شاهدت فيلم "اجورا " اليوم ... و ربما لانه انتاج اسباني , لم تتح له الشهرة المناسبة لفيلم يعالج قضية مثل التي يتعرض إليها ... و ضاعف من عدم المعرفه به منع الكنيسة عرضة في مصر لانه يدين بدايات وجودها في مصر بتاريخ دموي ... و الفيلم لمن قرأ رواية عزازيل , يتعرض لسيرة عالمة رياضيات عاشت في الاسكندرية في عهد الرومان الفترة 391 ق.م. تدعي " هيباتيا او هيباشيا " عاشت في الفترة التي سيطرت الديانة المسيحية علي الامبراطورية الرومانية ... شهدت تحول المدينة من عبدة الاوثان و الالهة الرومانية الي الديانة المسيحية ... و لكن لم يكن التحول هادئاً و لكنه كان دمويا ً لاقصى درجة ... تدور القصة بأختصار مخل حول هيباتيا الفيلسوفة و العالمة بالفلك و الرياضيات و الفلسفة و هي تلقي درس علم علي بعض الطلبة من مختلف الملل ثم تجد هناك من يعرض عليها حب من طلبتها و لكنها لا تبادله نفس المشاعر ثم يتحرش المسيحيون الجدد و اتباعهم الذين اصبحوا يشكلون أكثرية عددية باهل المدينة من الوثنيين الاقل عدداً ... و تثور حمية الوثنيين للرد علي الاهانات و تبدأ معركة غير متكافئة ( قادها والد هيباتيا لانه كان صاحب رأي و هيبة وسط قومه وسط معارضتها و مناداتها بالاخوة ) و تكون تلك المعركة هي بداية النهاية للديانة الوثنية ... حيث يعتنق اغلب طلبتها المسيحية كي يفروا من بطش المسيحيين الجدد ...ثم تمر سنوات كثيرة و يتبوأ طلبتها المناصب و تكون في حاشيه الوالي ( من طلب حبها منذ زمن و رفضته ) و تحدث بعض المناوشات بين اليهود في المدينة و المسيحيين حيث يتحرش بهم المسيحيين في البداية و تغض الحكومة المسيحية الطرف عن ما يفعله الرهبان فيثور اليهود و ينتقم الرهبان مما فعله اليهود و هاكذا تتوالي الاحداث الدموية و تظهر حكومة الوالي الروماني بمظهر غير القادر علي صد الشعبية الدينية الجارفة لرهبان ... و في تلك الاثناء تبحث هيباتيا عن معني دورات الاجرام السماوية حول الارض ثم تستدل الي ان الارض هي التي تدور حول الشمس و بدأت تفكر في المسار المنبعج البيضاوي و ليس الدائري كما كان منتشر فيما مضي ... و لكن تراثها لم يصلنا منه شئ و في النهاية يتأمر الرهبان بهيباتيا و يصفونها بالساحرة و المشعوذة و تتقتل و يتم التمثيل بجثتها و حرقها .
القصة ذات نفسها في رأيي صعيفة ,لكن معالجتها و استخدام عناصر فنية اخري جعل الفيلم يفوز بالسعفة الذهبية في كان .... و ربما جائت براعة الفيلم في نسج احداث و سيرة من معلومات ضئيلة للغاية وصلتنا عنها .... يركز الفيلم علي الجوانب الانسانية ... الشخصيات الرئيسية التي يتمحور الفيلم حولها هي 1- بيباتيا و 2- ديفوس ( العبد الذي وجد في المسيحية تحرير روحه و مكانته التي تليق بشخصية مثله و ترك سادته الرومان و انضم للمسيحيين و اصبح من الرهبان و تبوأ بينهم مكانه مرموقة و لكنه يكن حب خفي لهيباتيا , حبه لها و رغبته في التحرر تجعل منه شخصية مركبة في الفيلم ) و 3- اوريستس ( الطالب و النبيل الروماني الشجاع الذي يعرض عليها حبه و ترفضه و يكون فيما بعد الوالي الروماني و تكون هي في حاشيته و يكرمها ) ... و لكنى , لأول مرة و يأتي بعدهم الراهب الذي ادخل ديفوس للمسيحية 4- سايرل و اصبح فيما بعد كبير المسيحيين في الاسكندرية ثم 5- والد هيباتيا الذي قاد لمهلك الوثنيين
تركيز الفيلم علي عدة نقاط و استخدام زوايا جميلة في التصوير ... كما انهم يظهرون البحر لكما امكن في موقع الاسكندرية و علاقتة بالمباني القديمة ... من المواقف التي يركز عليها فيلم
*علاقة هيباتيا بالعبد و انها في عدة مواقف لا تنظر الي كونه عبد ام انسان حر... و تكرر اننا جميعا اخوة و ان ما يجمعنا اكثر مما يفرقناولا علاقة لنا بما يحدث بالشوارع فالعراك من شيم الدهماء ....
