأكثر من شاق !!! )
إن كان الإخوان قد حاولوا استرضاء الفصائل المنسحبة فمرة اخري أين المكاشفة و المصارحة , حتي تكون الحقيقة أمام الجميع ؟؟؟
لا تقولوا لي إن العلمانيين و اللبراليين صوتهم أعلي , الإخوان لديها موقع و لديها جريدة يمكن ان تكتب فيها كل ما تريد الجماعة , مؤيدي الاخوان كثر بدليل ان الشارع اختارهم , مؤيدي الإخوان يريدون فقط أن يُطلعوهم علي ما تفعلونه بصراحة حقيقية و الحقيقة ستظهر رغم انف الكائدين ( لأن ما يحدث من تخبط في الآراء لا يخفي علي عقل طفل , إستغفال الناس فعلًا لم يعد يجدي و يزعزع الثقة بدلًا من تقويتها ) و لكنهم بتجاهلهم تلك الكثرة التي تؤيدهم من خارج الجماعة و مبدأ السمع و الطاعة غير موجود عندهم و لكن عندهم عقل نقدي يريد حقائق يتعامل معها ... يخسرونهم حقًا كل يوم , مؤيدي الإخوان يريدون من الإخوان أن يتعاملوا معهم بإحترام لعقولهم لأن زمن التصريحات المفتعله لتلائم الواقع و تمرير ما يراد قد ولى , و من يسلك هذا السلوك ففعلًا يفقد إحترام الجميع ... إن لم ينتبه الإخوان لتلك الأخطاء و تحدث مراجعات فورية بعض النظر عن مراكز القوي أو إعتبارات السن أو سنوات الإعتقال ففعلًا قد يعيد انتاج النظام نفسه , فسيختاره الناس هربًا مما يفعله الإسلاميين ) ضعف الإقبال على إنتخابات الشوري و سقوط الرموز الإخوانية في إنتخابات النقابات بعد الانتخابات البرلمانية مؤشر لابد أن يؤخذ في الحسبان )

4- و ظهر هذا الأمر أيضًا في المهادنات التي أدت لتفريغ الشارع الثوري ( ظنًا منهم أن هذا يجعل العسكر مأمون الجانب و يمكنهم أن يحرزوا معه بعض النقاط و يمرر لهم أشياء لرضاه عنهم و هذا لن يحدث ) من التنازلات التي قدمت مشروع قانون ضد التظاهر , إتهام الثوار في أحداث مجلس الوزراء أنهم مخربون و إتهام شباب ستة ابريل بما ليس فيهم و التخلي عن المنظمات الحقوقية التي ساندتهم أيام المحاكمات العسكرية ( أدي ذلك للأسف إلي تفتيت الزخم الثوري تمامًا و فقد الشارع ثورته إلا من شباب الالتراس الذي لم ينسَ ابناؤه , و هذا التشتت أصبحنا ندفع ثمنه غاليًا بالفعل , يكفي الثورة اهانة أن يتصل أحد من المجلس العسكري بالمسمي بتوفيق عكاشة يسترضيه ) سلوك نفس المسالك القديمة المسدودة في تحقيقات مذبحة الالتراس في بورسعيد و لم يحدث اي شئ حقيقي المسالك مسدودة فلن تؤدي إلي سئ و لازالوا يصرون عليها , كل هذا الوقت الذي يُستهلك ليس في مصلحة الثورة ولا الثوار أبدًا , ثم دخلنا في حروب التصريحات الواهية عندما لم يعجب العسكر موقف من الاخوان فلوحوا لهم بحل المجلس لوجود بعض المخالفات .. لا أدري لماذا دائما يخشى الاخوان الحل الثوري دائمًا ,,, الحق أحق أن يتبع و التصعيد الدائم هو ما يبقي الأمور متوهجة , برلمان ما بعد الثورة يستمد قوته من الشارع الذي إختاره و ليس من رضا المجلس العسكري عليه , سلوك الحلين الديبلوماسي و الثوري معًا يحرج المجلس العسكري أكثر فأكثر و يضيق عليه , التاريخ يصنع الآن , فنحن لا يجب ان نطلب , بل ننتزع و نأخذ بقوة ما تطاله ايدينا ولا نخشى احد .... مصر ليست الكيان الاخواني الذي لابد ان نتنازل كي نحافظ عليه , مصر باقية بحماية و حفظ الله , انهيارها الحقيقي يكون علي يد الفلول الباقية في سدة الحكم تخرب قدر ما تستطيع حتي تكون مهمة الرئيس القادم غاية في الارهاق ( عليا و علي اعدائي )

لماذا أكتب كل هذا ؟؟؟ لست من نوعية من يتصيد الأخطاء للآخرين , و لمن لا يعرفني فأنا مرجعيتي إسلامية و لكني لست متحزبه لفئة أو لحزب معين , و لا أنكر أيضًا حنقي الشديد للغاية علي الإخوان من سلسلة التصرفات السابقة ( و غيرها ) و لكن نحن لا نزال في مركب واحد , مصلحة الوطن هي ما تجمعنا , الناضجين هم من يعترفوا بأخطائهم و يحاولوا إصلاحها بدل من تصور الجميع ضدهم عمال علي بطال و العيش في دور الشهيد المكروه خاصة إن كان النقد موضوعي , و أحب أن أذّكر الإخوان أن الثورة هي من اخرجت مرشحهم للرئاسة من سجنه , ليست مظاهراتكم منفردين , و أيضًا لابد من الإقرار أن شباب الإخوان بذلوا دورًا رائعًا في الثورة و إنجاحها ... خلاصة القول أن الاخوان لا يمكنها ان تستغني عن الشارع و لو أعجبتهم كثرتهم , و الشارع بالتبعية لا يمكنه أن يحرز أي تقدم حقيقي إن تخلي عنه شباب الاخوان ... الإخوان قد يكون لهم حسابات معينه في مكتب الإرشاد , لكن إخرجوا للشارع و اقرؤه كما هو و ليس كما تريدون تواصلوا معه لان حسه صادق دائمًا ... لان الخاسر سيكون نحن جميعًا و المكسب يكون لنا و لمصر اولًا و اخيرًا .

الاثنين، فبراير 27، 2012

خواطر فكرية من وحي استعراض كتاب








تأملاتي اعمق من ان اناقش اشخاص فأحاول الانتقال من الاشخاص للافكار التي يتحرك الاشخاص في فضائها و كيف انتقد تلك الافكار و كيف تتولد ... فأرجو الامعان في الكلام و عدم الانجرار الي خاصية الدفاع الالي و التبرير التي تناب البعض عندما نذكر كلمة معينة او صيغة او فصيل معين ..... هذه ملحوظة في البداية



لي زمن لم احضر جلسة ثقافية من النوع المركز ( فالمحاضرات التليفزيونية و الندوات العادية الجماهيرية لم اعد اشعر انها تشبعني معرفيًا ) و حضرت اليوم نقاش حول كتاب الاستاذ عبد المنعم ابو الفتوح الأخير ( شاهد علي تاريخ الحركة الاسلامية في مصر 1970-1984)


للأمانة , قليلًا ما اجد عرضًا موضوعيًا ( اي لا يسقط تحيزات المحاضر الشخصية في عرض الكتاب ) كما ان الاستعراض جاء بشكل سلس اتاح لي القاء الضوء علي نقطة مظلمة لكنها هامة جدًا في تاريخ الحركة الاسلامية و ما يسمى بالجماعة الاسلامية علي وجه الخصوص و شكل مصر في تلك الحقبة ( التي يتصدر شبابها المشهد السياسي الآن ) بشكل أعم .
لن اخوض في تفاصيل الكتاب لاني لم اقرأه رغم اننا جميعًا استشعرنا نقص في تتابع و سيرالاحداث بشكل كلي و عدم التطرق لكل الموضوعات التي كانت في تلك الحقبة ( حتي و ان كانت شهادة شخصية ذاتية و موضوعية ) و عدم ابراء ذمة الكاتب في الشهادة التي كتبها ...

و لكني احب ان القى الضوء علي بعض النقاط التي لفتت نظري من الناحية المعرفية و التي تعبر بوضوح عن ازمة الافكار التي نعيشها و لازلنا فيها ... و لنحاول ان نعقد بعض المقارنات حتي نصل الي نتائج كما كانت تقول د. نادية مصطفي