* عند سؤال هيباتيا مالذي تؤمن به ان كانت ترفض المسيحية اجابت انها تؤمن بالفلسفة , و انها في حوار اخر قالت ان المؤمنين بالمسيحية لا يسألون عن بعض الاشياء و لكنها لا تكف عن السؤال الدائم في محاولة ابديه للمعرفة و لذلك فتلك الديانة لا تناسبها
* عند تصوير المؤمنين بالمسيحية صورنهم علي انهم شحاذين فقراء ثيابهم قذرة و حالهم يرثي له , و ينتظرون تعطف الرهبان - الذين يرتدون السواد دائما ً - عليهم بكسرة خبز ... و يهللون فرحا ً لذلك ... لا اعلم كيف حان حال المسيحيين فيما مضى و لكني اكره تصوير من يؤمن بديانه علي انه فقير او ان البعض يتخذون من الدين مطية للسيطرة علي العامة و قيادة الجماهير الغاضبة بلا وعي و لا صوت يعلوا فوق صوت الراهب الأكبر ... ربما يون صواب لان تلك المرحلة من تاريخ المسيحية تميزت بالدموية الشديدة .
* من اللقطات التي ابرع المخرج في تصويرها هو عند دخول المسيحيين لمكتبة الاسكندرية و اجلاء الوثنيين عنها , كانوا يسقطون التماثيل بنفس الطريقة التي صور بها طالبان و هم يهدمون تماثيل بوذا .... تصويرهم من زاوية منظور عين طائر كأنهم نمل يجول بالمكتبة و يحرق الكتب في غوغائية تامة ... حتي اني وجدت تعليقات لبعض القراء الاجانب هذا التعبير في وصفهم : fourth century Christians as Taliban. مسيحيين القرن الرابع قبل الميلاد مثل طالبان ...
*تصوير المسيحيين بأنهم مثيري للمشاكل و القلاقل و يتسمون بالدموية ( كل الرهبان يحملون حجارة في حقائبهم )... بدء من الثورة علي السكان الاصليين من الوثنيين , ثم اثارة القلاقل مع اليهود , و قراءة كلام من الانجيل يحرم علي المرأة الكلام و انها لابد ان تصمت تماما ً و ان مكانها الطبيعي خلف الرجال و لذلك هيباتيا ( و كناية عن النساء عموما ً لا مكان لهن في تلك الديانة او الحضارة الجديدة ) و ايضا ً رغبة الكاهن الاكبر سايرل في ان يركع اوريستس له كناية عن سيطرة الكنيسة تماماً علي الحكم و بدء عهد الحكم الديني للبلد كما يتم يفهم من السياق الغربي لهذه الكلمة .
هذا الفيلم له شقان في وجة نظري ... الشق الاول انه يلقي بالضوء علي الحقبة التي حكم فيها المسيحيين مصر قبل الفتح الاسلامي لها ( او للدقة كان الدين الموجود آنذاك هو المسيحية ) , و هي حقبة لا نعلم عنها الكثير و ان كانت تدل كتب التاريخ و الكتابات انها كانت مليئة بالقلاقل و عدم الاستقرار و الثورات و الدموية , اما باضطهاد المسيحيين الموحدين في البداية علي يد الوثنيين , ثم تحول المسيحية للشكل الراهن رغم تصدي اريوس لفكرةالتثليث , ثم هيمنة المسيحية علي الامبراطورية الرومانية و بدء اضطهاد المسيحيين في مصر (الاغلبية ) للوثنيين و اليهود بشكل غاية في الدموية .. ثم انقسام الامبراطورية الرومانية نفسها الي شرقية ( بيزنطة - قسطنطينية ) و غربية ( روما - الفاتيكان ) و عودة للاضطهاد المسيحيين في مصر من قبل البيزنطيين كان هذا قبيل فتح مصر علي يد عمرو بن العاص .