في بدء السبعينات بدأت تحولات بتولي انور السادات الحكم , و تغيرت معه السياسة العامة للدولة خاصة تزامن مع ذلك وجود طلبة لا يعجبهم الهيمنة اليسارية و الاشتراكية التي كانت موجودة في الكليات ( لابد ان نلاحظ ان الهيمة مقصود بها العناصر النشيطة فقط في الكلية فدائما هناك الطلبة الساكنين المتفرجين - و هم الاغلب - و الذي لم يكن لهم دور و كانوا ينتظرون الخدمات التي تقدم لهم من اي من الفرق التي تسيطر علي الكلية ) و بدأ تيار من نوع آخرفي التكون ( نلاحظ وجود الزعامات التاريخية للاخوان في السجون في تلك الفترة ) و بعد ان اثبت هذا التيار الجديد ذي النزعة الاسلامية نفسه في مختلف الكليات , اطلقوا علي انفسهم اسم الجماعة الاسلامية ... كانت تضم الجماعة الاسلامية كل رموز التيارات الموجودة الان بمختلف تنوعاتها , بدء من قيادات الاخوان الحالية و ايضًا القيادات السلفية حتي التيار الجهادي بل و حزب الوسط الذي انضف لفترة للاخوان و عندما لم تتفق الرؤى انشقت تلك المجموعة عنهم ... كل هؤلاء كانوا تحت ما يسمى بالجماعة الاسلامية آن ذاك ...
عندما خرجت تلك القيادات التاريخية من السجون ... وافق البعض ان يعمل تحت لوائها و ان يكونوا كصف ثانٍ للإخوان ... و لم يرضَ آخرون بذلك ...

و هنا يأتي السؤال المفصلي المحوري جدًا

هل كان هناك مبادئ حقيقية يعمل تحت لوائها الحرس القديم من الاخوان الخارج من السجون او من انشقوا و رفضوا الانضمام و العمل تحت لوائهم ؟؟؟ ام ان الامر كان مجرد اتفاق علي الاجرائات و لم يكن هناك اتفاقات فكرية ابعد من ذلك ( نتج عنها انفصال كتلة الوسط عن الاخوان فيما بعد و استبعاد عبد المنعم ابو الفتوح من هيكل الجماعة الاساسي و انتهي الامر بفصله قريبًا ؟؟؟)
كانت هناك حاجة طبيعية من الكبار ان يجددوا دمائهم و شبابهم في شباب الجماعة الاسلامية لما لهم من حيوية و انتشار و اخلاص ... و كان هؤلاء الشباب بحاجة الي ركن شديد له خبرة تنظيمية معينة عثر كل منهم علي ضالته في الآخر ... و لكن ... هل كان هذا - فقط - يكفي ؟؟؟

اعتقد ان مشكلتنا الاساسية هي الانفصال دائمًا ... انفصال الاكاديمي عن العملي , هناك منظرين كثر و من كثرة تنظيرهم ينفصلون عن الواقع و نصبح نظرياتهم تعمل في الظروف المثالية التي لا توجد في الحياة الحقيقية او لتصبح النظريات عبارة عن مجرد رد فعل لما يتخذه الاخرين ( الغرب مثلًا البارعين في الدراسة و العمل جنبًا علي جنب ) فلا يكون التنظير خادمًا او دافعًا للحركة و لكنه ( و هو فعلا قيم ) الا انه يظل منفصل عن الواقع و لا يمتلك القدرة علي تحريكه ... و تظل نظرياتهم حبيسة الصفحات و الاوراق ولا تجد طريقها للنور او للتطبيق عمليًا ... و هناك علي الجانب الآخر , من لديه الجانب الحركي قوي جدًا و لكنه يفتقر الي ارضية فكرية و اساسيات يعمل عليها و يرد كل شئ اليها حتي لا يضل ... يكتفي بالنذر اليسير البديهي القادم من التنظير المنفصل عن الواقع ... و الذي لا يمكنه مواجهة اي مستجدات حقيقية , فيحدث تحبط في القرارات او عدم وضوح الاتجاه و عدم وجود رؤية كليه نهائية .

الحل في رايي هو التأرجح ما بين التنظير تارة و الفعل تارة , ثم مراجعة ما حدث في الفعل و تقييم ما حديث و محاولة التعامل مع المستجدات بشكل تنظيري ثم تطبيق الحلول بشكل عملي , تنظير ثم فعل ثم تقييم ثم تصويب اخطاء بشكل عملي و مراجعة ما يجد من مستجدات عملية ....

لم نجد من يتحرك و لديه فكر واعي و ارضية صلبة الا ندرة و لكنهم هم من احدثوا تغييرات جذرية حقيقية فنجد ان هيرتزل ( مؤلف كتاب :دولة اليهود ) عمل بما اتي له من قوي ان يجعل نظريته التي وضعها في الكتاب تري النور , و حينما وافته المنية اكمل اتباعه من بعده رسالته حتي قام الكيان المغتصب و ظهرت اسرائيل الي النور , ايضًا نجد ان هتلر كان يعمل وفق نظرية معينة صاغها في كتابه :كفاحي , و استطاع ان يغير وجه اوروبا (اتفقنا ام لم نتفق معه و فكره ) و ان ينموا بالمانيا يجعلها قوة جبارة في وقت قياسي ( انتكس و قاد بلده للهزيمة لانه وقع في الخطأ القاتل و هو غرور القوة ) و من عندنا من استطاع الموازنة بين النظرية التطبيق ... الامام الشهيدحسن البنا و الزعيم الراحل علي عزت بيجوفيتش , فكان الاول يتحرك و لديه رؤية معينة في خاطره ... ترجمها في كتاب الرسائل ... و نجد هذا ايضًا موجود عند المفكر و الفيلسوف و القائد علي عزت بيجوفيتش الذي كا يعمل وفق رؤية معينه في خاطره و ترجم تلك الرؤية او المرجعية التي تحكمه في رائعته كتاب الاسلام بين الشرق و الغرب ...


نعود الي ما بدأنا به المقال ...
لم يظهر من هذا الجيل - جيل الصحوة الاسلامية او الجماعة الاسلامية - اي منظرين علي الاطلاق ... او ربما كانت لديهم نظرية و لكنهم لم يصيغوها بشكل محدد ... هذا جعل هناك مشكلة دائما من عدم رضا الجيل الجديد بما يفعله الاقدمون , فنجد انشقاقات تارة مثلما حدث في جيل الوسط عام 1996 , ثم توالي الانشقاق عن الجماعة بشكل كبير جدًا مؤخرًا بين جيل الشباب الحالي خاصة منذ عام 2007 ممن يضيقون بعبائة التنظيم .... اليس كل هذا ناتج عن عدم وجود ارضية تنظيرية صلبة لتكون مرجع و بوصلة و تتم مراجعتها وفقا لما يستجد من امور كل فترة ؟؟؟ لا اظن ان جيل الوسط قد قام بتلك المراجعة او تقييم ليمزج بين الاسلوب الجديث المواكب للعصر و بين الاساسيات التي لا يجب ان يحيد عنها او حتي طور من اسلوب تربية النشئ ( و الذي كان يميز الاخوان بشكل مطلق عن بقيه التنظيمات و التكوينات الاجتماعية ان لديه نظريه معينه في التربية يفعلها لتؤتي ثمرها كشباب صالح ) و معني التطوير الذي اقوله هو الاطلاع علي كلالتغيرات و لكن التمسك في نفس الوقت بثوابت محدده معينه ... و التربية كانت مهمة للغاية , فالشباب في اي تيار هو الضمان الوحيد لاستمراره ... و هذا ما اعطاه جيل السبعينات للاخوان انه امدهم بشباب جعل دعوة الاخوان تبقي عقود بعد ان تجففت منابعهم في الستينات ...

ما يحدث اليوم هو نتيجة لعدم وجود اي رؤية استراتيجية و نقدية تتطور عبر الزمن و تحتفظ بثوابتها وتقف مع نفسها كل فترة لتفند المرحلة الماضية ... ما يحدث هو عدم تطوير في مناهج التربية ادي الي تراجع النوعية البشرية داخل الاخوان بالاضافة الي لفظ كل من يأتي بفكر مختلف ( لانه لا يوجد تطوير للاداء بشكل نظري صلب ) فلا يوجد الشباب المميز السبعيناتي الذي امد في عمر التنظيم ولا يوجد كفائات ذاتية ...
هل هذا معناه ان النهاية قد جائت ؟؟؟