و الشق الثاني في هذا الفيلم ... هو العداء لكل ما هو " دين " بغض النظر عن ماهيه هذا الدين ...و هذا العداء ان كان فيما مضى للمسيحية ( الديانة التي لا تصد ) فالبطل الأساسي الذي يلعب هذا الدور اليوم هو " الاسلام " ... استشعر ذلك في طيات الحديث , و الاشارات التي سبق و ذكرتها و اشارات اخري... و كأن الحضارة الغربية اليوم هي بنت الحضارة الرومانية و بنت الفلسفة اليونانية القديمة ( حتي انه في نهاية الفيلم عندما ذكروا من اكملوا علي جهود هيباتيا و اليونان عموما ً ذكروا بعدهم مباشرة يوهانز كبلر و كأن لم تأتي علي البشرية اي حضارة ساهمت في رقي العلوم مثل الحضارة الاسلامية مثلا ً ) و تريد التبرأ من كل سيادة للدين علي الحكم و كل اضطهاد يمارسه الدين ضد اليهود او المرأة او الاقليات عموما ً ... لا يمكنني شم رائحة الحياد او تحري الموضوعية دون اسقاط الواقع علي التاريخ و لكن يدس ذلك كالسم في العسل ... هذا يفسر كيف ان التعليقات علي الفيلم آتت اكلها تماما ً في وجدان المشاهدين الغربيين و ان الرسالة تم ايصالها بنجاح , حينما وضعت طالبان مع العنف و القسوة المسيحية التي كانت موجودة في القرن الرابع !!!!
هناك 6 تعليقات:
انتى جبتى الفيلم منين ، علشان نجيبه ونشوفه
نزلته من النت
بقالنا حوالي شهر بنحاول ننزلة بلو راي و ديفي دي و مش عايز نزلناه نسخة عادية و اشتغل
اول لما الاقي اللنك هحطهولك
مرحلة غامضة جداً فى مصر و محتاجة للمزيد من المعلومات الموثقة ،،، لم تعجبنى فكرة عزازيل و استخدامها كتوثيق لبعض الرؤى لمصر فى هذه الحقبة فبطل الرواية أحد المنحرفين الذين لا يؤخذ بشهادتهم بغض النظر طبعاً عن الإبداع الأدبى ليوسف زيدان فى الرواية
هيباتيا كانت باحثة عن الحق فيما يبدو فالفضيلة و الإنسانية دائماً تصل فى النهاية للدين الحق ،،،،
أتمنى أن أصل لرؤية كاملة لما حدث قبل و أثناء الفتح الإسلامى لمصر
تقديرى
فعلاً الفترة دي من حياة مصر غير واضحة المعالم بالمرة. وكمان فترة الدولة الاسلامية كتابات كتير تظهر التعسف من الحكام المسلمين وكتابات أخرى تظهر العكس ولذلك فهى فعلاً محتاجة لكثير من البحث
رابط الفيلم .........................http://www.google.com.eg/url?sa=t&source=web&cd=7&ved=0CFEQFjAG&url=http%3A%2F%2Fmasfilms.blogspot.com%2F2010%2F02%2Fdvd-agora.html&ei=pMe9TeugFcih8QOusqjNBQ&usg=AFQjCNGdzQ3Z6yrp990zulRXGPlKssoDAQ
الفيلم رائع وبالفعل بيغطي فترة مجهولة في التاريخ المصري والعالمي ايضاً، أما عن انحياز الفيلم لافكار أو قضايا معينة فهذا لا يعيبه، فكلنا لدينا مواقفنا واختياراتنا ورسائلنا التي نحاول توصيلها للاخرين، أشكر لكم تعريفنا بذلك الفيلم، لان كنت متشوق ان اري حاجة تاريخية جديدة
إرسال تعليق