بالطبع لا ... فالشباب لن يعيى في ايجاد متنفس لطاقته ... هذا يبدوا في الاهتمام بتوافه الامور لدي المعظم , و محاولة البعض الاخر في ايجاد اي متنفس يستوعب طاقته ... ولا ادل علي ذلك المبادرات الشبابية التي اصبحت موجودة في مختلف المجالات ( الثقافية و الادبية و حتي التأريخ العسكري ) و نموذج شباب الاولتراس المنظم جدًا دليل علي ذلك ... و حتمًا هم من سيشكلون المستقبل في العقود القليلة القادمة فمن لا يستوعبهم هو الخاسر و ليسوا هم ... قد تطول بهم المسافة الاصلاحية و لكن فليكن , هذا قدرهم ...
و لكني اعتقد ان شباب هذا الجيل و الاجيال التالية له لديهم فرصة جيدة للغاية - فهم شهود علي تحول ما بين عقدين ... كما ان لديهم نظرية صالحة لعصرهم وضعها فيلسوف من طراز نادر و هو الدكتور عبد الوهاب المسيري رحمه الله ... فليقوموا به ...كما قام تلامذة واتباع هيرتزيل باقامة نظريته ... ليستوعبوا منهجه في قياس الامور , فهو يؤسس للمرجعية المتجاوزة التي هي لب ثقافتنا , و يؤصل للهوية و الاعتزاز باللغة و مواجهة الاستهلاك فان استطعنا ان نتشرب تلك الفكرة و ان نبسطها لنا و لمن هم بعدنا و نؤصل لها في مناهج تربوية ... فإن شاء الله يمكن ان تكون لنا قائمة ان اخذنا بالاسباب دائما و استمررنا و لم نحبط و ربطنا التنظير بالعمل و بعد العمل نقد تقييم و هاكذا ...

ليكن عندنا بارقة امل ان يتصدى طليعة جيلنا المشهد السياسي بعد 20- 30 عام من الآن و لنحاول ان نستقرئ الاخطاء خاصة اني اجد ان التاريخ يكرر نفسه و لكن بشكل غير مكتمل .- ففي كل دورة تاريخية يضاف جزء لم يتكرر فيما قبل و يبني عليه ما بعده - لذلك لابد ان ننفذ من تلك المساحة التي تضاف عبر العصور لنحقق مرادنا :)


--------------------------------------
هناك خواطر فكرية اخري التمعت في ذهني من هذا النقاش و لكني سوف اكتبهم لاحقًا لان الموضوعات منفصلة تمامًا عن بعضها البعض

الأحد، يناير 01، 2012

الطريق الزراعي

اصبحت اطرق الطريق الزراعي كثيراً الأن ...

عندما نبتعد عن البشر بمسافة معينه , نسقط عنهم بشريتهم و يصبحون مجرد اشياء تتحرك امامنا , كالدمى او ابطال الكارتون بلا حياه ... اراقب الفلاحين من القطار ... كأنها لقطات لفيلم امر فيه بدلا من ان اشاهده علي الشاشة امامي ... فيلم اعايشه واعيش فيه ... لم اكن اكترث للشخصيات الذين امر عليها كلمح بالبصر ( مشهد عابر لحقل به فلاحين , اناس يقفون عبر الاشارة بانتظار مرور القطار حتي يعبروا للناحية الاخري من الشارع , اطفال يلهون في الترعه بمنتهي البراءة و المرح ولا يدرون مدي الفقر و الفاقة و البؤس الذي يعيشو فيه ... ) كل تلك الشخصيات ربما لن اراهم في حياتي مرة آخري فوجودهم في حياتي لا يستغرق ثوان معدوده ...و لكن لكل منهم حياة كاملة بمشاعرها و مساوئها و افراحها و احزانها و اسرارها ... هؤلاء حتي و ان بدو لي مجرد شخصيات كارتونية هامشية في فيلم حياتي انا الا انهم اناس حقيقيون لهم حياه كاملة مثلي ... (ماهذا الغرور ... ربما كان مروري العابر في حياتهم للمح بالبصر ايضا هو الآخر جزء من ديكورحياتهم ... فكلنا ابطال و كلنا كومبارس كارتوني في نفس اللحظة ) لم اشعر بمعاناه هؤلاء الا عندما كنت اسافر صباحا صيفاً فقد اتيحت لي آنذاك ان اقترب اكثر فسقط القناع الكارتوني و تمثلوا بشرا ً حقيقيين ... فالفجر صيفا يكون مبكرا و في السادسة تكون الشمس في كبد السماء متألقة منذ ساعة كاملة ... و هذا كان يجعل طبقة من الفلاحات يأتين من القري المجاورة بحملهن الثقيل جدا ( ولا ابالغ في ذلك ) من حمام حي و بيض و جبن قريش و بعض من الخضر لبيعها في المدينة ... تصل رحلة المعاناه للذروة عندما تفرغ الفلاحة حملها الثقيل من القطار القشاش علي ارضية المحطة - و ليس الرصيف - و لمن لا يعرف فهناك ارتفاع لا يقل عن متر و ربع بين بدء العربة و العجلات ... ثم تنقله للرصيف المقابل ... و لابد لها ان تفعل ذلك عدة مرات حتي تنتهي من افراغ حمولتها كاملة و نقلها للجهة المقابله ( كل هذا المفروض يحدث في دقائق معدودة قبل تحرك القطار للمحطة التالية ) تضطر الفلاحة الي الفقز عدة مرات ( بأجسادهن الضعيفة الغير رياضية ) لإفراغ هذا الحمل من القطار للرصيف المقابل ... لا احد يساعدها بالطبع لأنها تأتي وحدها ( تسائلت مرة و اين و اللرجال اسزواجهن ... ثم تذكرت ا ن 30% من اسر مصر العائل الاساسي لها نساء لظروف مختلفة ) ولا احد يساعدها بالطبع .... الا عندما يهم القطار بالرحيل و يبدأ بالتحرك ببطئ فعلا ً و لازالت بضاعتها فيه و هي علي الرصيف المقابل مع جزء من البضاعة الاخري ... مشهد درامي للغاية و مليئ بالشجون ... الا توجد وسيلة نقل ادمية لهؤلاء النسوة ؟؟؟ هل جربتم النظر لهؤلاء عن قرب ؟؟؟ اوقعني القدر ان اسمع حديث لواحدة منهن و سئلت عن عمرها ... للوهلة الاولي توقعت انها تكبرني بما لا يقل عن 15 عاما و لكن بعد سؤالها صعقت انها ردت بعمر اكبر مني ب 5 سنوات فقط !!! الهم يضيف عمرا و بؤسا علي ملامح اللانسان لا يمكن محوه او طمس معالمه ... تلك الملامح البائسة المنهكة اصبح السمت العام لمصرنا عموما ... بيوتها و معمارها اصبح يثير الرثاء و الشفقة - و لن اقول القبح - لان البائس يكفيه بؤسه ولا يجوز ان نصفه بالقبيح ... القبح ضد الجمال و الجمال ترف للبؤساء لا يملكون حتي ان يكونوا ضده


لا احد يختار مصيره و لكن ألا يوجد شئ يمكن فعله قد يجعل حياه هؤلاء افضل و اسهل ؟؟؟ لم اشعر بهن ( اقصد الفلاحات ) الا عندما اقتربت بمسافة معينه منهن و شعرت بأنسانيتهن و ادميتهن المنتهكة و التي لم تعد تحرك احد او تثير شفقته منذ زمن ....ماذا حدث للناس ... لماذا اصبح الاعتياد هو سيد الموقف ؟؟؟ اعتدنا امتهان الكرامة فأصبح من يتحدث هو مثير المشاكل ... اعتدنا مناظر الدم ... اعتدنا ان يكون الحق مع القوي و اعتدنا احتقار الضعيف ... ثم اصبح لا يأتي علي بالنا اصلا لانه تقزم ي وعينا و اصبحنا لا نراه حتي !!!!!
المشكلة المضحكة المثيرة للبكاء ان الفقر لا يجلب معه الا الرثاء و الاحتقار !!! كأن احدنا اختار ابويه او البيئة التي تربي فيها ... هي من الامور القدرية التي لا يملك احد اختيارها مثل نوعة و بلده و اهله ... و من لطف الله ان الله لن يحاسبنا عن الامور التي لم نختارها و لم يكن لدينا يد فيها و انما نحاسب فقط علي ما نختاره بإرادتنا الواعية ... لكن من قسوة البشر انهم يحاسبون بعضهم البعض علي اشياء نسوا انهم لم يختاروها اصلا بل - و لجهلنا - اعتبرناها حق و ميزة تبيح لنا التطاول علي الاخرين و النظر اليهم بفوقيه ...
ما يجعلني سقيمة دائما ان نفسي تأبي ان تعتاد القبح ... لا ادري ... اتمني ان يكون هناك امل في حياة افضل لهؤلاء ... اتمني ان اتمكن من فعل شئ لهؤلاء ( رغم قلة حيلتي و عجزي عن مساعدة نفسي ) التركيز علي العقل و الافكار هام جدا و لكنه يكون درب من السخف ان لك تتوافر الحاجات الاساسية البديهية للناس ... و اعلم اني ان اقتربت اكثر سأجد من يفكر دون ان تتوافر حاجاته الاساسيه !!! لكن , ما باليد حيله

عندما تصل في تلك الافكار لسد السواد اتذكر ان امريكا منذ اقل من 250 عام كان غير ذلك ... و اوروبا في عصورها المظلمة كانت علي النقيض تماما ً مما هي عليه الان ... و نحن الان لسنا مثل عصور انحطاطهم ... اتمني ان يكون مستقبلنا اكثر اشراقاً من واقعهم المبهر J